| الاقتصادية
يمكن القول بأن الصناعة العالمية دخلت مؤخراً مرحلة تعاونية تغيرت بها شخصيتها وسماتها الفارقة عما عرفته منذ نهضتها أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، والتي غلب عليها حينذاك طابع النزاعات والاصطدامات الحضارية المتباينة فيما بينها كانت بعيدة حينها عن الوفاق الدولي، ويدعم ظهور هذا التغير المميز عند المقارنة بين الماضي والحاضر الاقتصادي ما نراه من تحول مراكز القوى الاقتصادية «من رباعية إلى ثنائية إلى احادية حالياً» بعد منتصف القرن العشرين المنصرم، فكانت عقلية وإدارات الصراعات الاستعمارية القهرية هادفة الحصول على الموارد الطبيعية والبشرية بمبادئ وأخلاق هي أقرب إلى شريعة الغاب وبغير حق شرعي في تسخيرها، فيها بلغ الصراع فجوره حد المتاجرة في بيع وشراء الإنسان بثمن بخس لحرث الأرض وحصادها، ويظن ان تلك الأنشطة الاقتصادية لا تزال قائمة ممارسة حتى الوقت الحاضر الالتواءات بفنونها ولكنها بصورة خفية تزينت فيها بقناع ملون برعت معه في اختيار اساليب الدهاء والمكر، بها وفرت على نفسها تكاليف مالية ضخمة لإدارة المستعمرات النائية المواقع، أما حاضرا فيبدو ان الصراعات والحروب الساخنة أضحت ليست بالضرورة هي الحل الأمثل الفاصل للسيطرة على الموارد والخامات الأولية للإنتاج الصناعي، ولم تعد الحروب الباردة التي كانت ساحتها دول العالم النامي كذلك البديل الأفضل للحصول على الأسواق، فكل إدارات الدول المتقدمة اتجهت وتحولت إلى حسابات جديدة تتكيف مع الظروف والمستجدات العالمية المختلفة شكلاً ومضموناً عما عرفته الإنسانية آنفاً، وزاد من وضوح ملامح الاستجابات الأخيرة زيادة مجالات التعاون والمشاركات والمبادلات والعضويات الدولية التي تمثلت في تكتلات اقتصادية فرضت عليها الالتزام مع الوضع المختلف تركت بموجبها مسيرة لا مخيرة مبدأ التميز والتفرقة الفوقية، وتبنت فيها الاستراتيجيات المشاركة التجارية والمنافسة على تقديم الأفضل نوعاً وكما ونحو تحرير الأسواق وانتشار مبادئ المعاملات الاقتصادية بالمثل، هذه مسببات ايجابية اذنت بالشروع في تعاون بشري بناء وانفراج لنظم اقتصادية كافية لإقناع المصدرين بضرورة البحث عن بدائل ووسائل يتم فيها تصريف السلع والخدمات المنتجة بطرق سلمية تعاونية تكسب بها ود المستهلك اينما كان، وبقيت خيارات تحديث الآليات الصناعية والاستعانة بالتقنية مطلباً لا بد منه لدخول الألفية الثالثة، ولضمان هذا التغير يفترض ان يعمل النظام التجاري العالمي بمبادئ الانفتاح والمساواة والالتزام بقواعد عدم التميز والتفريق للوصول إلى مستويات معيشية راقية للإنسان، وللمنظمات والهيئات دور كبير في تقريب المصالح المتباعدة وتحقيق العدالة بإحياء سبل الحوار لتقارب المصالح والحقوق وللتوصل إلى رؤية مستقبلية تلبي حاجات التنمية والرخاء للبشرية،
|
|
|
|
|