| مقـالات
* * رحم الله الجرجاني وخلف الأحمر وقبلهما النابغة والمنتدين في سوق عكاظ.. ومن جاء بعدهم أجمعين.
حيث قيّموا الأدب ونصوصه شعراً ونثراً وأقاموا وأسسوا النقد العربي منذ الجاهلية ومروراً بعصوره الأدبية الزاهية.
ومدارس النقد العربي شهيرة جداً بفطاحلتها وشهيرة بمعاركها الحامية واختلافاتها وهي تعتمد كلياً على التضاد والاختلاف.. وتتفق على مبدأ واحد لا تحيد عنه وهو البحث عن الإبداع وتنمية الذائقة الأدبية..
وفي الثمانينات الهجرية وكذلك التسعينات كانت الصحافة السعودية تضج بالاختلافات الأدبية الشهيرة بين أعلامها من الكتَّاب والشعراء وكذلك النقّاد الذين دخلوا المعارك بقوة.. وكانت الصحافة تعتمد اعتماداً أساسياً على «تطهير الذات»، وهو مبدأ لاحظته فيما وقعت عليه يدي من ملفات تحوي أعداداً مختلفة من تلك الفترة..
وظل الحال على بعضه القليل قبل نحو خمس عشرة سنة حيث كانت عمليات تطهير الذات الصحفية ما زالت باقية ولو في حدود ضيّقة..
لكنها في الخمس السنوات الأخيرة تلاشت نهائياً وفقدت الصحافة عاملاً هاماً من عوامل نجاحها وهو مبدأ تطهير الذات.. فلم نعد نجد نقداً..
ولم نعد نجد تقويماً أو تقييماً..
وإن وجد فهو متوارٍ يدلي به بعض القراء الذين يوشون كلامهم بكثير من الرمزية حتى يمرره الرقيب.
وأصبحت الصحافة شاسعة فسيحة لكنها تضيق جداً وتتعرج طرقاتها بكل هذا الزحام من غث الكلام وهامشية وسطحية.. وهجم على الصحافة أدعياء استعذب بعضهم التطبيل لبعض وتصعيد نجم بعضهم بعضا حتى تستحيل الفضاءات ملأى بهم فيضيع النجم الحقيقي ويختلط بالنجم «الفالصو» على طريقة أشقائنا المصريين ويتراكم الغبار ويثور نقعه من أرض نسيت كيف كانت تقوم بعمليات تطهير الذات وتنقية الأجواء..
لقد تراكم الغبار..
ولولا بعض محاولات صادقة من الأنقياء الذين ما زالوا صامدين في الساحة يرتدون الكمامات الواقية ويحقنون أوردتهم بأنفاس «الزمن الجميل» ويحاولون الصمود والبقاء من أجل عيون قراء يميِّزون بين الغث والسمين ويعرفون كيف يفرقون «بين الحوى والبسباس».
* .. لخلت الساحة ولاستطاب المكان لآلاف الأسماء المعلبة التي تعرف كل شيء وتصل لكل شيء عدا الوصول إلى قناعة قارىء حقيقي يعرف كنه اللغة الجميلة والفكر الأصيل.
* * وطالما أن الساحة الصحفية الآن مثقلة بأولئك الكتَّاب والكاتبات والشعراء والشاعرات والقاصين والقاصات الذين إذا اطلعوا على نقد لأعمالهم أو آرائهم المنشورة أو المسموعة يتضمن اختلافا وتفنيدا مالوا بشفاههم يمنة ويسرة وقالوا محض غيرة وحسد!! وتحول النقد والاختلاف والتضاد إلى مصطلحات نسائية «ضموية» مثل نار الغيرة وحريق الحسد.. ألم أقل لكم رحم الله الجرجاني وخلف الأحمر ومن جاء قبلهم وبعدهم!!
البريد الإلكتروني:
fatmaalotaibi@ayna.com
ص.ب )26659( الرياض )11496(
* «ما يعرف الحوى من البسباس» مثل تقوله بادية نجد تعبيراً عن الجهل والغشامة.
|
|
|
|
|