| محليــات
لا يمكن لأحد في الدنيا قبل ثلاثين سنة فقط أن يتصور أن سيريلانكية فقيرة صغيرة جاهلة تعيش في قرية نائية في سيريلانكا سيكون رزقها في داخل بيت في قرية في قلب جزيرة العرب. بل وتشرف على تربية أطفال العرب. ولكن الله تعالى يوزع الأرزاق والمهام. حتى أن الإنسان يستطيع أن يقول: ليه أتعب وأتعلم فهو يرى أن امرأة من سيريلانكا تعمل في الرياض وهي لا تملك أدنى موهبة أو قدرة أو حتى معرفة ولو بسيطة بهذه الدنيا. رأساً من القرية إلى الرياض. لم تجر أي تعديلات تطال عقلها أو مهاراتها الجسدية. لاحظ كيف تدار الحياة والأموال والثروات الوطنية الأمر الذي قضى بترتيب البيوت السعودية وطريقة المعيشة فيها حتى تصبح تلك العمالة ضرورية لا يمكن الاستغناء عن خدماتها. فرض تجار العقار ومن وراءهم على البلديات أن تكون أصغر قطعة أرض يتم فسحها للبناء خمسمائة متر. ثم فرضوا أسلوبا في البناء يفرض تقسيم البيت إلى أقسام متباعدة (ملاحق ومجالس للرجال ومجالس (للحريم!!) وحوشه مدخل (للحريم!!) حتى أصبح من المستحيل على ربة البيت السعودية أن تدير مثل هذا سواء من حيث الحجم أو التصميم الغريب العجيب الذي انتهت إليه بيوتنا. في الوقت الذي فرض العقاريون ومن يقف وراءهم أن تتباعد البيوت عن خدماتها بحيث يفرض على الطفل في الابتدائي أن يذهب إلى مدرسته بسيارة. مضافاً إلى ذلك التعقيدات الأخرى التي يبتكرها بعض الناس بين فترة وفترة ويفرضونها على المجتمع تحت دعاوى أخلاقية لا حصر لها حتى أصبحت العمالة الأجنبية أساسية في البيت السعودي مثل الطعام والشراب. الأمر الذي ألحق المرأة بالطفل بالمسن وتأسس السائق الأجنبي كحتمية وقضاء وقدر. ولا يمر يوم دون أن نخترع مزيداً من التعقيدات والعقبات لتكريس وجود العمالة الأجنبية البدائية في بيوتنا. يحدث هذا في الوقت الذي تجرى فيه التحولات العالمية وتعمل الدول الغربية وتتنافس على تسهيل اجراءات الهجرة إلى بلدانها لجذب المهارات التقنية والعلمية الراقية من نفس الدول التي نستقدم منها هذه العمالة العجيبة.
هم يأخذون العمالة الأجنبية لينفعوا بها اقتصادهم وتقدمهم ونحن نأخذ العمالة الأجنبية لنضر بها اقتصادنا ومكتسباتنا، فكما هو معلوم فإن العمالة الأجنبية في المملكة ترسل سنوياً ما لا يقل عن ستين مليار ريال. بينما تقوم العمالة الأجنبية في أمريكا بتحقيق دخل لأمريكا يرقى إلى مئات المليارات. هم يذهبون للهند ويتقاتلون على المهارات الراقية ويفتحون مكاتب لإغراء العلماء. أما نحن فنذهب للهند لنتقاتل على عديمي المواهب من خدم وسواويق. هم يعدلون أنظمتهم وقوانينهم حتى تستوعب أكبر عدد من القدرات الهندية المتميزة أما نحن فنعقد أوضاعنا الاجتماعية حتى نتوسع في استخدام أكبر قدر من السواويق والخدّامات. والسبب واضح (لنا خصوصيتنا).
سبحان الرازق.
|
|
|
|
|