| مقـالات
تأخذ الكثير من المفاهيم لدينا صفة القوة والثبات لأننا توارثناها جيلاً بعد آخر وبقيت تضيء في ذاكرة المجتمع دائماً وأبداً..
من تلك المفاهيم هو ارتباط الرجولة لدينا بمجموعة من الصفات المتلازمة، حيث أصبح الرجل لدينا هو ذلك الحضور القوي القادر على التحمل لكافة المواقف والمبادرة بالفعل الشجاع دائماً، وقد أخذت هذه المفاهيم منذ العصر الحجري صفة الثبات، فالرجل هو الذي يمسك بالهراوة دائماً لحماية نفسه وعائلته من وحوش الغابة وقاطعي الطريق..
ومع تقدّم وتحضّر المجتمع استمر هذا المفهوم وبدأ يتغير شيئاً فشيئاً من الشكل المادي المجرد (القوة الجسدية) إلى شكل معنوي أكثر عمقاً ورسوخاً؛ وهو القوة المعنوية.. ولذا فقد أصبح ضعف الشخصية والسلبية من أسوأ الصفات التي يمكن أن يوصف بها رجل..!
أذكر حكاية طريفة قرأتها منذ زمن.. تقول الحكاية إن رجلاً وزوجته كانا نائمين ليلاً فسمعا ضجيجاً في الخارج يشير بأن لصاً قد تسلل إلى المنزل .. أمسكت المرأة بكتف زوجها طلباً للحماية واستيقظ الرجل على صوتها وهي تقول له: يبدو أن لصاً في الخارج.. انهض بسرعة واذهب إليه!
قال لها وهو يرتجف ويشد اللحاف على وجهه:
ولمَ لا تذهبين إليه أنت وليس أنا؟!!
أجابت هامسة وهي تضغط على الكلمات خوفاً ورعباً:
قم أنت ألست أنت الرجل؟!
أجابها وهو يختفي تماماً تحت اللحاف: ليس دائماً.. ليس الآن يا سيدتي.. اذهبي أنت!!
وتبدو هذه الحكاية طريفة ومضحكة إلاّ أنها في واقع الحياة تبدو مؤلمة ومريرة، وخاصة حين تتحول إلى سلوك دائم لمواجهة كافة المواقف اليومية.. فكيف لامرأة تعيش مع مثل هذا الرجل أن تشعر بحضوره وقوته وهو بمثل هذا الضعف؟! وعلى من نلقي باللائمة حينها.. على المفاهيم الاجتماعية التي توارثناها جيلاً بعد آخر أم على التربية التي تخلق لنا رجالاً ليس لهم من الرجولة سوى مظهرها الخارجي.. ذلك المظهر الذي يتهاوى عند أدنى موقف يتطلب الصمود والثبات أو الحسم والمبادرة.
e-mail:fowzj@hotmail.com
ص ب 61905 الرياض - الرمز البريدي 11575
|
|
|
|
|