| مقـالات
وما المال والأهلون إلا ودائع
ولابد يوماً أن ترد الودائع |
فلك يدور وايام تمر وشهور والإنسان في هذا الكون الفسيح يبحر في عالم الأماني ولايعلم متى تحط مراكبه على مرسى المنايا.. وهذه طبيعة بني البشر آمال عراض وطموحات كبيرة لا تحد بل تزداد وتتضخم مع أيام العمر، ولكن سنة الله في خلقه أن الآمال تحفز إلى الأعمال، ومن عبر الحياة ونواميسها أن يوفق الإنسان اللبيب والحصيف بين سعيه في الحياة له ولمن بعده وبين أن يسعى لغده في عمل صالح مبرور وغرس ذكرى حسنة وأن يكون ختام أيامه نهاية سعيدة، ولله في خلقه شؤون، وله الأمر من قبل ومن بعد وإليه المصير.. خطرت في بالي هذه العبارات بعد ان فاضت العبرات عندما تلقيت خبر رحيل رجل كان في حياته درة المجالس ورجل المواقف وقدوة المربين وعميد وعمدة الأسرة الناصح الأمين، الشيخ المربي الجليل والعم الفاضل عبدالله الناصر الرشيد.. لقد ودَّع الحياة بعد جهد وجهاد طويلين في مشوار حافل بالعطاء والبذل في خدمة الوطن في مجال رفيع ومشرِّف هو ميدان التربية والتعليم وعلى مدى نصف قرن في الخدمة المتواصلة تخرجت على يديه خلالها أجيال وأجيال تدين له بالوفاء والعرفان وتتسلم الآن الكثير من المناصب الرفيعة بمختلف المجالات والتخصصات.. وعن مشوار فقيدنا في طلب العلم والمعرفة نأتي بهذه الإلمامة المختصرة:
1 تلقى العلم في بواكير شبابه من معين لاينضب ومنهل عذب من علماء الحرم المكي الشريف على أيدي علماء أجلاء .
2 أثناء إقامته في مكة المكرمة درس فترة من حياته في المعهد العلمي السعودي، تلقى فيه بعض العلوم الحديثة وفروع اللغة العربية وآدابها.
3 عندما انتقل الى الرياض لازم دروس سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وكذلك الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم يرحمهما الله.
4 أخذ العلم في بواكير حياته على يد قاضي الرس فضيلة الشيخ محمدبن عبدالعزيز الرشيد كما لازم شقيقه فضيلة الشيخ العلامة الراحل عبدالعزيز بن ناصر الرشيد رئيس هيئة التمييز وعضو هيئة كبار العلماء، وأخذ منه نصيباً وافراً من العلم والتفقه في العلوم الشرعية.
5 انتظم بعد ذلك في سلك التدريس وتم تعيينه كأول طليعة للمعلمين في أول مدرسة نظامية تم تأسيسها في الرس عام 1363 مع رفاق دربه مدير المدرسة الأستاذ المربي عبدالله العرفج وزميله الأستاذ/ عبدالله بن إبراهيم الطاسان رحمه الله واستمر في سلك التدريس أكثر من أربعين عاماً متواصلة كان فيها مثال الإخلاص والتضحية والقدوة الحسنة.. وفي أخريات أيامه عانى يرحمه الله من أعراض وأمراض الشيخوخة الشيء الكثير، ولكنه ظل صابراً محتسباً يناجي الخالق العظيم ويستقبل محبيه وعارفي فضله ويتبادل معهم ذكريات السنين الخوالي، وفي برنامجه الخيري كان سبَّاقاً في زرع أعمال الخير والمساهمة بالمشاريع الإنسانية في حدود إمكانياته.. وكان آخر عمل خيري قام به قبل وفاته هو تشييد وتجهيز بيت عامر من بيوت الله اختار له المنطقة الصناعية بالرس.. جعل الله أعماله ومساعيه في ميزان حسناته يوم لقاء ربه.. ومهما فصَّلنا عن مناقبه وسجاياه فلن نوفيه حقه يرحمه الله.. والآن وقد أفضى الى ما قدَّم فلن يكون موقفنا ولسان حالنا الا كما قال الشاعر:
بكينا على شيخ وإن بكاءنا
على أنفس لله منقطعات |
للتواصل ص.ب 27097
الرياض 11417 فاكس 4786864
|
|
|
|
|