أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th July,2001 العدد:10521الطبعةالاولـي الخميس 28 ,ربيع الثاني 1422

الثقافية

التحولات الرؤية والتلقي المسرحي
محمد العثيم
لعل الجميع سيصيبهم الذهول إذا قلت إن الإبداع المسرحي هذه الأيام يفوق حضوراً وكماً كل الإبداعات الثقافية الأخرى، إذا ما استثنينا المقالة الأدبية والنقدية وسنياريوهات التلفزيون، والسبب أن الرؤية تعتبر وسيلة التلقي الأولى، ولعل لذلك سبب هام وهو سقوط الشعر والقصة القصيرة في مأزق التكرار والنمطية ودخولها أنفاقاً تجريبية عجزت إلى الآن عن تجاوزها إلى أي تصور جماهيري متفاعل مكتفية أن تكون فن نخبتها وكتابها مما يحصرها في المكتوبات التي قلّت قراءتها مع أن تطور الفنون الأدبية في السابق جاء من جماهيريتها لا من نخبويتها.
هذا ليس عندنا فقط فعلى مستوى العالم مازال العرض الفني المرئي وهو بلا شك إبداع ثقافي يأخذ الأولية بسبب اتجاه عام يطغى هذه السنين، وهو استهلاك الثقافة المرئية بكل أشكالها أكثر من أي ثقافة أخرى منطوقة أو مقروءة رغم طغيان القراءة بواسطة الأجهزة ووجود تبادل ثقافي عبر الشاشات والكتاب الإلكتروني.
وكثير من الأدباء وغيرهم تفاءلوا بالرواية بصفتها مخرجاً للأزمة لكن الرواية التي كانت وما زالت أرقى الفنون الكتابية بعد المسرح تعرضت لأزمة الضعف لأن الذين ركبوا مركبها جاءوها بتصور أدائي مختلف أو كانوا يروون مذكرات سقطت في باب الهواجس الشخصية والممارسات العادية معتقدين بكتابة التاريخ الاجتماعي مع أن أغلبهم إنما يكتب التاريخ الشخصي وبعضهم يجد الرواية مهربا لأحلام لم تتحقق في أحلام الصبا والشباب، وهذا لا يلغي جهود الروائيين العرب المتميزين فأعمالهم مازالت تنفذ لأيدي قرائها.
هذا جعل الفنون العرضية المرئية بما فيها ما يكتب للتلفزيون والسينما والمسرح تزدهر بشكل كبير رغم أن معظم ما يكتب للتلفزيون بالذات من «السيناريوهات»، تحكمه مهنية معينة ونمطيات تخرج الكثير منه عن قائمة الفنون المبدعة من فنون النخبة إلى فنون الأداء المهني النمطي.
هذا يجعلني أجزم القول إن المسرح هذه الأيام ينتج إبداعاً في مستويين جماهيري ونخبوي، لكن مشكلته أنه لا يصل للجمهور العريض لأن وسائط النقل المرئي وعلى رأسها التلفزيون ليست أداة مثلى للمسرحيين لنقل إبداعاتهم الرؤية من فنون النخبة التي يلزم لها ضوء منظور خاص واتساع أفق مع ما في الحركة والعمل والإبهار مما لا تستطيع الأداة التلفزيونية نقله بكامل أشكاله إلى الآن لأنه وإن تطور الجهاز التلفزيوني المرسل إلى مستوى الأداء الرقمي تبقى أجهزة الاستقبال أقل كفاءة من المتوقع في نقل المسرح.
ليس في بالي هنا الحديث عن الانصراف عن القراءة وهو ما أصاب مثقفين وأدباء ومفكرين بل كان في بالي أن أجد مخرجا للكتاب شبيها بالقراءة الإلكترونية الحالية.
وفي الأيام القليلة الماضية لفت نظري طالب مداوم على القراءة أنه وجد القراءة عبر الشاشة أكثر امتاعا من القراءة في ورق أو كتاب، ومسألة الكتاب الإليكتروني وإن كانت جديدة عندنا فهي الآن معروفة في الغرب في عدة تجارب تلغي الورق من القراءة..
لكن القراءة بحد ذاتها سواء كانت قراءة في كتاب أو قراءة اليكتروني تستلزم عدة عمليات ذهنية في استقبال وفك الشفرات إلى الوصول للمعاني وهو الأمر الذي لا يلزم للصور المرئية التي تصل كما هي مسجلة في الذاكرة من قبل مما يجعل الاستيعاب أسرع وأكثر دقة.
وجاء بمثال على ذلك وصف مدينة في رواية، أو إعطاء صورة لها، وقال أذكر أن صورة للزير سالم بشاربين عريضين بقيت في ذاكرتي من أيام الطفولة رغم اختفاء تفاصيل وأحداث كثيرة حول سيرة الزير سالم.
لعل لكم أنتم تجارب بهذا الخصوص، لكن الرؤية إلى الآن على الأقل لا تقدم حلاً لنقل الكثير من الأفكار المعقدة والقضايا المعنوية مما يجعل البحث عن وسيلة تجمع القراءة إلى الرؤية والصوت بأسلوب جديد مسألة مهمة لأهل الفكر والإبداع.
من هذا الجانب أعود لما بدأت به، وهو أن المسرح عرف عبر العصور أيضاً بأنه أحد الوسائل المهمة في نقل الأفكار الفلسفية وبعض المسائل المنطقية للتداول العام.. ومن هذا الاتجاه كان هناك كتّاب عرفوا بأنهم فلاسفة بالأصل.
وجود المسرح إبداعاً، ووسيلة وبوصفه أبو الفنون قد يكون واحداً من الحلول للتحولات في الرؤية والمتابعة في حال تطوير أجهزة بث جماهيري قادرة على إعادة المسرح إلى مكانته الاتصالية.
إشارة هامة:
جاء في الرسالة الخاصة التي أرسلها الدكتور جمال قبش لزملائه في كلية الآداب قسم الإعلام أنه وجد اسمه قد أدرج بمحضر قسم الإعلام على انه وافق على إغلاق شعبة المسرح وأكد في نفس الرسالة التي نشرتها الجزيرة الأسبوع الماضي في صفحة المسرح أنه لم يوقّع على قرار إغلاق الشعبة ويستغرب وجود اسمه وتوقيعه في محضر الاجتماع.. الكرة الآن في مرمى قسم الإعلام.. هل هناك أساتذة آخرون لم يوقّعوا على المحضر وأدرجت أسماؤهم وتوقيعاتهم على الإغلاق للشعبة مع أنه مر وقت طويل لا يتخرج من شعبة الصحافة إلا طالب أو طالبان ولم تغلق.. نتمنى أن تراجع جامعة الملك سعود قرار إغلاق شعبة المسرح وأن يعاد فتحها للطلاب ونحن متأكدون أن كثيرين سينخرطون بها إذا ما عدلت مناهجها لتناسب الاحتياجات الحالية للممثلين والمخرجين السعوديين.
othaimm@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved