| مدارات شعبية
* لقيت أحد الشعراء البارزين مؤخراً بعد طول الغياب.. وكان من الطبيعي ان اسأله عن الجديد لديه ورؤيته تجاه الشعر والشعراء وما يدور في فلك الكلمة المجنحة هذه الأيام.. فما كان منه الا ان اجابني بابتسامة لا تخلو من حزن بقوله:
هذا زمن الرواية.. لا زمن الشعر.. ولذلك فانني احرص في الفترة الأخيرة على التهام محتويات الرواية ولا احفل بالدواوين الشعرية!
بل انني توقفت عن كتابة كل ما له علاقة بالشعر.. لانني اكتشفت في فن الرواية الأفكار الراقية والأسلوب الجاذب إلى جانب المتعة والفائدة!!
* سألته مرة أخرى.. ألم تجد ذلك في عالم الشعر وأنت احد فرسانه المبدعين كتابة.. والقاء؟!
تأمل قليلاً.. ثم خاطبني مؤكداً ان متعة الشعر وقتية وأفكاره محدودة وفرسانه في الغالب محدودو الثقافة.. تملك البابهم النزعة الذاتية ولهذا فان الغزل هو مضارهم الوحيد تقريباً.. فماذا عسانا جانين من هكذا شعر!.. مضيفاً ان الرواية تأسر قارئها رغم طول صفحاتها وعندما يضم دفتيها يشعر انه اكتشف الكثير من الزوايا الغامضة.. وتحاور مع العديد من الشخصيات الثرية وجاب مساحات واسعة من الكون والحياة فضلاً عن المتعة التي لا تقاوم من الغلاف الى الغلاف.. وهذا غير وارد في شعرنا هذه الايام الذي يدور في حلقة مفرغة ولا يخدم إلا كتّابه!
* ولانني ممن تستهويهم الرواية وتسلب البابهم أفكارها وتدهشهم اساليبها اكتفيت بالقول: ماالومك ايها الشاعر المتقاعد!! لكنني في ذات الوقت أرى ان للشعر عشاقه الذين يجدون فيه بغيتهم مهما كان مستواه وهدفه وللرواية متيموها الذين يقضون الساعات بين سطورها!!
قد اتفق معك بأن الرواية فن المرحلة وسيدة ساحة الأدب في عصرنا الحاضر لكن الشعر لا يزال محتفظاً بهيبته.. متمتعاً بعذوبته.. متألقاً بتوهجه! وإن كان ذلك على نحو لا يشبع رغبات متابعيه ولا يلبي طموحاتهم بالشكل الذي كانت عليه الحال في زمن مضى!!
* الحقيقة التي قد يوافقني البعض عليها ان الشعر في حالة جزر قد تطول وان الشعراء أو بالاحرى بعضهم مصابون بداء الكساح الشعري فالمطلوب منهم أن يتجاوزوا ذاتيتهم ويوسعوا نوافذهم الابداعية ويطوروا أدواتهم الكتابية ويمنحوا عيونهم المزيد من آفاق الثقافة ليكونوا اهلاً للمسؤولية وإلا سيظل الشعر يراوح مكانه عرضة للرياح وعوامل التعرية في مرحلة لم تعد ترحم انصاف الشعراء وادعياء الشعر!!
* لنقرأ الرواية والقصة والمقالة والدراسة النقدية وغيرها ولنكتب الشعر فليس هناك ما يمنع المبدع من تذوق ثمار حديقة الادب جديدها وتليدها.. شعرها ونثرها!!
* فمعظم الروايات التي تغزو الاسواق نابعة من حضن الشعبية.. معالجة للقضايا ذات الطابع الشعبي.. فقط ثقوا بالشعر.. واحتفلوا بالرواية!!
البريد الإلكتروني
kmk2002@maktoob.com
|
|
|
|
|