أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 18th July,2001 العدد:10520الطبعةالاولـي الاربعاء 27 ,ربيع الثاني 1422

عزيزتـي الجزيرة

قنبلته عطّلت كل المعادلات
سعيد الحوتري رسم بدمه خريطة الأقصى
كانت الصورة المأساوية البشعة للشهيد «محمد الدرة» لا تفارق مخيلتنا وصورة الطفلة البريئة «ايمان» قد حفرت الاخاديد في اذهاننا.. وترتسم امامنا في كل حين وفي كل لحظة.. كانت المشاهد الدموية والمجازر «الشارونية» مستمرة بشكل يومي على شاشات التلفزيون وعلى صفحات الصحف ومن على اغلفة المجلات.. حتى اصبحت القضية الفلسطينية واحداثها الدامية وجبة اعلامية تتغذى عليها «وكالات الانباء» ويلتذذ بها الرأي العام العالمي.. بل انها اصبحت قصة او رواية قام بنسج خطوطها وتحريك شخوصها وصنع مسرحها واحداثها وتوزيع ادوارها الصهيونية «السياسية» والذي اشرف عليها وقام باخراجها ونشرها هي هيئة الامم .. لا بل «مقبرة» الامم.. هكذا ارادوا هكذا حبذوا..
سيناريو الجروح والدماء منتظم ونهب الاراضي وتوسيع المستوطنات وهدم البيوت مستمر وخريطة «الاستدمار» طبقها «وفعلها» شارون على «مايرام».. ونحن.. ماذا عنا.. نحن..؟ كتبنا بأمواج من الحبر.. تكلمنا وخاطبنا حتى ماتت ويبست حناجرنا.. صرخنا حتى تصلبت «الاوتار» وانقطع لسان مزمارنا الصوتي.. وبتقاطر المشاهد وتزاحم المآسي ماتت احاسيسنا وتبلدت مشاعرنا واصبحنا نحرك «برؤوسنا» وليس بوسعنا فعل شيء فقط نرصد ارقام القتلى المسرعة المتصاعدة وليس لنا حول ولا قوة.. ولكن في لحظة هذا اليأس وفي لحظة هذا البؤس.. تحت قبضة هذه القوة المتجبرة الطاغية المعبأة بأحدث الوسائل والتقنيات والمجهزة بأحدث وأرقى الصناعات .. كان الشاب الرائع المجاهد البطل سعيد الحوتري يحفر على ارض الاقصى مخططه ويخط بالدم خريطته.. كان يكون ويصنع من ذاته ومن نفسه قنبلة «بشرية» تلغي كل الحسابات وترفض كل الاختلالات وكل المعادات الظالمة الجائرة.. عطلت هذه القنبلة كل المفاعلات النووية لإسرائيل وكل المعامل والقنابل البيولوجية والجرثومية والعرقية.. الخ.. كانت المنظمات الجهادية تطلق وترسل قنابلها «البشرية» في كل صوب حتى اقلقت وارقت المضاجع الاسرائيلية ولكن هذه القنبلة «البشرية» الممتلئة والمعبأة بالقنابل الصغيرة والمتفجرات والمعد لها اعدادا جيدا احدثت جرحا عميقا في الجسر الاسرائيلي وشقت الصف الاسرائيلي وكادت ان تسقط «شارون» وحكومته لولا ان تداركه المبعوث الامريكي ورفعه ومنعه من السقوط فلو رفضت المنظمة الفلسطينية الخطة وواصلت عملياتها الاستشهادية ومسيرتها الانتفاضية لأسقطت شارون واخضعت الكنيست الاسرائيلي واجبرته على قبول مساومتها لأن هذه العمليات الاستشهادية او ان صح التعبير «القنابل البشرية» ازعجت واقلقت المجتمع الاسرائيلي وجعلته يعيش في حالة من الرعب والفوضى سلبته الامان وحياة الراحة والاطمئنان اجبرت معظمهم على الرحيل حتى وصلت الاحصائيات الى اعداد كبيرة ما يقارب «المليون» الذين ذهبوا وتركوا ارض فلسطين وعادوا الى اوطانهم وهؤلاء ما جاؤوا الى اسرائيل الا من اجل المغريات «المالية» وتحسين حالتهم المعيشية لأن معظمهم من الطبقة الفقيرة اما الطبقة متوسطة المعيشة والتي دخلها المالي جيد مثل يهود امريكا فهؤلاء من المستحيل ان يأتوا الى ارض الاقصى. «سعيد الحوتري» بهذه القنبلة التي هي ارقى درجات امكانياتك وقدراتك ومنتهى جهدك وغاية اجتهادك «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» قلبت المجتمع الاسرائيلي رأسا على عقب وحولتهم الى حالة من الذعر والهلع والفوضى.. والذي يعجبنا ايها المجاهد البطل في عمليتك هو دقتك وتوقيتك وحسن الاختيار ورائعة لانتقاء.. حيث رفضت المعادلة الجائرة.. شعب يهدم ويمزق وآخرون يتغنون «سعيد» اقدامك وشهادتك ان شاء الله بطولة وعمليتك التي شرّحت و«جزّرت» ال«27» يهوديا انتصار لنا نحن الضعفاء.. نحفره على جبين التاريخ فلا تمحوه ايادي الزمن ولا تبعثره وتلخبطه ايامنا المليئة بالهزائم..
عمليتك لوحة مجد ورائعة انجاز.. عمليتك ليست قتلا ونهاية بل هي شهادة ان شاء الله وحياة دائمة ورزق كريم ولذة واستبشار بنعم الله وفضله «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين».
خالد عبدالعزيز الحمادا - بريدة

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved