| مقـالات
جعل الأستاذ الزعارير عنوان الفصل الرابع من كتابه «العلاقات مع أقطار الجزيرة العربية»، مبتدئاً حديثه بعلاقات جبل شمّر بالقصيم، فالكويت، فقطر، وفي بداية حديثه عن علاقة إمارة الجبل بأهل القصيم قال )ص 121(:
«كان على بريدة أمير من السديريين من قبل آل سعود. ثم تولّى الإمارة فيها آل أبي الخيل، فكان منها الصالح أميراً على بريدة من قبل الأمير فيصل بن تركي سنة 1280ه. وعزل عن الإمارة بعد وفاة الأمير، وفي سنة 1292ه نجح في السيطرة على الإمارة في بريدة، لكنه قتل في السنة نفسها، فتولّى الإمارة بعده ابنه حسن، ثم خلفه ابنه صالح».
وأشار في الهامش إلى أنه اعتمد في ذلك على ابن بشر. والواقع أن الموجود من تاريخ ابن بشر توقف عند أحداث سنة 1267ه. ولذلك فإنه لا يشتمل على ذكر تلك الحوادث وما الذي حدث حقيقة؟
كان أمير بريدة حينذاك من آل عليّان، وهم فرع من الأسرة التي أنشأت البلدة بعد أن كانت مورد ماء، وذلك عندما اشتراها جدّهم راشد الدريبي من ابن هذّال أحد زعماء عنزة سنة 985ه تقريبا. وظلّت إمارتها في يد الأسرة التي أنشأتها، مستقلة في البداية، ثم تابعة للحكم السعودي، إلى سنة 1277ه عندما هرب منها أميرها عبد العزيز بن محمد آل أبي عليّان خوفاً من عبد الله بن فيصل، الذي توجه الى القصيم في تلك السنة. وعيّن الإمام فيصل بن عبد الرحمن بن إبراهيم أميراً عليها، ثم عزله في السنة التالية، وعيّن محله محمد بن أحمد السديري، الذي كان أميراً في الأحساء. وفي سنة 1280ه أعاد الإمام السديري إلى إمارة الاحساء، وعيّن محلّه في بريدة أحد أفراد آل أبي عليّان، أمرائها السابقين. لكنه لم يبق في الإمارة إلا شهوراً، إذ عيّن الإمام محلّه مهنّا الصالح أبا الخيل، الذي قتله أفراد من آل أبي عليّان سنة 1292ه. فانتقم منهم ابنه حسن وأعوانه وتولّى حسن إمارة البلدة. وبذلك يتبيّن أن إمارة بريدة في أكثر سنوات تاريخها كانت في أيدي أفراد من الأسرة التي أنشأتها، وأن مهنّا أبا الخيل ظلّ أميراً لبريدة من إعادة تعيين الإمام له في الإمارة سنة 1280ه إلى مقتله سنة 1292ه، وأن السديري لم يتولّ إمارتها في الفترة المتحدّث عنها إلا سنة واحدة.
والغريب أن الأستاذ الزعارير مع أنه ذكر، هنا، بأن مهنّا أبا الخيل قد عُيِّن أميراً لبريدة سنة 1280ه، أي في عهد الإمام فيصل، إلا أنه قال )ص123(:
«بعد أن تولّى محمد بن رشيد الحكم في الجبل )وكان ذلك عام 1289ه( برز مهنّا الصالح أبو الخيل في بريدة، وتولّى إمارتها، وأصبح صاحب النفوذ في القصيم، فعقد حلفاً مع محمد بن رشيد..».
وكلامه، هنا، يفيد أن مهنّا لم يتول إمارةبريدة إلا عام 1289ه. وهذا غير صحيح. ثم إن الحلف لم يكن بين مهنّا وابن رشيد، بل بين هذا الأخير وحسن بن مهنّا.
قال الأستاذ الزعارير )ص124(:
«إن عنيزة كانت خارج التحالف الذي تم بين ابن رشيد وابن مهنّا، وكانت مسالمة لقطبي التحالف والإمام عبد الله بن فيصل، لكن حيادها لم يمنع عنها اعتداء البوادي. لذلك تعرّض أميرها لبعض الأخطار منها مهاجمة رئيس آل عاصم في سنة 1295ه».
«إن عنيزة كانت خارج التحالف الذي تم بين ابن رشيد وابن مهنّا، وكانت مسالمة لقطبي التحالف والإمام عبد الله بن فيصل. لكن حيادها لم يمنع عنها اعتداء البوادي، لذلك تعرض أميرها لبعض الأخطار منها مهاجمة رئيس آل عاصم في سنة 1295ه».
وأشار في الهامش إلى أنه اعتمد في ذلك على العقود الدرية وهو تاريخ الذكير والواقع أن حادثة رئيس آل عاصم هي الحادثة الوحيدة التي ذكرتها المصادر، ولم تكن واحدة من حوادث متعدّدة كما توحي به عبارة الأستاذ الزعارير. ثم إنه لم يكمل ما حدث. فقد نصّ الذكير، الذي اعتمد عليه الأستاذ، على أن حزام بن حشر، رئيس آل عاصم من قحطان، أغار على إبل لأهل عنيزة وأخذها، فخرج عليه أميرها بأتباعه، وهاجمه، وقتله، كما استرد ما أخذ من إبل أهل بلدته وغنم غنائم ممن أخذوها. وبذلك اتّضح أن أهل عنيزة قد أثبتوا مقدرتهم على الدفاع عن بلدتهم من اعتداء البادية.
وقال الأستاذ الزعارير )ص 124(:
«إن محمد بن رشيد التقى بقواته مع تحالف أهل القصيم وعبد الرحمن الفيصل في معركة المليداء سنة 1308ه». والواقع أن الإمام عبد الرحمن لم يحضر معه أهل القصيم تلك المعركة. ذلك أنها انتهت وهو في طريقه من الرياض إلى القصيم.
ثم قال الأستاذ الزعارير: إن ابن شيد عيّن بعد معركة المليداء عبد الله اليحيى الصالح أميراً في عنيزة. وهدا صحيح. لكنه قال بعد عدة سطور: إن ابن رشيد لم يعترض على بقاء آل سليم في عنيزة بعد معركة المليداء، و)أبقاهم أمراء في بلادهم»! وهذا غير صحيح، ويتنافى مع ما ذكره هو قبل ذلك.
قال الأستاذ الزعارير )ص 125(:
«كان عبد العزيز السليم وصالح المهنّا، زعيما عنيزة وبريدة، قد تركا القصيم وأقاما عند الشيخ مبارك في الكويت عندما سيطر ابن رشيد على تلك المنطقة.. وإن حامية ابن رشيد في بريدة استسلمت لابن سعود، سنة 1322ه، وبقي سكان الجزء الشرقي من المدينة لابن رشيد. «أما عنيزة فقد خرجت من حكمه نهائياً في5 محرم1333ه/ 1914م».
ومما يؤخذعلى الكلام السابق:
أ قد يفهم من الكلام أن عبد العزيز السليم عند سيطرة ابن رشيد على القصيم، سنة 1308ه كان زعيماً لعنيزة. وهذا غير صحيح. فقد كانت امارتها لزامل بن سليم الذي قتل في المليداء في السنة المذكورة. وبعد المعركة عيّن ابن رشيد عبد الله اليحيي أميراً للبلدة. ويفيد الكلام أن صالح بن حسن قد ترك القصيم الى الكويت بعد سيطرة ابن رشيد عليها. وهذا غير صحيح. فقد سجن في حائل من سنة 1308ه إلى أن تمكن من الفرار من السجن، بعد تسع سنوات تقريباً، إلى الكويت.
ب يفيد الكلام أن جزءاً من مدينة بريدة بقي في يد ابن رشيد بعد استسلام حاميته لابن سعود. وهذا غير صحيح، إذ لم يبق أي جزء من تلك المدينة خارج حكم ابن سعود.
ج ينص الكلام على أن عنيزة خرجت عن حكم ابن رشيد نهائياً في الخامس من محرم سنة 333ه/ 1914م. ولو لم يضع التاريخ الميلادي لقيل إن من المحتمل وقوع خطأ مطبعي، وأن المراد سنة 1322ه. ذلك أنه من الثابت أن عنيزة خرجت عن حكم ابن رشيد الى حكم الملك عبد العزيز في الخامس من محرّم سنة 1322ه.
|
|
|
|
|