| القرية الالكترونية
في أوائل التسعينات الميلادية كان مستخدمو الإنترنت قلة نادرة ولا تكاد تجد منهم إلا ندرة يسيرة يرتبط استخدامهم لها بطبيعة أعمالهم أو دراستهم وأذكر أن الحديث أصلا عن الحاسبات لم يكن له مجال لقلة العارفين به ولعدم احتلاله مكانا في مكاتب أو منازل العامة خلافا لما عليه الحال في الوقت الحاضر
ونظرا لقلة المستخدمين فقد كان المرء لايجد كبير عناء في العمل عبر الإنترنت فيما عدا تأخر التقنيات وضعف تقدمها قياسا لوقتنا الحاضر ولم يكن عدد المستخدمين عاملا مؤثرا ألبتة في استخدامها بل كان المرء يتمنى وجود من يستخدمها ممن يعرف كي يشاركه الاتصال عبرها ويتواصل معه من خلالها ولقلة المستخدمين كان الدافع لدى الناس لتعلمها ضعيفا وغير مبرر في أحيان كثيرة لعدم وجود ارتباط وثيق لها بحياة الناس
في الوقت الحالي بدأ الناس يسمعون عن أمراض الإنترنت الصحية والاجتماعية والنفسية وأصبح من الطبيعي أن تسمع أحاديث الإنترنت تعمر مجالسنا من مختلف الأعمار وأصبحت الظواهر الإنترنيتية بمختلف صورها تؤثر في حياتنا سلبا وإيجابا وعلى مختلف الأصعدة مما يعني أنها احتلت مكانة مكينة في قائمة اهتماماتنا أفرادا ومجتمعات والمؤشر الخطير هنا هو الحاجة المتنامية للإنترنت وبسرعات كبيرة وجودة متميزة مقابل الازدحام الذي تشهده الإنترنت بشكل ينذر بخطر مستقبلي فالمجتمع التقني بحاجة للتفكير بطرق تزيد من فعالية تقنيات الإنترنت وترشيد استخدامها في ذات الوقت بحيث يقل حجم العبث في استخدامها مقابل الاستخدام الجاد والهادف الذي كان بالأصل سبب ظهورها الإنترنت جاءت وليدة تعاون أكاديمي عسكري وجاء تطورها الأخير الذي شهدته التسعينات الميلادية نتيجة دعم تقني وتجاري أدى لانتشارها إلى دول العالم وكان انتشارها سببا في التفكير في بديل ليحل محلها لأنها تلوثت واصطبغت بالصبغة التجارية والترفيهية والعبثية التي جعلتها غير مجدية بصورتها الحالية للاستخدام الأكاديمي أو البحثي أو العسكري المتقدم لذا بدأ المختصون في تطوير الإنترنت الثانية أو ما رمز له بالإنترنت 2 وهي شبكات ستخصص لاستخدام عدد محدود من الأكاديميين والباحثين والعلماء في دول مختارة في العالم بحيث لا يكبل تواصل هؤلاء العلماء أية قيود مما تعانيه الإنترنت الحالية في الماضي كنت إذا أرسلت رسالة البريد الإلكتروني إلى قائمة بريدية ما كانت نسختي تصلني مباشرة وبمجرد تغيير الشاشة وكان ذلك يحدث رغم أنني أتصل عبر مودم لا تتعدى سرعته28. 800 نبضة في الثانية وفي أنظمة رديئة وخادمات ضعيفة لكن عدد المستخدمين كان ضئيلا جدا أما في الوقت الحالي فيعجب المرء من كثرة تأخر رسائل القوائم البريدية والرسائل البريدية الشخصية ففي بعض الأحيان يرسل المستخدم ملفا ما أو رسالة بريدية إلى صديق له ثم يسأله عبر برنامج التراسل الحي Messengers عنها فيرد عليه بأنها لم تصل بعد فما معنى ذلك؟ إنه الزحام والحركة الدائبة على الإنترنت
وقد وصل الحال إلى ماهو أسوأ من ذلك فقد لاحظت كما لاحظ كثيرون غيري أن بعض الرسائل أصبحت تفقد من القوائم البريدية فيرسلها العضو ويبقى زمنا ينتظر ظهورها على القائمة لكنها لا تظهر فيفاجأ بأنها فقدت ولسبب غير معلوم لكن الزيادة غير المحتملة مقابل ضعف التقنيات عن تحمل الأحمال الزائدة من المشاركين تؤدي أحيانا إلى أخطاء من هذا القبيل مقابل ذلك تحدث أخطاء غريبة كأن تصلك رسالة مؤرخة بتاريخ قديم فتعجب من ذلك ولاتجد له تفسيرا وتقوم بحذف هذه الرسالة وحسب لكن وصولها وتكراره عائد إلى الأعطال التي باتت تؤثر في جودة الخدمات والتي تعود بالمقام الأول إلى الحركة المتزايدة على الإنترنت
إن ما يمني التقنيون أنفسهم والسوق به من خدمات واعدة ومتميزة قد لايتحقق الكثير منها ما لم يتغير حال الإنترنت عما هي عليه الآن ونظرا لأن الإنترنت أصبحت جزءا رئيسا في العملية التعليمية في غالب دول العالم فإن مؤشر الخطر يزداد احمرارا لأن عدد المستخدمين في تزايد لا تناقص بينما حال الإنترنت في تدهور وخدماتها في تضعضع مستمر بسبب الارتفاع المتزايد في عدد المستخدمين وما الإنذار الذي أطلقه تقنيو الإنترنت مؤخرا من أن نطاقات الإنترنت domainsمقبلة على الانتهاء في أوائل هذا القرن الميلادي إلا مؤشر على ما تعانيه الإنترنت من زحام .
|
|
|
|
|