| الفنيــة
* القاهرة إنصاف زكي:
فيلم أيام السادات.. هو حدث الصيف السينمائي المصري هذا العام بلا منازع فبعد تمهيد طال لأكثر من ست سنوات أطل فيلم أيام السادات حاملاً معه جدلاً لاينتهي غطى كافة الأوساط المصرية وليست السينمائية فقط.
وأعاد الفيلم للأذهان تلك الأيام الخوالي بحلوها ومرها وتناقضاتها المثيرة فالسادات الذي شغل الناس في مصر والعالم العربي في حياته يشغلهم حالياً على شاشة السينما في الفيلم الذي قام ببطولته النجم أحمد زكي وميرفت أمين ومنى زكي وأخرجه محمد خان.
وكما توقع النقاد وكذلك أصحاب الفيلم قبل عرضه أن يثير العمل ضجة كبيرة جاءت توقعاتهم في محلها بل وأكبر مما توقعوه فقد أحدث الفيلم اختلافات كثيرة وتضارباً في الرؤى فبرغم التقدير الرسمي الذي تمثل في قيام الرئيس حسني مبارك بتكريم أبطال الفيلم ومنحهم الأوسمة من الدرجة الأولى والثانية.
إلا أن ذلك لم يمنع من وجود آراء أخرى للنقاد والجماهير وصل بعضها إلى حد التطرف إيجاباً أو سلباً وهو ما كان يستشعره بطل الفيلم أحمد زكي حينما ناشد النقاد والصحفيين قبل أول عرض للفيلم أن يروا الفيلم بمنظور فني وأن يتركوا أفكارهم المسبقة خارج القاعة.
وعلى عكس رغبة أحمد زكي لم يستطع أحد فصل السياسة عن عمل يقدم شخصية سياسية من الطراز الأول ويتناول حياة مليئة بالدراما والمواقف والتحولات والآن وبعد عرض الفيلم جماهيرياً ماذا يراه النقاد؟!
سطحية
فور رؤيته للفيلم أكد الناقد السينمائي رفيق الصبان أن الفيلم جاء بشكل متسارع وسطحي لأن صناع الفيلم أرادوا قول كل شيء عن حياة السادات من الألف إلى الياء طفولته في الريف تعليمه بالكتاب انتماء إلى الجيش علاقته مع الألحان اشتراكه وبراءته من حادث مقتل أمين عثمان ، إبعاده عن الجيش، عمله في شتى الأعمال اليدوية كقطع الأحجار من الجبال أو حمل البضائع إلى السيارات.
ثم تعرفه على جيهان التي تصغره بسنوات كثيرة وزواجه منها واشتراكه مع الضباط الأحرار ودوره الغامض في ثورة يوليو وترقيته في المناصب الإدارية وثقة عبدالناصر به وتكليفه بمهام نائب الرئيس ثم وفاة عبدالناصر وتوليه زمام السلطة ومحاولة الانقلاب عليه وسيطرته على خصومه الذين أطلق عليهم مراكز القوى وإيداعهم السجون وطرده للخبراء الروس وسياسة اللا سلم واللا حرب وانتصار اكتوبر وتنبيهه لسياسة الانفتاح وتوجهه للسلام وزيارته لاسرائيل ومعاهدة كامب ديفيد وأخيراً مصرعه على المنصة . . كل هذه الأحداث تأتي في فيلم واحد وبشكل لا يتيح للمتفرج التفكير ويضيف الصبان:
رغم تقمص أحمد زكي لشخصية السادات باقتدار إلا أن الفيلم جاء مليئاً بالتصرفات المتناقضة والتي قد تفسر أحيانا تفسيرات مخلة بصياغة الفيلم أو سياسة بعد النظر التي أعادت لمصر أرضها المغتصبة حتى لو كان جديراً على الاطلاق وحتى عندما يحاول أن يظهر النواحي السلبية في شخصية السادات كموقفه من أحد الطلاب الذي يناقشه أو حديثه عن الديموقراطية وسخريته منها جاءت كل هذه المواقف دون تبرير نفسي أو سياسي وبدت كأنها نوع من النزوات العابرة الأمر الذي زاد من سطحية الفيلم وجاء بلا أي موقف واضح. ولذلك علينا أن ننتظر فيلماً آخر عن السادات أكثر وضوحاً وتميزاً.
رؤية عابرة
الناقد الفني الكبير كمال رمزي يؤكد أنه سواء اختلفنا أو اتفقنا مع سياسة السادات فإنه شخصية سياسية ألقت بظلها الكبير على الحياة العامة في مصر والعالم العربي وترك أثراً مازال سارياً حتى الآن والمشكلة في فيلم أيام السادات أنه لا يحمل وجهة نظر وإنما مجرد روايةعابرة دون تعميق لأحداث نعرفها جميعاً.
وكان من المنتظر أن نجم كبير مثل أحمد زكي ومخرج متميز مثل محمد خان أن يقدما فيلماً هاماً مثل فيلم غاندي الذي قام ببطولته الممثل العالمي بن كينجلي أو فيلم نيكسون ل انطوني هوبكنز.
ولكن فيلم أيام السادات لا يحمل أي مضمون أو حتى أداء تمثيلي مقنع فالنجم أحمد زكي اكتفى برسم الشكل االخار جي للسادات وأهمل تماما ا لأحاسيس الداخلية وردود الأفعال وهذا ما يثير التعجب من ممثل مقتدر كأحمد زكي وعلى طريقة السادات نفسه في السخرية من كل شيء وتصوير الأمور بشكل كاريكاتوري جاء
أداء أحمد زكي في شكل كاريكاتوري مثير للسخرية.
فلم يسبر غور الشخصية التي يؤديها لذلك لم يترك الفيلم أي تأثير ولم يمس أي مشاعر إنسانية فأيام السادات مجرد صفحة من جريدة يومية تستعرض حياة السادات وتمر على المواقف مرور الكرام بل تناست مواقف أخرى متعمدة ولا أعرف ما الغرض من ذلك وكل ما أود قوله أنه فيلم ساذج صنع بسذاجة متناهية.
ويتفق مع الآراء السابقة الناقد السينمائي طارق الشناوي حيث يرى أن الفيلم جاء محملاً بالمشاهد الباهتة ولم يقل شيئاً ولم يرو عن أيام السادات شيئاً ذا قيمة واكتفى برسم الصورة الخارجية دون التطرق إلى أي جوهر أو قضية ولكن الشيء الوحيد الذي يحسب للفيلم هو تجسيد أحمد زكي وتقمصه لشخصية السادات .
وأرى أن هذا الأداء لم يوظف توظيفاً جيداً والنقص في ذلك يعود للسيناريو فقد اعتمد الكاتب أحمد بهجت بالأساس على كتاب السادات نفسه لذلك لم يتعمق في قول شيء وجاءت النظرة أحادية انعكست على رؤية الفيلم لشخصيات أسهمت في رسم تاريخ مصر في فترة الثورة وما بعدها.
كما أن الفيلم تجاهل علاقة السادات بالاخوان المسلمين كذلك علاقته بعبدالحكيم عامر وغيره من الشخصيات كأنيس منصور وأحمد بهاء الدين فجاء الفيلم يحمل حساً تسجيلياً أحادي النظرة وليس درامياً فالسادات هو من يضع الأحداث ثم يعلق عليها ولذلك جاء الفيلم مونولوجاً مطولاً رغم أن السادات شخصية درامية من الطراز الأول وأيامه مليئة بالتناقضات والمفارقات المثيرة.
افتقاد الدراما
وترى الناقدة ماجدة موريس أنه بعيداً عن الخلافات السياسية افتقد الفيلم وجود أهم شيء أساسي يمكن أن ينبني عليه عمل فني وهو الدراما فقد جاءت أيام السادات خالية من الدراما وما شاهدناه صوراً من جريدة سينمائية ناطقة تحكى في فلاشات ومشاهد رحلة السادات وأيامه من البداية للنهاية .
وكان من الصعب أن يمسك السيناريست أحمد بهجت بخيط درامي واحد في زخم الخيوط المتداخلة والمتشابكة في حياة السادات ولم نر صراعاً يذكر في بناء الشخصية الرئيسية وهو أحمد زكي أو أية شخصيات أخرى والتي جاءت هامشية أو مهمشة عمداً «لاندري» فنحن أمام فيلم يفتقد أدق مقومات العمل الفني .
كما لم يشفع الأداء البارع لأحمد زكي في إخفاء حقيقة أن الفيلم باهت وسطحي.
ولم تقتصر الانتقادات على النقاد بمصر فقد وصف موقع الإذاعة البريطانيةBBC على شبكة الانترنت مؤخراً أن فيلم أيام السادات بأنه تافه ويحرض على وقف الانتفاضة الفلسطينية .
وأشار الموقع إلى أن الرئيس السادات كان رجلاً يتعامل مع الضباط الأحرار والمقربين من الملك فاروق في آن واحد في إشارة إلى الحرس الحديدي وأعاد الموقع من خلال تقرير عن الفيلم التذكير بأن السادات فضل ليلة الثورة اصطحاب زوجته إلى السينما وافتعال مشاجرة هناك وقت تنفيذ الضباط الأحرار لثورتهم.
|
|
|
|
|