| مقـالات
ليس هناك من مصير أكثر بؤساً من مصير ورقة )معاملة( وقعت في شرك عنكبوت )بيروقراطية( دول العام الثالث. تتلاطمها الأيدي والأدراج وهي أسيرة رقم وتقسيم ومصير معتم، ونزيف للوقت الاداري والمال العام وأشجار الغابات التي تذبح في سبيل أنظمة صنعت من أجل البشر ومن ثم تحولت ضدهم، لأنها بالتأكيد غير قادرة على الانعتاق من سكونيتها وجمودها، لا تملك الرحم الخلاق الذي من الممكن ان يصنع حلولا عصرية وناجعة وتتماشى مع التحولات العصرية شديدة الاندفاع.
يقولون ان بيروقراطية العالم الثالث هي ارث )تركي( قديم في ذلك الزمن الذي كان فيه الباب العالي يحاول ان يهيمن على امصار ودول لا تملك له الولاء أو الاخلاص فكانت هذه الدوامة العجيبة من وفود الوارد وجيوش الصادر.
ولكن المعربين للأسف اختاروا لهذا النظام اسماء عذبة جميلة تتعلق بأهم مورد للحياة في تاريخنا الصحراوي.
فعن الصادر قال الله سبحانه وتعالى )قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير( القصص 22.
وأما عن الورود فلطالما جاء ذكرها في الشعر الجاهلي القديم ومنها ما جاء في معلقة عمرو ابن كلثوم:
ونشرب إن وردنا الماء صفواً
ويشرب غيرنا كدراً وطينا |
ولكن هاتين الكلمتين ظلتا تتشكلان عبر السنين والأزمنة، لتقعا في شرك هذا المعنى الثقيل الشاحب، وقد فسر احد علماء الاجتماع العرب اسباب هيمنة الروتين والأنظمة البيروقراطية وأرجعها الى غياب القدرة على المبادرة والإبداع الفردي في ظل أنظمة شمولية مهيمنة وقامعة وتعتمد في الغالب على الادارة المركزية، والتي لا تحبذ القرارات الفردية المستقلة عن نطاق رأس الهرم السلطوي.
وقد تظهر بين الفينة والأخرى طفرات إدارية تسعى إلى التخلص من هذه الدوامة وتقلص من علاقة الاطراف بالمركز نوعا ما مع اعطاء المزيد من الصلاحيات للاطراف ولكن هذه الصلاحيات سرعان ما تتقلص وتتلاشى نتيجة كما أسلفت عدم القدرة على اتخاذ القرارات الجريئة والمبدعة في نفس الوقت.
e-mail:omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|