| القرية الالكترونية
تحدثت في الاسبوع الماضي عن ثورة الاتصالات وسوف اتناول في هذا المقال مظاهر واتجاهات ثورة المعلومات بصفة عامة ان المتتبع لثورة الاتصالات يجد انه منذ ما يزيد على عشرين عاما كان الهاتف اعقد وسيلة من وسائل تقنية الاتصال عن بعد اما اليوم ونحن نستشرف بداية الالفية الثالثة فقد اصبحت الوسائل الشائعة للاتصالات المحلية والدولية تشمل الاجهزة المتطورة مثل اجهزة المؤتمرات المرئية واجهزة الناسوخ )الفاكس( والبريد الصوتي والهاتف النقال والبريد الالكتروني وخدمات الانترنت والانترنت واذا كان هذا في مجال التقنيات بصفة عامة فان التقدم لم يقتصر على تلك الاجهزة بل تعدى الى البرامج ايضا حيث اصبح من المألوف ظهور برامج خاصة وفق احتياجاتها لدرجة ان اصبح الحاسوب عاملا مساعدا في تركيب الشعر.
ومهما يكن من امر فقد اصبح من الواقع القول بأن التدفق الهائل من المعلومات احدث تغييرا هائلا حتى في سلوك الافراد وان كان هذا الوصف لا يصل الى درجة كاملة من الدقة فالقوة والسرعة هما عماد تقنية المعلومات ولعل اكثر ما يثير الدهشة هو السرعة التي تطوى بها ابتكارات اليوم لتدرج سجل الماضي فشتان بين الكابلات المصنوعة من الانسجة الضوئية التي ابتكرت في التسعينيات وكابلات الهاتف التي مدت عبر المحيط الاطلسي في اواخر الخمسينيات. وعندما قدمت مؤسسة انتل )Intel Corporation( رقائق الحاسوب لاول مرة عام 1971م حدثت تغييرات جذرية في سوق الالكترونيات ويتنبأ بعض المتخصصين في الحاسوب انه بحلول عام 2047م اي بعد مرور قرن كامل على اختراع الترانزيستور سوف تبلغ قدرة الرقائق 10 ملايين ضعف مقدار ماهي عليه اليوم وتبين الاحصائيات الاقتصادية صحة هذه الآراء ففي الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال يمثل انفاق المستهلكين من الافراد والشركات على المعدات المتطورة 38% من حجم النمو الاقتصادي عام 1990م وفي عام 1994م ارتفع حجم الانفاق الاوروبي على البرامج والخدمات المتعلقة بتقنية المعلومات بنسبة 9% بحيث وصل الى 74 مليار دولار كما ارتفعت اجهزة الحاسوب في الشرق الاوسط بنسبة 14% سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية ومن المتوقع ان يزداد ارتفاعها في السنوات المقبلة. حقا ان العالم يمر بحقبة جديدة في تطور سبل ايصال المعلومات فتقنيات الاتصالات تتفجر يوما بعد يوم ولا يمكن التنبؤ لعالم الاتصالات في المستقبل حيث يقول سيتلر ليس من السهل التنبؤ بمستقبل استخدام التقنية في مجالات الحياة ولكن التبنؤ السهل الذي ينبغي ان ينبىء عليه المستقبل هو ان الاشياء التي تحصل عادة تكون اكبر مما تم توقعه.ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل اصبح تداول المعلومات عن طريق الحاسب الآلي باستخدام الانترنت امرا يدعو للحيرة والقلق بنفس الوقت وعندما تحدث ) 1994 Will Hively( عن عصر )قرن( المعلومات قال ان الالياف البصرية سوف يكون لديها القدرة على ارسال مئات المحطات التلفزيونية وسوف تتيح الفرصة لكل بيت للدخول الى مكتبات العالم بل سوف تكون لدى هذه الالياف القدرة على حمل اكثر من 10 ملايين رسالة في الثانية ثم علق على هذا جوردون وجينيتي بقولهما نحن بحاجة الى اعادة تصميم منازلنا من حيث انها سوف تكون مصدرا من مصادر التعلم في القرن القادم ثم ان تعلم الفرد على التعامل مع التقنية بجميع مفاهيمها يعتبر من المطالب والمقومات الاساسية لبناء المجتمعات في العصر القادم.
وقد توج الاتحاد الاوروبي هذه الاتجاهات في مؤتمر وزراء الدول الصناعية السبع الكبرى الذي حضره آل جور في بروكسل في شباط فبراير 1995م كما حضر هذا المؤتمر ولاول مرة اربعون ممثلا من القطاع الخاص شاركوا في المؤتمر بصفة رسمية وفي ختام المؤتمر اعلن جاك سانتير رئيس المؤتمر ورئيس اللجنة الاوروبية عن وثيقة بعنوان خاتمة الرئاسة تؤكد على ان تطوير مجتمع المعلومات امر حيوي لمستقبل القدرة التنافسية في اوروبا.
ومن اهم المشروعات الريادية في هذا المؤتمر ما يلي:
* اعداد قائمة عالمية حول تأثير مجتمع المعلومات.
* الربط بين الشبكات واسعة النطاق.
* التعليم والتدريب عبر الثقافات المختلفة.
* المكتبات الالكترونية.
* المتاحف والمعارض الفنية الالكترونية.
* ادارة الموارد الطبيعية والبيئة.
* المعلومات الحكومية المعتمدة على الحاسوب.
والعالم العربي ليس مستبعدا عن هذا المشروع العالمي بل انه يترقب بتفاؤل عصر مجتمع المعلومات ولقد اوضحت الخبرة ان الاتصال عبر الاقمار الصناعية جعل المشاهد العربي يرى من خلال التلفزيون مزيدا من المعلومات مما ادى الى زيادة الوعي الاجتماعي وبالتالي إلى شحذ الحس النقدي لديه ومن خلال هذا الوعي صار المواطن العربي اكثر تفاعلا من خلال تصدير الخدمات عبر الاتصالات العالية الجودة باسعار لا تنافس بفضل وضعها الثقافي واللغوي في المقام الاول وترى بعض الدراسات ان الدول العربية تستطيع ان تستوعب ما بين 1% الى 5% من فرص العمل التي تتيحها الدول الصناعية.اخيرا يجب ان اشير الى ان آخر ثورة في عصر الاتصالات هي ثورة الانترنت التي جمعت بين الصوت والصورة والحركة بتكلفة لا تكاد تذكر وتشير الابحاث الى ان سرعة الانترنت في القريب العاجل في نقل الصورة والحركة ستكون مماثلة للتلفزيون وليس سرا بأن نقول ان مستخدمي الانترنت بلغوا أكثر من 500 مليون في اقل من 10 سنوات وللحديث بقية..
*جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية
almosa@almosa.net
|
|
|
|
|