أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th July,2001 العدد:10515الطبعةالاولـي الجمعة 22 ,ربيع الثاني 1422

أفاق اسلامية

رياض الفكر
قضية الفشل
سلمان بن محمد العُمري
إذا ما نظرنا إلى سيرة حياة البشرية على نحو إجمالي وجدنا أن التطور والتقدم يسيران بشكل عام نحو الأمام، وهذا يدل بطبيعهة الحال على تقدم العلوم التي علمنا الله سبحانه إياها، ومنحنا بعض أسرارها بحيث نعرف اليوم أكثر من الأمس، كما يدل بطبيعة الحال على رجحان كفة المتفوقين، الذين يسعون لدفع البشرية نحو الأمام على كفة الآخرين الذين يشكلون عبئاً على التطور، أو أنهم يحاولون جر عملية التاريخ والحضارة نحو الخلف.
إذاً هناك عقبات بشرية في طريق التطور، وهذه حقيقة. والأمر الذي ينطبق على البشرية ينطبق جزئيا وبشكل صادق على كل مؤسسة ومنشأة ومجتمع وأمة ودولة وحتى على كل أسرة، ففي كل كيان اجتماعي هناك عقبات بشرية تحول دون مسيرة التطور، أو تعرقلها، أو تدفعها بشكل معاكس، وتلك العقبات قد تكون قصدية أو بغير قصد، ومنها على وجه التحديد والتدقيق ما يوصف بالفاشل، والفاشل هو الذي كان نصيبه ونتاج عمله الفشل، وللفشل أسباب، منها الذاتية النابعة من شخصية الإنسان، ومنها الخارجية المتعلقة بظروف محيطة بالشخص من بيئة إلى أسرة إلى أوضاع مالية وعاطفية واجتماعية إلى ظروف قاهرة أكبر من ذلك، والفشل بحد ذاته قد يحصل مع أي إنسان، فلكل جواد كبوة، ولكن أن يصبح الانسان فاشلا بمعنى أن تسيطر عليه روح الهزيمة والانكسار، فهذه هي الطامة الكبرى والحالة المرضية التي تؤدي لمعاكسة التطور إما بقصد الانتقام والتشويه، أو بفقدان المجتمع لعنصر فاعل من أبنائه.
ما تحدثنا عنه إذاً يمكن أن يحدث في أي مكان وزمان، وهناك من أولئك الذين طغت عليهم روح الفشل قسم ينسحبون من المجتمع بشكل انعزالي، أو أنهم قد يسعون لاحقا لترميم أنفسهم والانطلاق من جديد، وهذا وارد، ولكن هناك نوعا آخر يبقى في الفشل دائراً في فلكه ولا يخرج من محيطه ويحاول اسقاط نتائج هزيمته وانكساره على غيره، وذلك للصعود الكاذب على أكتاف الآخرين، أو للحفاظ على موقع معين، فهؤلاء يجمعون إلى سوء الأداء والانحياز لكل عيوب الموظف الفاشل الذي يهمه في الدرجة الأولى والمقام الأول الاساءة إلى الآخرين والسعي بالنميمة والغيبة والوشاية ضد الناجحين من زملاء المهنة والعياذ بالله.
والنتيجة ماذا تكون؟!
الفشل يزداد أكثر وأكثر، والشعور بالخيبة يتعمق ويتأجج أكثر، ونيران الحقد تكبر وتزداد، والغيرة المرضية تصبح بلا حدود.
ويترتب على ذلك أن يزداد كره المجتمع لهم وينبذهم من بين كيان أفراده، أما العمل فقد تكون النتيجة أحياناً مؤسفة حيث يتوخى هؤلاء الزملاء معاقبتهم أو طردهم، أو ما شابه ذلك، بسبب النميمة والوشاية وما إلى هنالك من أعمال دنيئة يقوم بها الفاشلون.
وبالنسبة للمؤسسة فإن الأمر يتوقف على قدرة الإدارة على التمييز بين الصالح والطالح، فإن استطاعت ذلك، وتخلصت من النخر بين أفرادها كان الصلاح طريقها، وإن عجزت عن ذلك وسيطر أولئك الفاشلون على مقاليد الأمور سارت إلى الهاوية لا سمح الله وكانت النتائج لا تحمد عقباها، فالفاشل غير قادر على إدارة نفسه، فما بالك إن وليته رعاية غيره
إزاء هذه القضية ينبغي وضع الحل الموضوعي لهذه الاشكالية، ولا يكون ذلك إلا بالنصح والتوجيه والتقويم والمجادلة بالتي هي أحسن، واعادتهم إلى جادة الصواب ونهج الحق، وبالتأكيد فإن الحل الاسلامي يبقى وسيبقى الامثل لكل هذه الحالات وغيرها، وبمقدار ما يتجذر الاسلام في صاحبه فإن الانسان يكون سعيداً وبعيداً عن الفشل بإذن الله.
وإن لم تجد النصيحة والحوار فيجب فضح وسائل أولئك الغافلين، وطرقهم وأساليبهم الشنيعة، ولفت نظر المسؤولين والادارة إلى عملهم، وسوء سلوكهم، ليتم علاجهم على النحو الواجب والضروري.
تلك هي قضية الفشل، أبعده الله عنا وعنكم، وجعلنا من الذين لا يعملون إلا لوجه الله تعالى وبهذا يكون عملنا على الدوام بعيداً عن الفشل، لأننا ننظر إلى ثواب من عند الله العزيز القدير وننسى ما عداه من شؤون الدنيا. والله وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved