| أفاق اسلامية
تنبري للتائب في أول خطوة يخطوها في طريق توبته معوقات وعقبات ربما رآها كالطود العظيم، ولكن ما ان يخلص النية لله ويتذكر ثقته التي لا تنقطع أبداً بالهادي سبحانه الذي هداه من ضلالة وعلمه من جهالة الا كانت أسهل ما يمكن ان يتجاوزه فيتجاوزها بإذن الله وتوفيقه بالاضافة الى تلك الثقة التي لا تنقطع يأتي عامل آخر يزيد التائب عزيمة وإصراراً على تجاوز هذه العقبات ألا وهو المجتمع المحيط به، فمن الاصدقاء والزملاء في العمل والجيران بل وحتى الزوجة والاولاد والاقارب تجد منهم مفاتيح للخير والهداية، ومنهم مفاتيح للشروالغواية، فمفاتيح الخير والهداية هم أولئك القوم الذين قال الله تعالى عنهم: )وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون(، هم أولئك القوم الذين تتهلل وجوههم فرحاً بتوبة التائب بل تجدهم على الدوام إخوة له يذكرونه اذا نسي ويعينونه اذا ذكر ويأخذون بيده ليسير معهم والأمل يحدوهم جميعاً بأن يلتقوا برحمة الله في الجنة قال تعالى: )إن المتقين في جنات وعيون)( ادخلوها بسلام آمنين)( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين)( لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين( اما مفاتيح الشر والغواية فهم أولئك القوم الذين قال الله تعالى عنهم )الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد( الذين يضعون في طريق التائب العقبات تلو العقبات وذلك بطرق مدروسة بعناية فائقة ومكر عظيم أملا في رده الى ماضيه ماضي الضياع والحرمان من لذة الإيمان ويسعون بكل ما يملكون من وسائل لحجب نور الهداية عن قلبه ليبقى معهم في ضلالهم يتخبط كما هم يتخبطون ، بل إنهم ليتواصون بذلك مع كل بداية لهذا الطريق بتلك الوسائل وذلك ليس بجديد فمنذ خلق الله الخلق وهو ديدنهم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ولكن قافلة الحق تسير ولا يضيرها مكرهم وصدق الله ومن اصدق من الله قيلا: )يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون(، ومما يجدر ذكره في فضل الصحبة ما رواه ابوسعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الارض فدُلّ على راهب. فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال: لا.. فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينك وبين التوبة؟! انطلق الى ارض كذا وكذا فان بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع الى أرضك فانها أرض سوء، فانطلق حتى اذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت: ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلاً بقلبه الى الله تعالى،وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط.فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم أي حكماً فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى الى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة( ، وفي رواية في الصحيح )كان الى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها( وفي رواية في الصحيح: )فأوحى الله الى هذه أن تباعدي والى هذه أن تقربي(وقال: )قيسوا ما بينهما فوجدوه الى هذه أقرب بشبر فغفر الله له( وفي رواية: )فنأى بصدره نحوها(، والمتأمل لهذا الحديث يجد فوائد عظيمة منها: وضوح الفرق بين العالم وبين العابد وعلو شأن العلم والعلماء، ووجوب البعد عن أهل المعاصي وعن كل ما يذكر المرء بالمعصية، وأهمية مصاحبة أهل العلم والتقوى والصلاح وبذل كل ما يمكن بذله لمصاحبتهم!!
|
|
|
|
|