| الاقتصادية
توجد لدينا ظاهرة فريدة في عالم الشركات يبدو أننا تفردنا بها اضافة الى أشياء أخرى تخصنا دون غيرنا مثل سهولة ابراء ذمة مجلس الادارة وزوال مسؤولية المدير بزواله ومكافأة المقصرين أو «زحلقتهم!!» الى أماكن أفضل وغير ذلك، هذه الظاهرة من الممكن ان نسميها «الشركات المفصلة» وهي الشركات التي تقوم تحديداً وخصيصاً وفقط من أجل الاستثمار في مشروع واحد أو فرصة يتيمة، كيف نفهم أن تأسيس شركة ما يسبق بمجرد بضعة أيام أو عدة سويعات قيام أو الاعلان عن مشروع أو فكرة استثمارية؟ ثم تحصل الشركة الوليدة على «الجمل بما حمل»!! يا لها من صدف عجيبة وأرزاق مقدرة!!،
الشركات المفصلة هي استمرار وتأكيد للدور المأساوي الذي تؤديه ممارسات راسخة في قطاع الأعمال أصبحت مثل المعطيات والوصفات الضرورية للنجاح الاستثماري، ونقصد بذلك تجارة المعلومات الداخلية ) inside trading ( والمحسوبية والواسطة التي تحف بها سلوكيات أخرى شائنة، وهي التي تجعل المنافسة المفتوحة لدينا مثل أحلام صاحب جرة العسل المتكسرة على قاعدة «الأقربون أولى بالصفقة»!! والقرابة في غالب الأحوال ليست بالضرورة قرابة نسب ولكنها قرابة «شد وقطع» ولا عزاء للنظيفين!! ولأن الخطأ يولد خطأ يلاحظ أن بعض هذه الشركات المفصلة هي في الحقيقة «وهمية» كذلك بحيث تؤسس بأسماء معينة وهي من الأساس ملك لصاحب القرار في المشروع المقترح أو الفرصة الاستثمارية حديثة الولادة «ومن له حيلة فليحتال»،
غياب المنافسة المفتوحة القائمة على الجدارة والكفاءة هي أكبر مشكلة تواجه قطاع الأعمال لدينا خاصة ونحن على أبواب الانفتاح الاقتصادي العالمي المخيف، شركاتنا التي استمرأت أسلوب العمل بمعلومات مسبقة ومضمونة وارتاحت للمشاريع المفصلة واللعبة السياقتصادية، ، قد تجد بل ستجد نفسها في خضم عالم مختلف يعطي اهتماماً أكبر لأسس التقييم المحايد والمعلومات المتاحة للجميع والمهنية الادارية والاحترافية الاستثمارية الحقيقية، عندها فقط سينكشف أولئك الذين تعودوا على اللعب في المناطق المظلمة والذين تظهر شركاتهم فجأة وتحقق مايعجز عنه الأوائل وأصحاب الضمائر الحية!!،
فاجأني أحدهم مرة ونحن نناقش موضوع ابراء ذمة مجلس ادارة احدى الشركات المساهمة بقوله إن أكبر مشكلة تواجه القطاع الخاص هي القصور الواضح في مفهوم ال«businees ethics» والتي تعني أخلاقيات الأعمال؟ فقلت له لقد وضعت إصبعك على الجرح يا صاحبي، ومشكلتنا الأكبر أننا نسمي الأشياء بغير أسمائها حتى أصبحت عملية تصيد المعلومات «شطارة» واستباق السوق الاستثماري «حركة»، أما اغتصاب واحتكار الفرص الاستثمارية الجديدة فنسميها ببساطة «بزنس» و«أرزاق»، والقادم أغمض!! وعلى هذا الوزن هناك من يرى أن الشركات المفصلة ليست سوى تطوير لقطاع الأعمال الوطني مع أنها في الحقيقة تدمير لأصول المنافسة المفتوحة التي على ظهرها ينمو القطاع الخاص في جو صحي ونظيف مما يمكنه من قيادة التنمية الوطنية بشكل مناسب وأسلوب علمي حضاري،
|
|
|
|
|