| مدارات شعبية
شدّني وشجعني على كتابة هذه الأسطر ما قرأته للشاعر الراوية« ناصر المسيميري» وهو أحد المهتمين بالموروث الشعبي حفظاً وتأليفاً..
في «مدارات شعبية» العدد «10507» يوم الخميس 14/4/1422ه.. عن واقع البرامج الشعبية.. رغم اقتصاره على البرامج الإذاعية فقط.. لكنه رأي وبادرة يشكر عليها المسيميري نتمنى أن يتبعه غيره من المعنيين بأفكارهم وآرائهم «لعل وعسى» أن تهب رياح التغير على هذه البرامج.. كماً.. ونوعاً.. وأسلوباً تخلع ثوبها المهترئ.. ونمطها الممل.. وصورتها النشاز!!
ومن يتابع ما تبثه الإذاعات والقنوات الفضائية وبالذات الخليجية من برامج شعبية.. بمختلف مسمياتها.. يلحظ تميزها الذي يجبر على متابعتها وانتظار مواعيدها.. كما يلاحظ أن سر تألقها وتوهجها.. وجماهيريتها إضافة إلى الإبداع في جميع عناصرها إعداداً وتقديماً.. وإخراجاً يكمن اعتماد تلك البرامج في معظم ما تقدمه على تراث بلادنا وموروثاتها الشعبية خصوصاً في مجال الشعر والقصة والرواية.. وبالتالي فإن السواد الأعظم من متابعي هذه البرامج والمتواصلين معها من أبناء هذه البلاد.. مما يدعو للتساؤل المتبوع بألف علامة استفهام وتعجب.. أليس«جحا أولى بلحم ثوره»؟!! ولماذا يضطر المواطن السعودي إلى الإذاعات والقنوات غير السعودية للتعرف على تراثه الشعبي؟! بل ان ما يدعو للعجب والدهشة أن هذه القنوات إلى جانب تركيزها على تراثنا بدأت تستقطب المبدعين السعوديين في هذا المجال.. بينما يتم تجاهلهم وتهميشهم محلياً ولعل الرواية« محمد الشرهان» ليس أولهم ولن يكون آخرهم إذا استمر الحال!!
أليس السبب في ذلك كله فشل ما يسمى بالبرامج الشعبية لدينا؟ لا أقول جميعه بل في معظمه.. فقد أصبحت مضيعة للوقت.. ووأداً للإبداع.. ومقبرة لموروثنا الشعبي الأصيل.. لازالت كما هو حال الكثير من برامجنا المختلفة تخاطب المتلقي بأسلوب ببغاوي وطريقة محنطة عفا عليها الزمن.
برامجنا الشعبية أكرر في معظمها وصلت إلى حد أصبحت فيه تسيء للتراث الشعبي أكثر مما تخدمه بفضل ما تدار به من أسلوب أمي.. ونهج بدائي.. وفكر سطحي ساذج.. يُظن الأدب الشعبي قصيدة عن الغزل المصطنع..
والسؤال هو: من أوهمهم أعني مقدمي هذه البرامج أن الأدب الشعبي هو روش جديدك يابو فلان»!!
وكأن ماضي الأباء والأجداد لا يعنيهم.. ربما لأنه لا يؤكلهم عيشاً؟!!
ففروع التراث من قصة ورواية وحرفة وفنون وألعاب وأساطير وعادات في الحياة والمسكن الترحال وغيره الكثير مما يحتاج الجيل الحالي أن يتعرف عليها بأسلوب جذاب قبل أن تسرق بقية اهتماماته اغراءات الفضائيات والفكر الوافد وتطمس من ذهنه التباهي بكل ماهو جميل في تاريخ آبائه وأجداده!!
وإذا كان لدينا«ندرة» من البرامج الشعبية الناجحة منها مايقدمه صاحب المدرسة المميزة «محمد بن شلاح المطيري» أو المجلة الشعبية الإذاعية وجمال الأداء والصوت لدى «ناصر الراجح وفاطمة العنزي» أو الدقائق العشر التي يفوح منها قبل منتصف كل ليلة« أريج الخزامى» الذي يعطر أسماعنا به المبدع« ياسر الروقي» الذي يأسر المستمع ويغريه بمداومة الاستماع بتألقه اختياراً.. وصوتاً.. وتفاعلاً! ولكن هل هذا يكفي؟ فوطننا العظيم وهو قارة بحد ذاته.. وأمتنا السعودية المجيدة بمناطقها المختلفة.. ولهجاتها المتنوعة.. وعاداتها المتباينة.. وفنونها المتعددة.. ومخزونها الهائل من التراث بحاجة إلى تجسيد مدروس.. وعرض علمي من خلال برامج متخصصة ومتجددة في مختلف الجوانب..
والذين يبررون ضعف معظم برامجنا الشعبية بعدم توفر القادرين المؤهلين والمتحمسين لإنجاحها إعداداً.. وتقديماً.. وإخراجاً وإنهاء الاحتكار!! فالبقاء للأفضل والحكم للمستمع والمشاهد والمتابع.. فأرض أنجبت أسماء أبدعت في إبراز التراث الشعبي وعلى سبيل المثال لا الحصر: منديل الفهيد... محمد أبو سليم.. ابن سبيل.. ابن عبار.. الحميدي الحربي ومطلق الذيابي وعلي الزامل يرحمهما الله.. أرض أنجبت هؤلاء وغيرهم لازالت قادرة بإذن الله على إنجاب مئات المبدعين والمميزين!!
إنها مصارحة أرجو أن تتلقاها صدور رحبة.. وآذان صاغية لإعادة النظر في مستوى ما يقدم من برامج شعبية وتأهيلها لمنافسة الآخرين.. بل اللحاق بالمقدمة واعتلاء القمة التي ننشدها لاعلامنا في كل المجالات دائماً وأبداً!!
سليمان الرميح - الرس
|
|
|
|
|