| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ربما قلت لنفسك ذات مرة انها مجرد أضغاث أحلام.. غير ان هناك «مصنفات» بدأت تغزو المكاتب مؤخراً توحي بعكس ذلك محاولة أن تتصدى لتيار تلك الرؤى لتمنحك «تشخيصا طريّا».. يفسر الأعراض.. يستنطق الأحداث.. ويكشف عن هوية الرموز.. يهبك «وصفة فريدة»!.
حقا ينالك العجب وتأخذك الدهشة وانت تطالع تلك «التفسيرات» التي تجيء لتقدم «ترجمة» عامرة بألوان «التوقع».. «كتيبات» تدور في فلك التخمين.. توغل في أعماق التوجس.. تزرع دوائر الترقب.. ويظل الهاجس هو البحث عن «مفاتيح» ملائمة لصندوق الحلم المؤرق.
ولم تزل تلك «المؤلفات» تلاحق فلول «الأحلام».. تركض خلف وميض «الرؤى» عبر لهاث محفوف بالتحري لرصد إشاراتها.. وتأويل مُشكلها والتنقيب عن أسرارها.. وسيكون «للكوابيس» معان خفيّة.. ودلالات دفينة.. ولغة مليئة بمفردات الحيرة والتساؤل.. ستسمع «تفسيرات معلّبة» و«تأويلات جاهزة» ولن تُحرم من حوارات تهب الحلم المزعج موقعا في خريطة الذهن..
نعم مضت تلك «التآليف» تتهجى ملامح «حلم عابر» موسوم بالفزع ومثقل بالتوجع قبل ان تذوب معالمه في ذهن صاحبه.. وكأنها تريد ان تقدم «هوامش» نادرة لمتون غامضة في كتاب «الأحلام»!.
عفواً عزيزي القارئ.. لا تستغرب حينما تتأمل مصنفات غريبة في علم الاحلام وقد تطالع عناوين جميلة: «كيف تفسر أحلامك..» «دليلك في تأويل أحلامك».. «تحفة العروس في تأويل الكابوس»!.
وستسمع عن طرق مبتكرة وأساليب فريدة تزيل غبش الأحلام وتكشف غموضها من خلال ربطٍ محكم.. وتأويل متقن يتكئ على الحدس ويلوذ بالتخمين ويتواصل مع نظريات علم النفس.
ستقرأ عن أشهر الأحلام في التاريخ.. وعن قصص تعجز الخيال.. ولن تبخل عليك تلك المؤلفات بمعجم يحوي فنونا في تأويل الأحلام مرتبة على الحروف الأبجدية.. وربما حاولتْ هذه المصنفات ان تقدم «مواصفات الحلم السعيد».. وأوقاته الملائمة ومعايير صدقه.. وسبل تحققه.. ليستحيل هذا «الحلم العابر» إلى «موقف» مكتظ بالطقوس في موكب الاحتفال!.
هكذا يقف المرء محتاراً أمام تلك التفسيرات التي تستحوذ على بعض العقول.. تربك الذهن.. تشرع نوافد القلق.. تمنح «الرؤى» هوية العبور..
وينبغي للإنسان ألا يجري خلف سراب «الأحلام».. يمعن في فضاء الرؤى، يبالغ في تفسير الكوابيس.. واجترار تفاصيلها المثيرة.. فقد عالج الإسلام هذا الجانب ورسم المنهج الملائم للتعامل معها بصورة تحفظ عقل المؤمن.. وتجعله بمنأى عن الاعتقادات والأوهام.. وبالأخص معشر النساء اللواتي كثيراً ما يندفعن وراء أذيال الأحلام ويسترجعن مسلسل الأحداث ويزرعن التساؤلات الحادة هنا وهناك.. لينمو الحلم مستحيلا إلى رواية!!.
عذرا معشر الراكضين فوق الدائرة.. خلف الرؤى العابرة.. لا تحيلوا الأحلام إلى أفلام.
إضاءة:
امتدادا للنجاحات المتلاحقة لبرنامج «دين ودنيا» التلفزيوني فقد قدم حلقة خاصة حول تفسير الرؤى مستضيفا احد المعروفين في ذلك وهو الشيخ خلف العنزي وقد اسهمت هذه الحلقة في تنوير المشاهد وتوعيته وتعريفه بطبيعة الرؤى وأسرارها وطريقة مواجهتها من منظور إسلامي وفق الإطار المشروع.. تحية لهذا البرنامج المتجدد الذي بات يلامس قضايا المجتمع ويعالجها برؤية إسلامية واضحة.. هذا النجاح يجيّر للمسؤول عن البرنامج الشيخ عبدالمحسن البكر وللقائمين على التلفزيون الذين يحرصون على قراءة هموم المسلم والاجابة على تساؤلات المشاهد الكريم تحت مظلة العقيدة السمحة من خلال تكثيف برامج الفتاوى.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة
|
|
|
|
|