أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 12th July,2001 العدد:10514الطبعةالاولـي الخميس 21 ,ربيع الثاني 1422

الثقافية

نهار جديد
هايكو أمريكية!
عبدالله سعد اللحيدان
على الرغم من الانتصار الامريكي العسكري على اليابان في الحرب العالمية، ومحاولات الامريكيين بعد ذلك طمس الهوية اليابانية وشل قدراتها على كافة الاصعدة، عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ونجاح الامريكيين على الصعيد العسكري، الا انهم فشلوا تماماً على الاصعدة الأخرى وما أفرزته من نجاحات بفضل تركيز القوى اليابانية المختلفة في صعيد اعادة بناء الذات، ودون الانشغال بالاعداد والاستعداد لمناهضة الآخر او للانفاق الباهظ على الحرب والدفاع، وكأن الامريكيين وعلى الرغم منهم قد وفروا لليابانيين الوقت والجهد والمال لاعادة بناء حضارتهم الحديثة، ودون ان يقعوا في فخ الدفاع والهجوم والخوف والقلق، اذ وفرت لهم المظلة الامريكية مناخاً من الأمن والاستقرار مما مكنهم من توجيه الطاقات والامكانيات بفعالية وتركيز ابدع مجتمعاً جديداً وناجحاً، ودون ان يتورط اليابانيون في عدوات او انفاق على التسلح، مما ساعدهم على اجتياح اسواق العالم، بما فيها السوق الامريكية والاسواق التابعة لها.
تم تصدير النموذج الياباني الصناعي والتجاري الى العالم، وبقي النموذج الاجتماعي والثقافي مجهولاً او يكاد، وعلى الرغم من تحقيقه النجاح والتطور في الداخل.
الحالة الالمانية مشابهة تماماً للحالة اليابانية، اذ بقي الانتاج، وبخاصة الاجتماعي والثقافي منه، في حالة تطور ونجاح، ولكن دون ان يحقق شهرة او امتداداً خارجياً موازياً.
هذه المحاولات الامريكية لمحاصرة الآخر، ومحاولاتها المستمرة، وحتى الآن، لفرض مبادئها وقيمها وأفكارها ونماذجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كل ذلك، لم يمنع هذه الثقافات المحاصرة من الخروج من الاطر الامريكية احياناً، ومن قلب السحْر على الساحر في أحيان أخرى، وقد حققت بعضها جوائز عالمية كجائزة نوبل، بل وإلى درجة تأثر مثقفين أمريكيين بها. نموذج قصائد الهايكو اليابانية، استطاعت ان تلفت الانظار خارج اليابان، وان تخلق متأثرين ومعجبين ومقلدين ايضاً.
هذه القصائد ذات النزعة التأملية الجمالية التي تجسد علاقة الانسان بما حوله، بالانسان وبالطبيعة وعناصرها، وعلى شكل مقاطع قصيرة جداً وبتركيز بالغ ومكثف ومواز لكل لقطة ولحظة تحدث اثناء جدلية هذه العلاقات، هذه القصائد، استطاعت ان تجعل من احد كبار الشعراء الامريكيين وهو ريتشارد رايت احد تلاميذها المخلصين.
اكنس الغيوم جانباً
ودع قبة السماء
تعطي اسماً لهذا البحر
***
لك أيتها النوارس
هيأت المياه الرمادية
وهذه السماء
الرصاصية اللون
كمية لا بأس بها من الضوء تكفي
في هذه السماء الخريفية الشامخة لتخلع البحيرة ثوب الحداد
***
اشجار الخريف المشتعلة
أنا أتوق الى ان اجعل النار
التي تضطرم فيك،
أكبر فأكبر
عطاس الكلب الحاد
فشل في ايقاظ
ذبابة واحدة
على ظهره الأجرب
ولم يكن ريتشارد رايت هو الاديب الامريكي او الغربي الوحيد الذي استطاعت الثقافة اليابانية او الصينية او الشرق اوسطية او الالمانية الشرقية او الروسية اقتحامه وامتلاك عالمه، بعد ان اكتشف فيها صدقاً وصفاءِ ونقاءً فطرياً يريحه تماماً من ضجيج الآلة الامريكية النفعية وقيمها البراغماتية ونزعتها الاستعمارية التوسعية.
* ترجمة محمد النصّار

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved