أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 11th July,2001 العدد:10513الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,ربيع الثاني 1422

عزيزتـي الجزيرة

نمط العلاقة بين الرئيس والمرؤوس
من أبجديات التعامل الإداري منح الفرصة
جريدتي العزيزة / الجزيرة
في البداية لابد من الاشارة اننا نحن معشر الموظفين نحسب اثناء تأديتنا لعملنا اليومي على مختلف توجهه وتنوعه سواء كان ادارياً او تقنياً او مهنياً لشيئين مهمين لابد من تحقيقهما او على الاقل تحقيق نسبة كبيرة منهما في اثناء العمل وليس بعده ولا قبله/ الاول: رضا النفس عما تم تأديته والاحساس بان ما قام به الموظف كان عملا يستحق منه الجهد ويفرضه عليه الحس والضمير الوظيفي والامانة ايضا وهي الاهم. والثاني: رضا المسؤولين عنه والاحساس بان حسن الظن والثقة ملازمة له في علاقاته مع رئيسه المباشر والذي يرى بحكم مركزه وخبرته ان هذا الموظف بالفعل يعمل بكل جهده.
لقد اشتكت الايادي وجفت الاقلام من الكتابة عما يتعرض له الموظف ونقل صورة غير واقعية اثناء قيامه بالعمل، أتدرون ماهو أكثر ما يؤلم الموظف؟ انه وفي ظل ادارة يعرفها وتعرفه يعمل الساعات الطوال بكل جد واقتدار ثم يتدخل نظام وظيفي ما او هيكلة ادارية جديدة في انتقاله من ادارة الى ادارة اخرى جديدة.. ماذا يحصل؟ إليكم الجواب.. كان هذا الموظف في السابق تحت ادارة مرجعية ربما اختلف معها في بعض وجهات النظر من الناحية العملية وربما واجه صعوبات في تمرير ما يريد طرحه من افكار وخلق نظام مرن من العمل السلس السريع.. رغم الثقة بان هذا الموظف يقوم بعمله بشكل جيد وان لديه فعلا افكارا جيدة، الا ان هذه الخلافات لا ترقى الى الاحساس بالضغينة او حتى عدم القبول في ابسط الحالات.. ثم تنتقل المرجعية لهذا الموظف الى ادارة جديدة تماما لا يعرفها ولا تعرفه.. وبالتالي فلا بد من ان الادارة الجديدة ترغب في معرفة رأي الادارة والمرجعية السابقة عن موظفها.. فيقع هذا الموظف ومن وراء الابواب والكواليس فريسة الموقف والانطباع الشخصي البحت من مرجعه السابق جراء اختلافه معه في مجال العمل سابقاً ويقوم بنقل صورة اقل ما يقال عنها بانها سيئة وغير واقعية بل وظالمة احيانا الى مرجعه في الادارة الجديدة وبالتالي فالمصداقية هنا تأخذ مجراها خاصة اذا جاءت من مرجعية هذا الموظف الذي كل ذنبه انه اختلف معها ولم يكن يتفق معها على بعض او معظم افكارها.. هنا.. تأتي المعاناة بابشع صورها.. معاناة من نوع آخر، معاناة الموظف مع ادارته الجديدة التي اخذت على عاتقها ان تختار موظفين اكفاء ومؤهلين لتنفيذ عملها حسب ما هو مخطط له وبشكل مريح بعيدا عن الموظفين اصحاب المشاكل.. وهي اي الادارة الجديدة معذورة في ذلك، فهي غير مضطرة الى تجريب او تدريب اي موظف اخذت عنه انصباعا غير جيد من ادارته السابقة وبالتالي يقع هذا الموظف ضحية الموقف والانطباع الشخصي البعيد تماما عن المصداقية والامانة.
وعندما يبدأ هذا الموظف العمل وبكل حماس وجدية اكثر مع ادارته الجديدة وعند وقوعه في اي خطأ ناتج عن تراكمات عملية ذات مهام وظيفية غير واضحة وعن حسن نية تماما يأتي العقاب سريعا للغاية سرعة الضوء ان جاز التشبيه.. عقاب من نوع آخر يصل الى حد الإيلام والصعوبة بحيث لا يمكن تقبله بسهولة.. هنا يكمن مدى خطورة الانطباع الذي حصلت عليه ادارته الجديدة عنه وكيف انها تعاملت معه وبشكل سريع وكأنها كانت تنتظر وتتوقع منه مثل هذا الخطأ رغم القناعة المبطنة غير الظاهرة ان المسألة لا تستحق اي عقاب.
ان من ابجديات التعامل الإداري المدروس كما تعلمناها هي في منح الفرصة واتاحة المجال بشكل منظم للموظف وعدم الاعتماد مطلقا على الانطباعات الشخصية مهما كانت قوة مصدرها التي في الغالب تأخذ مسارا سلبيا في علاقة الطرفين/ الموظف والمرجع، لان من اهم سلبيات ذلك اظهار عدم الرضا على غير اساس الاداء، علاوة على عدم الاكتراث بمستوى الاداء المرتفع لدى الموظف، وتوجيه اللوم المتسرع دون معرفة الحقائق والظروف، مع عدم وجود معايير واضحة للواجبات المناطة بالموظف.. وهذه كلها اخطاء قاتلة في الادارة والتعامل الاداري.. ومما يزيد الامور سوءا هو تفويض المرجع للموظف بمهام غير واضحة المعالم مع الاستئثار بالاعمال التي تشتمل على اكبر قدر من التحدي او التفويض بالمهام الخطأ.. هذه كلها سلبيات تجعل من الجو العملي للموظف في ظل الانطباع الشخصي عنه جحيما لا يطاق بل مكانا غير جيد التهوية ان جاز التعبير لاستنشاق هواء الاستقرار العملي الجميل الذي يجب على كل مرجع ومسؤول ان يوفره وبكل قوة دون تردد لموظفه لكي يعمل على الوصول الى الانتاجية الابداعية المنتظرة منه.
انا لا ابحث عن اصطلاحات ادارية تجعل من الموضوع مقالا انشائيا لا يتعدى قراءته مرة واحدة بل ابحث عن حلول لحال موظف تعرض للظلم الشديد جراء الحكم عليه بالانطباع الشخصي رغم خبرته وسلوكه وانضباطه في عمله، حلول لتغيير وتطوير نمط العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، حلول لتنظيم العلاقات العملية وعدم ادخال المواقف الشخصية بالاداء العملي.. هناك امور وامور كثيرة في نظام العمل اي عمل يجب على كل مسؤول او مرجع ان يهتم بها ويجعلها هدفا استراتيجيا له ليتمكن من النجاح والوصول ايضا لثقة ورضا رؤسائه ومن اهم هذه الامور:
1- التعامل مع اداء المهام الوظيفية لموظفه باعتباره امرا يستحق التقدير وليس واجبا مفروضا.
2- تشجيع الموظفين على تحسين مهاراتهم وتدريبهم وعدم السماح باشتعال نيران المنافسة بين موظفين ينبغي ان يعملوا بشكل جماعي.
3- عدم اغفال العمل الجيد والكلمة الطيبة بحق كل مجد في عمله والتوجيه الذي يدل على الاحترام الشخصي البعيد عن الكلمات المبتذلة او غير اللائقه.
4- عدم الافراط في الحديث والتوجيهات المملة وشرح التفاصيل واصدار الاوامر شبه العسكرية التي قد تحول الموظف احيانا الى / ريموت كنترول ليس خوفا من رئيسه بل على وظيفته.
5- عدم ادارة فريق العمل كافراد منفصلين مما يخلق نوعا من الشللية في فريق العمل.
6- الافراط الشديد في حرمان الموظف من اي دعم حقيقي )فعلي او معنوي( اثناء عمله وذلك بحجب المعلومات عنه فيما يخص وضعه الوظيفي او عدم احاطة الموظفين بجوانب )الصورة الكبيرة للوضع العام( والاستئثار بكل المعلومات وتسريبها لبعض المقربين فقط اما الموظف فلا يجب ان يطلع على اي جزء من الصورة الكبيرة وهو الوان الصورة نفسها.
هذه كلها سلبيات موجودة ولكن قد تتحول الى ايجابيات ان استطاع المسؤول والمرجع التعامل معها وبها بشكل حضاري وشفاف وبالتالي الوصول الى النجاح لذا يجب على المسؤول ان يعرف تماما انه ليس وحده من يعمل بل ان هناك فريقاً متكاملاً وبدون هذا الفريق لن يستطيع انجاز شيء.. ولا يتصور اي مسؤول مهما بلغ حجم مركزه انه وبالافراط في اصدار الاوامر والتشديد في توجيه اللوم، والاستئثار في توجيه المهام باسلوب انفعالي ومتشدد لانه بذلك يتحكم في الامور او انه يسيطر على الوضع حسب وجهة نظره.. بل انه يجب بل يتحتم عليه ان يرتقي الى الحد الادنى على الاقل من المثالية في التعامل مع موظفيه وذلك بالمحافظة على ادراك الفروق الفردية بين الموظفين وهذا امر مهم، مع المحافظة على صدق الكلمة والمعلومة، مع الاستفادة المثلى من الاخطاء وليس استقبالها بشغف من موظفيه، مع الحكم على الموظفين من خلال انفسهم وعملهم وليس سلوكياتهم. او حياتهم واخبارهم الشخصية، مع عدم التسرع في الحكم والتصرف قبل معرفة الحقائق والتداعيات لاي خطأ.. مع اقامة جو يملؤه الثقة والارتياح والامن الوظيفي بين الموظفين وليس اقامة تحالفات عاطفية في تقريب موظف يرتاح له وتهميش من لا يرتاح له.. مع ضرورة التفويض للمهام الصحيحة واتاحة الفرصة الحقيقية للعمل مع عدم توجيه المدح والاطراء او اللوم والتوبيخ دون معرفة بواطن الامور والحقائق والدوافع والاسباب.
اخيراً.. هناك دعوة صادقة الى التعامل بشكل اكثر شفافية وحسن ظن وثقة بالموظف قبل تحميله المسؤوليات العملية.. ومن هنا يأتي بناء الموظف المخلص المتفاني ذي الولاء المطلق لجهة عمله. اما الاعتماد على الانطباع اي انطباع عنه فهذا معناه ان المرجع قد اعتمد على معلومة انطباعية شخصية بحق الموظف قبل التعرف عليه عن كثب او حتى قبل منحه الفرصة الحقيقية التي هي من حقه الشخصي والعملي لاثبات عكس الصورة الانطباعية التي صورت عنه وقضت عليه تماما امام مرجعه وامام زملائه ثم امام نفسه التي اصابها الاحباط والشعور بالظلم والتجني الظاهر والباطن.. فهل لنا أن ندرك مدى اهمية منح الفرصة لمن يستحقها وترك هواة الحديث والانطباعات وسرد القصص لاصحابها من الجنس الآخر.. تحياتي للجميع..
فهد بن صالح الجطيلي
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved