| محليــات
** الحديث عن هذه الدنيا الفانية.. والحديث عن مصير الإنسان في هذه الدنيا قد لا يكون جديداً عليكم..
** والحديث أيضاً.. عن الموت.. وأنه نهاية لكل حي في هذه الدنيا.. هو أيضاً.. ليس جديداً ولا مستغرباً عليكم..
** والحديث عن موت الفجأة.. وفقدان البعض من الأصدقاء والأقرباء والمعارف والزملاء في موت الفجأة.. هو الآخر ليس جديداً..
** في كل فترة.. نفقد صديقاً أو عزيزاً أو قريباً أو جاراً أو زميلاً أو شخصاً معروفاً ونحزن لفقده بعض الأيام ثم نسلو.. ولولا فضل الله علينا بهذه لسلوى.. لتحولت الدنيا إلى كآبة وحزن وضيق.. ونكد وكدر.. ولتوقفت الأعمال وتعطلت المصالح.. ولكن فضل الله علينا كبير..
** في كل فترة.. نفقد شخصاً ملأ قلوبنا حباً ومكانة.. ومع ذلك.. لا نملك سوى التسليم بقضاء الله وقدره والقول: «إنا لله وإنا إليه راجعون».
** هكذا هي الحياة.. وهذه هي الدنيا.. دار ممر.. ومزرعة لدار المقر.. وكل سيحصد ما زرعه في هذه الدنيا الفانية.. وسيواجه ما قدم «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».
** ويوم السبت الماضي.. وعندما كنت خارجاً من منزلي.. ممتلئاً حيوية ونشاطاً وبشاشة وسعة صدر.. هاتفني الصديق صالح بن محمد النعيم.. وهو أحد أبرز الأصدقاء والذين لا أستغرب اتصالهم.. لكن صوته هذه المرة كان مليئاً بالحزن..
** صوت متحسر يخلطه البكاء.. صوت متقطع يلفه الأسى والمرارة ليقول لي: «مات أبو عبدالرحمن يبوسعد» ثم عجز عن إنهاء مكالمته.. ليقطع الخط وتنتهي المكالمة ببكاء حار محرق..
** لقد مات الصديق الوفي.. المخلص الرائع إبراهيم بن عبدالرحمن المصيريعي.
** مات الرجل الذي أحب الجميع وأحبه الجميع..
** مات ذلك الشهم الكريم.. الذي يفتح منزله للجميع ليل نهار.. ويعرف الجميع من هو - أبو عبدالرحمن - وكيف هو منزله.. ولماذا فُتح ليل نهار.. واسألوا أهل عنيزة وغير أهل عنيزة.. وأهل الحارة.. وغير أهل الحارة عن منزل أبي عبدالرحمن وكيف كان..
** اسألوا معارف وأصدقاء وأقارب أبي عبدالرحمن.. كيف كان الرجل يرحمه الله ..
** في كل ليلة.. يفتح الباب.. ويدخل الصديق والزميل والقريب والجار والمحب في هذا البيت المضياف.. وسواء كان أبو عبدالرحمن حاضراً أم غائباً.. حتى ولو كان خارج الرياض بمسافات.
** لن ننسى كل ذلك لأبي عبدالرحمن.. ولن ننسى بشاشته ولطافته ولباقته وحسن تعامله رحمه الله..
** لن ننسى سجاياه وخصاله وأدبه الجم وحبه للآخرين أياً كانوا..
** إنني أودع أبا عبدالرحمن هنا بكلمات قليلة.. لكن هذا لا يمنع أبداً.. أن أستذكر أمنية كبيرة كانت تراوده قبل موته المفاجئ بسكتة عاجلة بدون أدنى مقدمات..
** لقد كان هاجسه وأمنيته التي تلاحقه كل لحظة قبيل وفاته هو أن يُقبل ابنه «فهد» في كلية الملك خالد العسكرية.. وأن يبقى ابنه أحد منسوبي الحرس الوطني كما كان أبوه..
** كان قبيل وفاته بيوم واحد.. يتحدث عن ظروف قبول ابنه في هذه الكلية.. ويتحدث عن حلم كبير يراوده كل لحظة.. وهو أن يرى ابنه بلباس الحرس الوطني.
** قلت له ذلك اليوم الذي سبق وفاته.. لا تتضايق.. ولا يدخلك اليأس.. فإذا لم يُقبل ابنك في هذه الكلية فهناك مجالات واسعة في هذه البلاد..
** عشرات الكليات المدنية والعسكرية والمعاهد والمجالات الأخرى.. وابنك معدله لا بأس به وسيقبل هنا أو هناك.
** قال.. بل إن كلية الملك خالد العسكرية والحرس الوطني.. هو حلمي منذ صغر ابني.. ومنذ صغري أنا كأب..
** إنني أتمنى لو أن ابني يخدم هذا الجهاز العظيم كما خدمه أبوه من قبل عدة سنوات.. بل إنني أفنيت في أروقته كل عمري..
** أتمنى أن يكون ابني خلفي في الحرس الوطني.. وأتمنى أن يكون هديتي للحرس الوطني.
** هكذا كانت أمنيته رحمه الله بأن يكون ابنه «فهد» بديلاً عن والده بعد تقاعده..
** وحقيقة.. لا أجد أمامي سوى طرح أمنية هذا الشخص الذي داهمه الموت فجأة.. أمام رجل الإنسانية والمواقف الخالدة.. الفريق الأول الركن.. صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية.
** هذا الرجل العظيم.. الذي عُرف بطيبه ووفائه وحبه لهذا الوطن وأبناء هذا الوطن..
** إنني أرفع هذه الرغبة التي كانت تعايش والده المتوفى لحظة بلحظة قبيل وفاته.. خصوصاً وأن المتوفى أحد رجال الحرس الوطني.. وعشمه أن يخلفه ابنه في هذا الطريق.
** إن والدة «فهد» وأشقاءه وشقيقاته ينتظرون لمسة حانية من رجل المواقف الإنسانية.. متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز..
** إنه رجاء إلى الفارس ابن الفارس ابن الفارس.
|
|
|
|
|