أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 11th July,2001 العدد:10513الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

حرّية الكتابة إلى أين؟
عبدالعزيز المزيني
إذا بدأتُ أجوس خلال المكان.. وأنسى فأضع الشيء الذي في يدي.. وأهيم في الفراغ.. ثم أعود وأتذكر أنني نسيته هناك، أعرف أن هناك ما يشغلني.. ولكنه انشغال لطيف.. سرحان ممتع.. وتحديق لذيذ يشبه البَلَه والغفلة.. أو يشبه الكرى.. أحياناً يرهقني فأخلد للنوم.. ولذلك فأنا لا أحلم أبداً، وأنا على يقين أن عقلي ما كان هائماً عبثاً.. فهو يدور في متاهات حلّ.. أو لا حلّ لذلك القلق..
حالة القلق هذه تشبه الرحى وهي تطحن حبات القمح.. فأنت لا ترى كل جزيء وهي تطحنه، ولكنها تدور.. فيظهر الدقيق ناعماً في نواحيها..
صدقوني بدأت وكتبت.. وإلى الآن .. لا أدري ما الموضوع الذي يشغلني.. ولكن كنت على يقين أن دوراني ذاك.. واطّحان عقلي ما انتهى إلى الورقة إلا لأقول عن نفسي شيئاً.. أو لأقول لكم أيَّ شيء.. أصارحكم أنني أهوى الكتابة، ثم أخجل أن تقولوا يا لهذا المتأدب، يزرع الثقة داخله على حساب أوقاتنا.. إنني سأهتدي إلى بداية «الموضوع».. غير ان هذه الذاتية المغرقة بدايةً توحي بالهروب.. سأعنّف نفسي كثيراً إن لم أجد موضوعاً أبرّر به هذا الهذيان.. أم أنه الهذيان للهذيان، وهل ستعذرونني على ممارسة هوايتي على حساب عقولكم.. وهل من الضرورة في رأيكم أصلاً أن نكون جادين في كل شيء حتى أكتب عما أُشغل به عقولكم.. فالحياة قد لا تستحق عناء التفكير.. لأن المواضيع التي يمكن أن أحدثكم عنها تنتشر على قارعة الطريق، انتشار الظباء على خراش المحظوظ الذي عاش في تلك البراري بحرية كاتساعها، حتى احتار أي الظباء يصيد.. إنني لا أحسده على الظباء الكثيرة حتى لا تغضب حماية الحياة الفطرية، وإنما أحسده على نعمة اتساع البراري بقدر اتساع الحرية والفضاء..
ففي الكتابة فضاءات واسعة، ولكنهم معذبون أولئك الذين تنوء كواهلهم بمواضيع شتى، ثم لا يستطيعون التطرق لها، فالفضاءات المسموحة فراغات صغيرة، والخطوط الحمراء كهامات الفراعنة، فهناك مسامير ملأت فضاءات التفكير تكاد تقتل الكتّاب.. أليست العادات مسماراً .. والسياسة مسماراً أشد إيلاماً.. ثم يأتي الخوف من المجهول، من بعض العقول الطوباوية )نسبة إلى الطوب(، التي جلست في «طرف» من الدين والعقيدة، فخلطوا بين الإسلام والعادات، فتجمدت عقولهم، وفسروا بغير علم ما يُكتب أنه إساءة للعقيدة، وقد يكون على العكس تماماً، يفتح آفاقاً أكثرَ لفهمٍ أكبرَ لدين الله.
أنا على يقين أن هناك كتّاباً وعلماء وأدباء في عقولهم أجمل المواضيع وأكثرها إنارة وإصلاحاً ، ولكنها تعفنت وتفسخت من كبتها المؤلم، حتى شاب بعضهم همّاً، بالرغم من أن اللغة تعطي المجال الأوسع عبر فنونها المتعددة للهروب من التصريح، وهم قادرون على الأقنعة.. فالأقنعة تشبه أماني وأحلام طائر مسجون يتطلع إلى ذلك اليوم الموعود.. الذي يحمله فيه الهواء عالياً فيغرد ملء جناحيه.
كتّابنا، أيها الشاكون الباكون في صمت، هل جرّبتْ أسنّة أقلامكم قضبان القفص؟ قد تكون وهمية! أم أنها ترددت فطمست ماخطته، ثم أغلقت أجفانها، فوئدت الكلمات قبل أن تُولد؟
كل شيء في هذه الدنيا وارد، ويحدثني عقلي وقلبي لبعض منكم همساً، أنكم حاولتم، ولكن... «عند سلة مهملات رؤساء التحرير الخبر اليقين».
ص.ب 68523 - الرياض 11537

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved