رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 11th July,2001 العدد:10513الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

في حَضرَته !!
بقلم: عبدالله الجفري
وجدت نفسي... )في حضْرته(!!
كانت «الخطوة» صعبة.. أن أقف لأول مرة أمام هذا القائد/ ولي الأمر، الحريص أن يكون صادقاً مع نفسه ليصْدُق الناس... وتكون «وقفتي» ثابتة، وكلماتي التي تُعبِّر عن فكرتي وفكري: واضحة، مِقدامة... لتُصبح في سمعه: كلمات تخمَّرت في القلب من جوهر هذا الشعب الذي لم تُثنه المتغيرات والظروف عن التشبُّث بهذه القيادة... وكلمات نضجت في العقل: صادقة مبصرة غير ضريرة!
وهكذا... وجدت نفسي «في حضرته»!
من قبل لم أسْع إلى مثل هذا التزاحم بالمناكب للوصول إلى مصافحة القائد/ ولي الأمر، مستمتعاً حقاً بمثل هذه )الشفافية( التي تنمو بين «ولي الأمر» ومواطن من أُمَّته: يتابع ذلك الومض من البعيد للضوء الذي يهدي السفن إلى الميناء.
وهذا هو اللقاء الأول /الوقفة الأولى/ المصافحة الأولى/ النهجِّي الأول لكلمات العقل ولنبض الشرايين، حين قدّمني الرجل/ الركيزة لكثير من آمال الناس، الصديق معالي الأستاذ/ محمد السويلم... فقلت لمن وقفت «في حضرته»: الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز، وكأنني أهمس، لا خوفاً منه وإنما إجلالاً:
جئتُ أرى العروبة في سُموِّك.
***
* من يُصدِّق: أن كل لقاءاتي بمن كنتُ «في حَضْرته»، كانت عبر التلفاز، ولكنَّ اللقاءات الأعمق كانت تتجسد من خلال كلماته وتصريحاته التي تُدوِّي في العالم.
ولأنني لم أحْظَ من قبل بفرصة الوقوف «في حضرته».. فقد جاءت قناعاتي بمنهجه السياسي والإصلاحي مستمدة من كلماته التي يوجهها إلى الأمة: معتزاً بجذوره، ومدافعاً عن عقيدته، ومؤمناً بانتصار الحق والعدل... ونجد في هذه الكلمات: النبرة العربية المتعمقة في الجذور، يضيء بها أرجاء الواقع العربي المثقل بالظلال وبالضعف.
وحين وجدت نفسي فجأة محاطاً في مقعدي بوزراء عن اليمين وعن الشمال/ أصحاب المعالي: أسامة جعفر فقيه، د. خالد القصيبي، د. علي النملة.. قلت لمعاليهم: أعذروني... كان هذا مكاني طوال فترة انتظارنا لقدوم سموه، وجئتم بصحبته، فلا تعتبروني متطفِّلاً على الأمكنة!
كنت آنذاك أتابع استقبال الأمير عبدالله لأفراد من شعبه والإصغاء إلى حاجاتهم، والتوجيه من سموه بقضائها... وكأنني في ذلك المشهد أردت أن أربط بين قوائم جسر المحبة المكونة من: العدل، الحقيقة، الحق، الحرية، المساواة بين الناس.. وقفزَتْ إلى ذهني من خزانته عبارة مفكِّر عربي بنصها هذا:
«خوف بعض المثقفين العرب من الحرية.. لايزال أقوى من حبهم للحقيقة»!!
* ولعلني أضيف بعد ذلك التأمل:
... وخوف بعض القادة العرب من الحقيقة.. لا يزال أقوى من حبهم للحرية!!
* لكنَّ الأمير/ عبدالله يقول: «في أمسنا، وفيما قبله وبعده: أوقفتنا الأحداث والتساؤلات أمام أنفسنا وأمام شعوبنا ومسؤولياتنا التاريخية من أجل السلام )القائم على العدل والشرعية( على حسابات دقيقة غير مغلوطة تُحقق لهذا الجيل والأجيال القادمة: سلاماً لم تكن أسسه من كثبان الرمال فتذروها الرياح عند أول نسمة»!!
ولستُ كاتباً )حالماً( في معرفتي لمن يقود دفة الوطن/ ولاة الأمر... لكنني حقاً أؤمن بهذه الجسور التي تمتد نحو ذلك )التكامل( بين القائد وشعبه في وطن نسعى باستمرار إلى تنظيفه من ظلم ضعفاء النفوس، ومن نفاق المتزلفين المنبطحين على مصالحهم الخاصة، ومن التسيُّب الذي يتولَّد من ضعف الإدارة.. ليكون الاحترام متبادلاً: من الأمة لقائدها ومن القائد لشعبه!
***
* نعم... هي المرة الأولى التي وجدت نفسي «في حضرته»، ولعلني بضعف الخبرة في ارتياد مجلس عظيم/ قدوة.. كنت الأكثر حرصاً على )ملاحقة( نظرات ولفتات وإيماءات وتعليقات )سموه( الكريم... فلم أكن من هؤلاء الدائمين المداومين على مجلس سموه، لكنني )شعرت( أنني في هذه المرة الأولى: لم أكن غريباً وإن لم أكن لصيقاً، ولم أكن عرضة لتوجُّس البعض بل شاع كل الاطمئنان حتى الضلوع... خاصة عندما تدفع العفوية والصدق مواطناً يخاطب هذا القائد الذي كنا جميعاً )في حضرته(.. ليناديه: يا عزوة الوطن!!
ذلك )صوت( يضيء أرجاء النفس.. خاصة بعد أن اقترَبْتُ أكثر وأكثر، وكأنني أهمس في أذنه:
هذا أنا المواطن الصادق، العفوي... أحس الآن بقربك أنني أُسِرُّ بخصوصياتي إلى أبي.. إلى أخي الأكبر، وتستوطن كل خصوصياتي بعد ذلك في الانتماء الأعمق.
حين ذاك... استرجعت أصداء كلمات رسالة وصلت إليَّ عبر البريد الإلكتروني، ونشرت نصها في حينه ضمن عمودي اليومي )نقطة حوار( بصحيفة «الحياة».. قال لي فيها مرسلها تعقيباً منه على ما كتبته عن أبعاد ومعاني تصريحات الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز خلال رحلاته:
«لقد جنحت يا عبدالله إلى النفاق والتزلُّف.. اتركك من النفاق واكتب فقط في الأدب، وكفاك من كلام المزايدات.. وعلشان فلسطين والجلادين الإسرائيليين ومنظمة التحرير»!!
* ورددت عليه: إنني في كل ما كتبته عبَّرت عن قناعات منتمية إلى رؤية لها أبعاد نابعة من حرية رأيي، ومن الفكرة التي أعبِّر عنها... وليس شرطاً أن يشيد كاتب ما بزعيم أو صاحب فكر سياسي لتوصف إشادته بالنفاق والتزلّف، خصوصاً إذا كان هذا الكاتب لا يشرئبّ إلى منصب، ولا يتطلع إلى مركز!!
وكاتب مثلي: لابد أن يعتزّ بما قدّمه عبر جهاد الكلمة والرأي الحر... وجهادي بالكلمة يأتي في قمة ما أعتزُّ به في حياتي!!
***
* وزاد من قناعاتي )بفكر( هذا القائد: أنه يرتفع بأمته العربية من ذلك «الإيحاء» بعدم جدوى مواجهة العدو، والسقوط في استسلام تفرضه استحكامات دولية إلى درجة القبول بالأمر الواقع، كما يريدون للعرب!!
إن «الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز» يؤكد دائماً على الدور التاريخي الدائم للمملكة، وهو ما يعنيه في تصريحاته وخطاباته من: استخلاص العِبر على مرِّ التاريخ، وتجارب الإنسان، وكيف نواجه الخطر الزاحف؟!!
إن «دور» هذا الوطن الوحدوي.. هو: دور محوري يؤثر في مجرى الأحداث، اهتماماً بتأكيد الرؤية العربية لأبعاد قضيتها، سواء كان عبر الدبلوماسية، أو عبر المساعي الحثيثة والمتواصلة لرأب أيِّ صدع عربي، أو حتى عبر «النضال» إذا لم يتحقق الوفاق عبر المباحثات.
***
* وبعد ....
نعم... لقد كانت «الخطوة» صعبة لواحد مثلي: لا يطيق التزاحم بالمناكب، ويتمتّع بخصوصية أخلاقية العقل، وشفافية الروح، ويعاني من )دَويِّ الدموع الصامتة( حسب تعبير كاتب عربي... ولا يشرئبّ إلى منصب، ولا يتطلع إلى مركز... ذلك أن )الكلمة( تبقى أبداً هي أشرف مناصبه، وأرقى مراكزه.. وهي جهاده الذي يعتزّ به كوثيقة لتأكيد حرية )الإنسان( فيه!!
و.... )في حضرته( لابد أن يمنحك البرد والسلام، وأن يقلدك الأمان.
abuwajdi@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved