| الثقافية
أنا لا أحد
شمس خريفية حمراء غاربة
سرقت اسمي.
سر على طول
باتجاه هذه الساحة
ثم استدر يميناً
حيث ستجد
شجرة خوخ مزهرة.
انا اعطيت اذناً
لقطرات مطر الربيع
بأن تبلل
الأشجار البنفسجية اللون.
اليوم طويل جداً
حتى ان العصافير
التي تحب الضجيج
خمدت صامتة.
مطر أيلول
يتساقط مرتجفاً
على شكل قطرات كبيرة.
من بعيد،
بعيد جداً
من البحر الرصاصي
تسمع
استغاثات السفينة.ü«1»
كتب الشاعر الأمريكي ريتشارد رايت قصائد هايكو كثيرة، متأثراً بذلك الصفاء الروحي والعلاقة الحرة البريئة التلقائية مع الطبيعة، وبالصدق والتدفق العفوي والنيات الطيبة، تلك الأشياء والقيم التي يفتقدها في مجتمعه الأمريكي وثقافته المادية الناضحة بالاستعلاء وحب السيطرة واستعراض القوة.
في الآداب الشرقية شفافية خاصة تنبض بالحياة والانسانية، وفي تعبير فني صادق، وتقترب من القارئ لكونها تتخذ موقفاً مع الإنسان وتبث إليه شحنة وجدانية صادقة وبريئة.
وفي أوساط أمريكية أو غربية يسيطر عليها الفكر المنفعي وتضيع فيها القيم الإنسانية والروحية ويفقد فيها الانتماء إلى الإنسانية، في مثل هذه الأوساط، تبرز بعض الأصوات النقية والأصيلة لتبحث عن شيء ما يربطها بالإنسان وبالروح وبالطبيعة وبجدلية الوجود، وبالعلاقات بين الإنسان والإنسان وبينه وبين وجوده، وفي بحث وتساؤل بريئين عن البكارة والجذور الفطرية.
ويستطيع بعضهم مثل ريتشارد رايت هنا، وفي قصائده الهايكو هذه أن يستوعب العالم ويتخذ موقفاً منه، محاولا احتواء العالم والوجود وإعادة تشكيلهما فكرياً وجمالياً عبر اقتناص لحظة من لحظات الحياة.
وفي قصائد الهايكو هذه جديد يتخطى القوالب والقوانين والأنماط المتعارف عيها، ليصبح حالة شعورية، مشهداً بسيطاً، فكرة أخاذة، مونتاجاً، اختزالاً للزمن في لحظة ولقطة خاطفة، وفي مرآة ضوئية تجعل من العناصر كلها فعالة وإيجابية ومتحدة عضوياً وقد تكثّفت.
ومع قصائد الهايكو هذه، تعلم ريتشارد رايت من اليابانيين ان الابداع لحظة صدق فني ونفسي أمام موقف انساني.
ومع قصائد الهايكو هذه، علم الشعراء الأمريكيون أنهم ليسوا محكومين بالضرورة لأنماط وأساليب مجتمعهم، وليسوا مضطرين إلى التعبير فقط عن الروح الأمريكية الشائعة، بل مدعوون إلى تجسيد الانسجام الطبيعي بين تلقائيتهم وبين عصرهم وانسان هذا العصر الذي يشاركهم هذه الإنسانية وهذا الوجود في كل مكان وزمان في هذا العالم.
«1» ترجمة محمد النصار.
|
|
|
|
|