| الثقافية
ما اليوم؟!
إنه الأحد، وأنا أتراقص طرباً، لأن بين يدي كتاباً جديداً اسمه [حديث النهايات فتوحات العولمة ومآزق الهوية] للمؤلف الدافىء د. علي حرب.
ماذا وجدت به؟!
وجدت به نصاً عظيماً يقول فيه: )كان الناس على اختلاف طوائفهم وطبقاتهم، أي الجماهير كما تسميهم النخب، أكثر حكمة وتعقلاً في فهم الأحداث والتعامل مع الوقائع من النخب التي أناطت بنفسها مهمة التوعية والتنوير والتثقيف، من أجل إحداث التغيير المنشود. فمن المفارقات أن التغيرات أتت بخلاف ما فكرت فيه النخب وسعت إليه. ولا عجب، ما دام الوعي يلابسه اللا وعي، والعقل يتغذى من أساطيره وأوهامه(.
حسناً أنت معني بهكذا حال!!
يا سيدي من الصدمات تعلمت القراءة.. من صدمة الحداِثة، إلى صدمة ما بعد الحداثة.. ومن فخ أحمر، إلى فخ برتغالي.. ومن هشاشة الهوية إلى أكذوبة العولمة.. ويا قلب أنت حزين!!
ماذا يؤلمك من هذا كله؟!
تؤلمني البشرية الحمقاء التي دفعت وما زالت تدفع دماً ودماراً ووقتاً من جراء إعلانات الهوية والتمسك بالانتماء والتشبث بالخلفية الأسطورية لكل لون ولغة!!
أين الحل؟!
الحل في ترك القبض على الحقيقة والوصاية على الآخرين، وتمثل الواقع المعاش لا الواقع المأمول.
هكذا ترى الحل..
أتمنى أن تكون رؤيتي صواباً.. والله الهادي إلى سواء السبيل!!
بالله عليك، ماذا يقول صديقك الدافىء د. علي حرب عن )الهوية(؟!
حسناً يا أخ العرب إنه يقول: [إن هويتنا ليست ما نتذكره ونحافظ عليه أو ندافع عنه، إنها بالأحرى ما ننجزه ونُحسن أداءه، أي ما نصنعه بأنفسنا وبالعالم، من خلال علاقاتنا ومبادلاتنا مع الغير. مثل هذا المفهوم المنفتح والتحويلي للهوية يتعارض مع مفهوم الهوية الثقافية الذي هو اختراع أنانسي أُريد لنا من ورائه أن نكون دوماً الآخر. هذه هي استراتيجية العقل الانتروبولوجي: حشر الآخر في غيريته، وعلى النحو الذي يفضي إلى التمايز والعنصرية، أو إلى الإقصاء والاستبعاد، مع أن الآخر هو ما لا تنفك عنه الذات في صوغها لمشاريعها أو في ممارستها للعبتها على مسرح وجودها، خاصة اليوم حيث مصائر الأمم باتت متشابكة].
يبدو أن كلام رفيقك علي حرب يدخل القلب، لهذا زدني من حديثه يا هذا!!
يقول شارحاً فكرته: [بالطبع لا تنبت الأفكار في الفضاء، وإنما تشتعل في الرؤوس، وتنعقد عبر الصلة مع الغير، وتتشكل على أرض الواقع، أي هي ثمرة الخبرة الوجودية، بهذا المعنى كل معطى نشتغل عليه أو ننطلق منه هو خاص، بل كل تجربة ننخرط فيها لها فرادتها، ولكن الأفكار المنتجة حول التجارب والمعطيات، تتعدى دوماً الخصوصيات الثقافية والأطر القومية، لكي تشكل مساحات معرفية أو لغات مفهومية تتيح اللقاء بين الذوات المفكرة(.
لقد أصابني الصداع الفكري من هذه السطور )عالية الدسم( ما العلاج.
العلاج مزيد من الداء، لهذا قال جدك أبو نواس:
وداوني بالتي كانت هي [الداءُ[..
وهذا تشخيص طازج لصداع الهوية!!
ALARFAJ2000@AYNA.COM
|
|
|
|
|