أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th July,2001 العدد:10511الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ربيع الثاني 1422

منوعـات

ابراهيم البشر... المجاهد والأديب والشاعر يودع الدنيا
د. محمد بن سعود البشر
منظومة تاريخ المملكة العربية السعودية تتسلسل من يوم ان بدأت بخطوة ثابتة واثقة في فجر يوم مشرق.. يوم دخل الملك عبدالعزيز رحمه الله الرياض، واعتلى حصنها المنيع، ونادى في الآفاق ان يوماً جديداً قد حل وان مستقبلاً واعداً قد أطل وبدأت مسيرة البناء والتأسيس تسابق الزمن لتنتج أعظم وحدة عربية إسلامية شهدها التاريخ المعاصر.
وفي هذه المسيرة تنادت أصوات رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، وبايعوا المؤسس على نصرة الدعوة وبناء الدولة، فأبلوا بلاءً حسناً، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر.
وبالأمس رحل أحد هؤلاء المخلصين ولا نزكي على الله أحداً بعد أن عاش زهاء عشرة عقود من الزمن في خدمة الدين والوطن الشيخ ابراهيم بن مسفر البشر المجاهد والأديب والشاعر لفظ أنفاسه في طيبة الطيبة وقد أناخ فيها رحله لسبع وعشرين سنة بعد أن جاهد وأعطى وبذل لقد سجل الفقيد بشعره الكثير من بطولات الملك عبدالعزيز رحمه الله وكان مرجعاً حياً لتاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية وبخاصة في فتوحات الملك عبدالعزيز لمدن الحجاز، ولا غرو ان يستشهد به خير الدين الزركلي في كتابه «الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز» وان ينقل عنه بعض ما رآه في حياة المؤسس طيب الله ثراه.
وعلى الرغم مما تحمله ذاكرته من ثروة علمية وتاريخية وسيرة شخصية مع الملك عبدالعزيز رحمه الله أو عن تسلسل أحداث ملحمة التوحيد والبناء إلا أنه عاش بعيداً عن الأضواء قناعة منه ان ما قدمه لهذا الوطن هو جزء من واجب يبتغي به ثواب الله سبحانه وتعالى.
ففي إحدى زياراته لبلدة الروضة بمحافظة الأفلاج مسقط رأسه قبل أكثر من عشرين عاماً تحدثت معه عن جوانب كثيرة في حياته مع الملك عبدالعزيز رحمه الله وعن الأحداث التاريخية التي سجلها بشعره فاستأذنته بأن ننشر ما يتعلق منها بحياته الشخصية فأبى وقال: «يابني لا تحدث عني فقد آثرت الثواب على العاجلة» ثم لقيته قبل شهرين عندما ذهبت إلى المدينة المنورة لمناقشة إحدى رسائل الدكتوراه وتحدثت معه عن حياته في ينبع ومن ثم في المدينة المنورة وذكر أنه كان محل ثقة الملك عبدالعزيز رحمه الله في غياب أمير ينبع إذ كان يقوم بمهمة الإمارة والإمامة وبيت المال وكان الملك المؤسس رحمه الله يكاتبه شخصياً في أمور بادية الحجاز.
ولم يكن للإعلام منه نصيب إلا في مناسبة واحدة وهي «المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبدالعزيز» الذي عقد في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1406ه فقد نشرت هذه الجريدة في عددها رقم 4816 الصادر بتاريخ 23 ربيع الأول 1406ه لقاء مطولاً معه رحمه الله تحدث فيه عن جوانب من حياة الملك عبدالعزيز وكان مما قال عنه رحمهما الله : «كان الملك عبدالعزيز رحمه الله تقياً ورعاً يخاف الله، ويبكي من خشيته في قيام ليله، ويذكر دوماً فضل الله ونعمته عليه، رطب اللسان بذكر الله، وقد رأيته في سفره وحضره فكان لايترك صلاة الليل ولو كان في الصحراء أو في شدة البرد، إذ كان يضيء شمعة من نور ليتلو القرآن على ضوئها الخافت حتى يقترب الفجر، وبعد صلاة الفجر يجلس في مكانه حتى تطلع الشمس يقرأ كل يوم سورة الكهف في بداية يومه وكان كلما سمع من جلسائه والمقربين منه كلمة )خف الله ياعبدالعزيز( ارتعدت فرائصه وتوقف يستوضح الأمر فإن كان حقا أخذ به وأخلص النية فيه، وإن كان غير ذلك عدل عنه وأعرض واستبدل به خيراً منه».
وحدث الشيخ ابراهيم البشر عن الملك عبدالعزيز رحمهما الله بعد أن تحدث عن ورعه وتقواه ان العلماء قد نالوا من التقدير والاحترام في مجلس الملك عبدالعزيز ما لم يكن لغيرهم «فقد كان يجلهم، ويدنيهم منه، ويأخذ بأمرهم، ويستشيرهم، ويعمل بنصيحتهم وقد كان يخصص الكثير من وقته بعد الفجر وبعد العصر وبعد العشاء في طلب العلم ومجالسة العلماء.. وفي هذه المجالس كان يجتمع بهم ويتدارس معهم كتب العلم... وأورثت هذه الاجتماعات مع طلاب العلم وأهله حباً متمكناً لهم في قلبه، عرف فيه فضلهم وقدر مكانتهم، وأكرم مقامهم، وقربهم منه، وبادلهم محبة بمحبة..».
هذا بعض ما قاله عن الملك عبدالعزيز وهو لقاء صحفي عابر نشر بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبدالعزيز، وفي ذلك اللقاء تحدث عن جوانب أخرى من حياة المؤسس، فقد كان تاريخاً يتحدث عن نفسه.
عاش الفقيد أكثر من سبعة وخمسين عاما في الحجاز، وكان يشتاق إلى بلدة الروضة في الأفلاج مسقط رأسه ومرتع طفولته وصباه وعندما سئل في إحدى زياراته عن ذلك أنشد:


إلى )الفرت( فانهض واغنم السير في الفجر
إذا فزت بالامكان من فرصة الدهر
وبادر إلى تلك الجهات ولا تنم
سوى ساعة قبل الصباح مع الفجر
ويمم بها الأفلاج شرقاً وعج بها
على الروضة الغنّاء طيبة الذكر
هي البلدة المشتاق قلبي لمن بها
ويحلو لسمعي ذكرها طيب النشر
أيا عرب الأفلاج والقصر إنني
على عهدكم باق مدى الدهر والعمر
لقد سبقت لله فيكم محبة
فأنتم بنو عمي وأنتم بنو بشر
وحصباء أرض لو يباع ترابها
لعزّ علينا أن يقوَّم بالتبر

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم لدينه ووطنه.
* الاستاذ المشارك بقسم الإعلام جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved