أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th July,2001 العدد:10511الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ربيع الثاني 1422

المال والاستثمار

هل أنا مخطئ؟
الأمير ممدوح بن عبدالعزيز
منذ الصغر وأنا أرهب المال ولا أجد له في نفسي هوى، ومن المسلم به في أحيان كثيرة أن الحياة السليمة لا تستقيم إلا به، وبالذات في زماننا هذا، الكثير المادية القليل البركة، ذلك أن المال الذي بين الأيدي لا أثر له يذكر في حياة الكثير، بل من الغريب أنه في عصرنا هذا كلما زاد المال زاد عدد المحتاجين ولا أقول الفقراء، فهناك فرق بين تلك وهذه في ظني. إن شعور الإنسان بحاجته الى شيء ما لا يعني بالضرورة ان ذلك الشيء يلزمه فقد تكون تلك الحاجة وهماً أو ترفاً او خللاً في تنظيم الأولويات في الاحتياجات.
وما دعاني لكتابة بعض هذه الأفكار رغم ما ذكرت من موقفي من المال هو ما أجده في الساحة من استنزاف «المال التجاري»، في امور ليس من ورائها خير كثير للوطن، ومستقبل هذه البلاد.
نعم لقد كثر المال في العالم، وفي منطقتنا وفي بلادنا، ومع ذلك لم يكثر تداوله بين اكثرية الناس الذين زادت احتياجاتهم الوهمية الى درجة ان الكثير لم يعد يفرق وعند شرائه، بين حاجته الأساسية بالفعل وفرعيات تلك الحاجة، وتلك مصيبة قد اصابت الكثير واسرهم، وقد تكون على البلاد باسرها مستقبلا.
إن الانصراف لاستيراد احتياجات البلاد الأساسية لابد له من عملات متفرقة، لو ظلت في يدنا لكان صرفها فيما بعد أهم وأجدى وأنفع لنا ولمستقبل ابنائنا من بعدنا. كما ان استنزاف العملات الصعبة في اغراق الاسواق ببضائع ليست ذات فائدة، الا الفائدة الوقتية المحدودة لهو هدر لا منطق به.
اما استيراد الاساسيات وبصورة مستمرة هو في الحقيقة استمرار لا معنى له في ان تضيع اموالنا في الخارج، وبدلاً من دفع تلك الاموال وفي كل حين خارجا، ارى ان دفعها ولو بشبه دفعة واحدة «قوية» لاستيراد ما ينتج لنا من منتجات نستوردها كي نجعل اساسياتنا دائما عندنا، بل نغطي بها غيرنا مستقبلا لهو واجب وطني اعتقد ان الوقت قد حان لأخذه «بعيون» الاعتبار!
ولكي أكون أكثر وضوحاً، فإن المأكل، والمسكن، والملبس، والدواء، وأدوات العلاج المختلفة، والعربات، وأدوات الثقافة من المرسام الى الحاسوب الى كل او اغلب ماهو اساسي لنا، نقوم باستيراده مما يرهق اموالنا ويرهق المشتري العادي، فما الذي يا ترى يمنع «حقيقة» صنع وزرع جميع ما سبق او كثير منه هنا؟ أهو المال أم العمالة ام الادمغة الرائدة والمؤسسة أم المواد الأولية؟ الأولى والثانية والثالثة لدينا وبين ايدينا، اللهم إلا بعض الأدمغة فقد ينقصنا البعض منها لسبق غيرنا في ميادين العلم والأبحاث «واستيرادها» ليس بالصعب، اما المواد الأولية فأحسب أنه موجود منها الكثير عندنا أو قريباً منا فجميع الدول الصناعية تستورد ماينقصها من مواد أولية مما يسمونه العالم الثالث، واما السلع غير الضرورية فإن من الحكمة التقليل من نوعياتها والحد منها لمرحلتنا هذه وما بعدها، مع يقيني بأن التجارة في بلادنا لابد وان تكون غير مقيدة كما هو الحال الآن مادامت لاتمس خطوطاً لها علاقة بديننا او مصالحنا كوطن ولكني قصدت التوعية والتوجيه للمواطن والتاجر، والتركيز على اجودها بحيث تنكمش ويختفي تعددها المنتشر ويقل معها ضياع عملات نحن اولى بها، وما يحتله الاقتصاد في العالم الآن من درجة تقيم حروباً وتقعدها وتقرب دولاً وتبعدها يفرض علينا الدقة في التعامل مع المال.
ولدي منذ زمن اقتناع بأننا وكما ذكرت في البداية لدينا قدرة لايستهان بها في أن تكون بلادنا في حالة اكتفاء ذاتي في اغلب الأساسيات إذا ما صدقت النية، ولا أريد الخوض في تفاصيل، غيري من الاقتصاديين اكثر مني دراية وسلامة رؤية لتحقيق ذلك الهدف، وهو ان نجعل من بلادنا مثالاً لحسن التصرف والتعامل مع عصب الحياة.
في النهاية ارجو ان لا اكون قد فهمت خطأ، بأنني أعني بأننا في أيام وليال نستطيع تأسيس قاعدة صناعية زراعية كبرى في البلاد، ولكني أؤكد أننا نستطيع وبعون من الله في أيام وليال البدء في التفكير الجدّي في ذلك!
أيها السادة من تجارنا وأثرياء بلادنا: بلادنا في حاجة إلى أموالكم التي هي أموالها والتي هي في ايدي غيرنا خارجها، ولاشك أن البلاد محقة في ذلك وهي التي توفر فيها الأمان والضمان بفضل من الله.
* رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved