أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th July,2001 العدد:10511الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ربيع الثاني 1422

الاقتصادية

شؤون عمالية
«آلية تنافس الأجنبي للمواطن»
عبدالله صالح الحمود
بادىء ذي بدء، أود من كل من يقرأ عنوان مقال هذا الأسبوع، ويلاحظ بين ثناياه كلمة )الأجنبي( ألا يعتقد أن هذه الكلمة تخص جنسية معينة بعينها أمثال القادمين من دول غربية، لأن هناك فئات من الناس خصوصاً ممن ينتمون إلى دول عربية، يرون أن كلمة )أجنبي( يفترض إطلاقها على شعوب دول الغرب، أما أفراد المجتمعات العربية فليس من المفترض أن يقال لهم )أجانب(!! بل يقال لهم )عرب( وذلك على حد رأيهم، ولا أدري لماذا هذه الحساسية المفرطة من لدن هذه الفئات من الناس والذين لا يريدون أن يلقبوا بالأجانب لأنهم عرب فحسب، فتلك وجهة نظر أرى أنها في غير محلها، وكذا من خلال وجهات نظر عديدة، خصوصاً من له علاقة بشؤون العمل والعمال والعاملين في دوائر الهجرة في معظم أنحاء العالم، بحيث ان كل من يفد إلى موطن غير موطنه يفترض بل يجب أن يلقب بالأجنبي وبغض النظر عن جنسيته لماذا؟ لأنه لا يحمل جنسية البلد الذي قدم إليه وأقام فيه بغض النظر عن مدة إقامته هل هي مؤقتة أو دائمة أو حتى آخذة صفة المهاجرة، وعلى أية حال تلك بداية أحببت جعلها مقدمة لهذا المقال لإيضاح معنى يندر أن يكون مفهوماً لدى العديد من البعض الذين يجهلون معناه الحقيقي، ولا يزال هذا الأمر مرفوضاً من قبلهم بهذا المسمى خصوصاً تجاه بعض الجنسيات لسبب أو لآخر. وقد ارتأت الجهات الحكومية في المملكة عامة ومن لها علاقة بشؤون العمل والعمال على وجه الخصوص استحداث كلمة )وافد( بدلاً من كلمة )أجنبي(، وهي الكلمة التي أصبحت تطلق الآن على كافة الجنسيات المستقدمة إلى المملكة بغض النظر عن جنسية وأخرى.
وعودة إلى فحوى موضوع هذا المقال، فقد شوهد أن هناك العديد من الناس وعلى كافة المستويات سوى عاملين وطنيين أو جهات حكومية أو كتاب اقتصاديين واجتماعيين وأيضاً ما يتناوله الناس من أحاديث في مجالسهم، يتحدثون حول آلية التنافس العمالي من لدن العامل الأجنبي أو )الوافد( تجاه العامل الوطني، والملاحظ أن هناك عدة أطروحات يطرحها أولئك المتحدثون حول هذه القضية التي يجزم الكثير أنها تشغل بال العديد من أفراد المجتمع، فمن هؤلاء من يقول إن المنافسة تتأتى من خلال انخفاض الأجر أو الراتب بين الاثنين وأن العامل الوافد يرضى بأي أجر يقدم له لأسباب معيشية، وهناك من يرى أن العامل الوافد لديه القدرة على العمل لأوقات طويلة لا يستطيع معها العامل الوطني الإتيان بها، ومنهم من يقول إن العامل الأجنبي )الوافد( لديه القدرة والجلد على العمل أكثر من المواطن، وفئة أخرى تشير إلى عدم وجود المنافسة هنا، وتذهب إلى أن المشكلة هي أن العامل الوطني دائم التسرب وظيفياً لانعدامية الآلية القانونية والتنظيمية التي تجعل منه منضبطاً في عمله ولو حتى إلى انتهاء مدة عقده المحدد المدة.
والسؤال المطروح، هل كل من كان أجنبياً أو وافداً يعتبر أفضل من العامل الوطني ولا نقصد هنا عن سوق العمل السعودي فحسب، بل نريد أن نتعرف ملياً على هذه المعادلة وذلك في كل موطن، وهذا السؤال قد أجاب عليه صديق لي قائلاً ان العامل في خارج موطنه، يؤدي عملاً يختلف في عطائه وإنتاجيته بأفضل مما لو كان في بلده الأم، وهذا الصديق الذي كان يجيب على هذا السؤال وقد كنت معه في مجلس ونحن في معرض حديثنا عن موضوع مشاريع السعودة وما وصلت إليه حتى الآن، فقد استطرد قائلاً ان الملاحظ، هو أن مما نجده يعمل من العمالة الوافدة بجد واجتهاد في سوق العمل السعودي مثلاً قد لا نجده يقوم بنفس الأداء في وطنه. فقلت له لماذا؟ بحيث انه من المفترض أن يكون العكس صحيحاً إذا كان في بلد المواطن فرص عمل مهيأة أو تعتبر مهيأة لمن يبحث عنها كمثل فرص العمل في سوق العمل السعودي. ورد قائلاً إن للغربة أسباباً تجعل من ذلك الوافد شخصاً آخر متغيراً في سلوكه وطبائعه عما لو كان في بلده الأم، باحثاً للنيل من تعويض ضريبة الغربة ويساندة في ذلك انعدامية العلاقات الاجتماعية لديه في بلد الغربة أيضاً، والتضحية بقبول أي عمل وإن كان في غير تخصصه أو مهنته، الأمر الذي مؤداه أن يكون مسيطراً هذا المغترب في العديد من مواقع العمل المتاحة في السوق، كما تجلى حديثنا حول هذا الأمر باستذكار الآباء والأجداد الذين حينما رحلوا عن هذه الديار ناشدين تحسين أوضاعهم المعيشية كانوا سفراء لبلدهم يؤدون أعمالهم على أفضل وجه، وكان يشهد لهم بنقل عادات وتقاليد كريمة فضلاً عن اعتبار البعض منهم يمثل دور الداعية إلى الدعوة والإرشاد في طاعة الله عز وجل، لكن السؤال الأهم هو بما سنخرج به الآن، بمعنى هل سنبقى على تلك المقولة التي تقول ان العامل الأجنبي )الوافد( هو السبب الكلي في انعدامية الفرص الوظيفية للمواطن سوى للأسباب المنوه عنها هنا أو غيرها، أم أن المطلوب هو السعي إلى تأهيل وتدريب هذا المواطن وإيجاد الأنظمة العمالية التي تنصفه وتنصف صاحب العمل ليأخذ كل طرف حقه، وأن يسعى الآباء وأولياء الأمور في زرع الثقة والتوجيه السليم في أبنائهم وتعريفهم بمقدار ومكانة الوظيفة في الحياة، وتوجيههم إلى المثابرة والصبر في بدايات الدخول لسوق العمل، وتبيان المنافع والفوائد في ذلك، والإشارة لهم إلى أن هناك فارقاً بين العمل في القطاع العام عن القطاع الخاص، لأن هذا الأخير قطاع ينشد الربحية وأصحابه قائمون عليه بصفة مباشرة وتهمهم أعمالهم وحريصون عليها، لذلك يطلبون العمل الجاد والدؤوب، وبهذا علينا أن نخلص إلى أن وجود الكفاءات المؤهلة والجادة والمثابرة هي التي سوف تجد مكاناً لها ودائماً إن شاء الله في أي سوق من الأسواق، وما عدا أولئك فهم الخاسرون ولا يحق لهم مطالبة أو معاتبة الآخرين ماداموا سبباً في فشل أنفسهم.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved