أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th July,2001 العدد:10511الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ربيع الثاني 1422

المجتمـع

سوانح
لعبة تقاطع الموت
علي محمد الخزيم
تجاوز بعض مراهقينا الخطوط الحمراء المنذرة بالخطر إلى مزالق الهلاك حينما أخذ هؤلاء بالمقامرة والمغامرة بأرواحهم وأرواح الآخرين فيما يسمى باللهجة الدارجة )قطعة الموت( وذلك بأن يتفق بعض الصبية والمراهقين المتجمهرين في مواقع معروفة يمارسون فيها لعبتهم المميتة أحياناً ويجعلون مبلغاً من المال بالاشتراك فيما بينهم أو يدفعه من يستطيع الدفع من جمهور المصفقين لأحد المتهورين فيمتطي صهوة سيارته أو سيارة أحد المتطوعين )المصفقين( ويعبر بها إشارة مرور محددة وبسرعة محددة أيضاً دون أن يعير اعتباراً لنوعية أضواء الاشارة ودون اهتمام بالمارين العابرين من الاتجاهات الأخرى سواء أصحاب الأحقية بالمرورأو غيرهم أو حتى المشاة فالمطلوب منه أن يتجاوزالاشارة بسرعته الكبيرة وبقيادة حرفية احترافية فإن نجح في القمار والمغامرة ونفذ بجلده والسيارة فله الجعل المحدد بمبلغ متفق عليه قبل ارتكاب الحماقة وإن فشل بأن مات في حادث وقع أثناء العبور فبطبيعة الحال فإنه خسر عمره والمبلغ وباء بغضب من الله سبحانه وجنى على ذويه ومجتمعه مصائب يطول شرحها هنا، ويقال -والعهدة على رواة هذه الفواجع- إن هناك جمهرة من المصفقين يملكون شيئاً من الرأفة والإنصاف، حيث يشترطون على الصفيق المغامر أنه إن تسبب بإرباك سيارات أخرى وارتطمت ببعضها أو بأعمدة النور والإشارة أو الرصيف فإنه سيخسر جزءاً من الجائزة حتى وان نجا هو وسيارته من حادث تصادم متوقع فيصرف نصف الجائزة لصاحب السيارة المظلوم بحجة الفزعة والنخوة وان لم يعرف هذا الأخير سبب هذا الكرم والتعاطف ممن شهدوا حادث ارتباكه واصطدامه بأي جسم بالشارع حينما أربكه المراهق،
ويقول الرواة بأن مبالغ الجوائز للعبة)قطعة الموت( أو تقاطع الهلاك تختلف باختلاف المواقع وبالتالي فإن لكل موقع جمهوره ومغامروه، فالمسألة فيها اعتبار للمستويات المعيشية الأمر الذي يعني أن المعجبين المتلذذين باللعبة كلما كانوا قادرين سيدفعون أكثر وذلك قياساً على مستوى الحي والطبقة ومن يجد في نفسه المقدرة والكفاءة ويثق بمهارته عند قيادة السيارة على ذلك النحو الموصوف بحيثيات اللعبة فليبحث عمَّن يدفع أكثر في حي أرقى)وأنا أشك في هذا التوجه( إذ إن شباب الأحياء الراقية من هواة هذا العبث الممقوت هم الذين يبحثون عن الأغبياء المتعطشين للتصفيق ولو على حساب أنفسهم وأرواحهم، وهذا العبث المهلك يذكرنا بالروليت الروسي الذي انتشر سنوات التراجع الاقتصادي في جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً وانتقل إلى مناطق أخرى مثل بيروت أيام محنة الحرب الأهلية وما صحبها من مآس اقتصادية ومختصر اللعبة هي أن يعمد أحدهم الى مسدس فيغذيه بعدة طلقات فقط ويدير المحالة عشوائياً ويسلمه للمغامر الذي يصوِّبه إلى رأسه فإن أصاب الزناد طلقة هلك المغامر وإن نجا فله الجائزة، ولعبة تقاطع الموت حقيقة حصلت وتحصل خاصة في مثل هذه الايام من إجازات الطلاب خاصة في ساعات الليل الساهرة والآباء نيام بعد أن سلّموا أبناءهم سيارات النجاح أو قد يكونوا في سفراتهم الخارجية والسيارات مع الأبناء المراهقين لتوصيل العوائل للاسواق والمنتزهات وقصور الأفراح، ولم أجد جواباً لتساؤل مختصره: هل هي الرفاهية أم الانحدار بالمفاهيم أم سوء التقدير من الجميع لعواقب الأمور أم أن الأمر يتعدى هذا وذاك أم هي أسباب اجتمعت لأمر يريده الله سبحانه ولن نتقيه إلا بشكر النعم والاتعاظ بمصائر من قبلنا؟ والعاقل من اتعظ بغيره، والمؤكد أن لعبة قطعة الموت مشاهدة في أنحاء متفرقة وذهب ضحيتها أناس أبرياء وسجلت كحوادث معتادة تكثر مزاولة اللعبة في ساعات الليل الأخيرة حتى بعد شروق الشمس بقليل وعند وقوع الخطر يفر الجمع حتى لا تجد من يشهد وتضيع البراهين.
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved