أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th July,2001 العدد:10511الطبعةالاولـي الأثنين 18 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

دقات الثواني
سعاد حسني
د.عائض الردادي
مالي لا أركب الموجة فأكتب عن الفنانات، فأكتب عن الفنانة سعاد حسني، رحمها الله وغفر لها، وشملها بواسع رحمته، فالكتابة عن الفنانات ونشر صورهن تأخذ جل اهتمام الإعلام العربي، ولو عملت احصائية لوجد أن أكثر الاعلام اعلام فنانات، وهو بحق اعلام ظالم للفنانات، لأنه يقوم على امتصاص رحيق لحومهن البيضاء، حتى اذا تجعد الوجه، وتهدلت الساقان، وضمر الصدر، تنكر ذلك الاعلام لأولئك الفنانات، ولم يعد لهن مكان في مساحاته الشاسعة.
سعاد حسني ملأت الشاشة بلحمها الأبيض، الذي امتلأت منه العيون، وعبت منه الأقلام، وتسابق فيه المصورون حتى إذا صوح ذلك الجمال المرحوم، ولم يعد للعيون بغية فيه نسيها الاعلام بل نسيها المجتمع، وعاشت حالة يائسة كانت نهايتها أن قذفت بنفسها من عمارة شاهقة، من دورها السابع، في بلد غريبة، وكأنها أرادت بغربتها في لندن أن تقول للعالم الذي عشقها سنين عندما كانت شابة: إنه مجتمع ظالم، أكل لحمها الأبيض ورمى عظمها عندما هش، وكأنها تريد أن تقول للإعلام: ها أنا قد بلغ بي اليأس ان أرمي بنفسي، فأين أنتم أيها المجتمع عن مساعدتي في مرضي، ورحمتي في شيخوختي، وكأنها تريد أن تبعث رسالة لكل فنانة ترقص الآن فتهز الأرداف، وتكشف المستور، ليصفق لها الجمهور: انهم يصفقون لجمال عشقوه، وسينسونك كما نسوني، ولن تجدي كلمة رحمة، ولا عطفاً ولا شفقة اذا ذهب الشباب، وحلت الشيخوخة، أو ذهبت العافية وحل المرض.
سعاد حسني انتهت نهاية كل فنانة تضحي بشبابها فتعزف عن الزواج، وتزهد في الولد، ثم تنتهي نهاية مأساوية، هي جنتها على نفسها حين زهدت في أسرة تستمع فيها صغيرة، وتجد من يرحمها كبيرة، أو هي نهاية كل من يسلك سبيل الاغراء لما منحه الله من جمال فيُضل كثيراً من الشابات والشبان.
ماتت سعاد حسني سواء أكانت منتحرة أو سقطت متهاوية من الدور السابع دون عزم منها، ولكنها بكل تأكيد ماتت ميتة غير حميدة، في موعظة لكل من يسرف في حياته. ان المجتمع وان صفق له في سلوكه المنحرف لن يعطف عليه اذا داهمته الشيخوخة وحاصره المرض.
وكعادة العرب في عاطفتهم خرجوا في جموع باكية في جنازة سعاد حسني وامتلأت الصحف والشاشات بدموع التماسيح لكنهم لم يحاسبوا أنفسهم لماذا لم يساعدوا سعاد في محنتها؟ ولماذا هجرتهم لتعيش غربة في مجتمع لا يعرفها؟ وهل أخذوا درساً من النهاية ليعيدوا النظر في مناهج التربية حتى يربوا أجيالاً تلجأ الى الله اذا بلغ بها اليأس كل مبلغ فتشكر في السراء وتصبر في الضراء؟
ان نهاية سعاد حسني درس عرفه، بعض زميلاتها في يقظة ضمير، ومنهن الآن من يعيش في اكناف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو درس لمن بقي لترى أن المجتمع مصاص لدماء الشباب الجميلة، مزور عن شبح الشيخوخة، يطلب المتعة من الشباب، ولا يعرف الشفقة عندما يذبل الجمال.
* للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved