| الثقافية
معظم الشعراء لا نجده إلا ملتمسا لشاعريته مادة متنوعة الألوان ومختلفة الطعوم.. ولهذا فإن موقف الناقد من أولئك الشعراء لا يخرج في تعليله لهذا السلوك عن مسارين الأول وهو الأكثر احتمالا للواقع.. هو أن يكون الشاعر معايشا لأناس يتمادون في المزاح والمماحكة والسخرية فيرصد مشاركته في أبيات مصطبغة بصبغة التهكم والهجاء الخفيف.
أما المسار الثاني وهو الأقل احتمالا للواقع.. فهو التقدير بأن الشاعر يرى أن لا يخلف شعرا مطبوعا بطابع واحد فيمل القارئ منه. وأن في تطعيمه بالفكاهة والتهكم ما يجعل له قبولا لدى القارئ فيعمد الى إيجاد شيء من ذلك النوع في شعره.
أما صور التهكم والهجاء الخفيف فنجد منه شيئا عند الشاعر شرف الدين أبي الحاسن محمد بن نصر المشهور بابن عُنين، ففي ديوانه أنه كان له ابن أخت يلثغ بالقاف ويخرجها همزة فعمل له هذه الأبيات يداعبه بها في كل كلمة منها قاف:
مقلة قرص وقلب شبق
ومآق ودْقُها يستبق
واشتياق واحتراق واتقا
رُقباء وسقام موبق
يا لقومي ولقومي قوة
لوقيذٍ قتلته الحدق
ارفقوا بالقلب قد أوثقتم
قيده والعشق قيدٌ موثق |
ووعده صديق له بأن يصطاد له غزالا فمطله. فقال:
غزالك بالوعساء من أرض وجرة
يصيف ويشتومن وراء الخورنق
تناءت به من قانص الأنس داره
فكيف يرجيه مقيمٌ بجلق |
والهجاء في بعض صوره الخفيفة يقرب من التهكم لولا ذكر الاختصاصات والدواعي التي دعت إليه.. لكن ابن عنين قسا على الصفي نصر الله ابن القابض المتوفى سنة 587ه والذي استوزره صلاح الدين الأيوبي لما رأى منه شجاعة وثقة عندما كان خادما له، يقول فيه ابن عنين:
ما إن مدحتك أرتجي لك نائلا
فحرمتني فهجوت باستحقاق
لكنني عاينت عرضك أسوداً
متمزقا فقدحت في حراق |
للتواصل:
ص.ب: 40138 / الرياض: 11499
|
|
|
|
|