| القرية الالكترونية
في إطار التطور السريع لتقنيات الاتصال وما صاحبها من ثورة في تقنيات خدمات نقل المعلومات ، يتناول البعض أبعادها وتأثيراتها المختلفة في الثقافة المحلية لإعادة النظر في تنظيم المجتمع وكيفية استغلال موارده المتاحة للتأقلم مع عالم الغد الذي ستصبح فيه المعلومة وقوة التقنية المساعدة على سرعة نقلها هي العامل الأساسي لتحقيق النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية على المستويين المحلي والوطني والعالمي.
وهذا بدوره ينقلنا إلى تأثير الثورة المعلوماتية وعالميتها على صناعة الثقافات، وبخاصة المتميز منها كالثقافة الإسلامية مثلا. فالأقمار الصناعية التي نقلت المجتمعات من طبيعتها الثقافية المتباينة لتواجه التحدي الذي تفرضه الثقافة العالمية لابد لها من الاستعداد لمواجهة الزحف الهائل المتمثل في تصدير ثقافة الأقوى تقنيا. فالثقافة في الوقت الحاضر أصبحت سلعة كغيرها من السلع تباع وتشترى وتصدر عبر البث الفضائي من مختلف أنحاء العالم سواء بواسطة الأقمار الصناعية أو بواسطة الإنترنت. بل ان هذا النوع من الصناعة والمتمثل في برامج التلفزيون وأفلام السينما والدعاية الإعلامية أصبح ذا مردود اقتصادي كبير بلغت عائداته في الولايات المتحدة الأمريكية ضعفي عائدات المجتمع من الصادرات في قطاع الطيران (ثرو، 1998) نتيجة لذلك تبنت بعض الدول الأوروبية سياسات للحد من تصدير الثقافة الأمريكية محاولة منها لحماية إنتاجها المحلي من البرامج والأفلام السينمائية.
بل ان الأغرب من ذلك ما يمثله هذا السيناريو الاقتصادي للثقافة من تحديات للمجتمعات النامية التي مازالت في مرحلة تحاول فيها حماية صناعاتها المحلية الأساسية والثانوية والتي تهدف من ورائها إلى تنويع اقتصادياتها الوطنية ومن ثم تحقيق أهدافها التنموية الشاملة وبالتالي وفي إطار هذه التنبؤات المستقبلية لعالم تبرز فيه سيطرة قطاعات إنتاجية غير تقليدية (قطاعات الاتصال والمعلومات) فإن المجتمعات النامية سوف تواجه تحديات كبيرة تفرضها طبيعة الاقتصاد العالمي الجديد القائم على تقنية الاتصالات التي سوف تسهم في تفاقم أهم مشكلة يواجهها العالم النامي ألا وهي السلبية الإنتاجية بصفة عامة وفي خدمات الاتصالات بصفة خاصة ومن ثم التحول إلى مجتمعات مستهلكة.
وفي خضم كل هذه التطورات التقنية الهائلة في قطاعات الاتصالات وخدمات المعلومات، تظل تقنية شبكة المعلومات تحتل أهمية بالغة في عالم الغد الذي سوف تكون فيه المعلومة ووسيلة نقلها أداة أكثر تأثيرا في يد من يملكها ويطورها ويطوعها في خدمة أهدافه التنموية الوطنية والحفاظ على ثقافته من التحدي الذي تفرضه الثقافة العالمية حاضرا ومستقبلا. وبغض النظر عن الإيجابيات التي سوف تحققها التطورات التقنية في مجال نقل المعلومات إلا أن هناك من المشكلات الكثير التي ستواجه مجتمعاتنا الإسلامية إذا لم تخط بشكل أسرع في إرساء البنى التحتية لتقنيات الاتصال وخدمات المعلومات. ونظرا لأهمية الموضوع فسوف أتناول في الحلقات القادمة خطر هذه الاتصالات على صناعاتنا الثقافية. كما سأتناو ل مظاهر واتجاهات ثورة الاتصالات ثم أثر هذه الثورة على الثقافة وعلى اللغة العربية وعلى السينما وعلى التربية والتعليم وأخيرا على البرمجيات.
*جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
almosa@almosa.net
|
|
|
|
|