| الاقتصادية
* القاهرة مكتب الجزيرة عبدالله الحصري:
أكد تقرير منظمة العمل العربية لعام 2001 ان عدم توفير الحماية الاجتماعية لكل مواطن هو سبب تزايد وتفاقم البطالة في الوطن العربي إضافة إلى تراجع دور الحكومات عن تقديم الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة وايجاد فرص العمل وتحرير الاقتصادات واعادة هيكلتها ،
وأشار التقرير إلى ان الدول العربية بحكم عضويتها في هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة تأثرت بالإعلانات والمواثيق الدولية المعنية بتوفير الحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية لدى صياغة أنظمتها وتشريعاتها وخاصة تلك المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي وذلك بالرغم من حداثة هذه الأنظمة الاجتماعية، وقد استكملت بعض الدول جميع أنواع التأمينات الاجتماعية وامتدت مظلتها لتشمل بالحماية والرعاية جميع أفراد المجتمع إلا ان بعضها الآخر مازال في منتصف الطريق أو حتى في بداياته ،
وطبقا للتقرير فإن جميع الدول العربية وافقت على الميثاق العربي للعمل ودستور منظمة العمل العربية الذي ينص في مادته الأولى على ان الدول العربية توافق على ان هدفها هو تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى القوى العاملة فيها «كما نصت المادة الرابعة منه على ان الدول العربية توافق على بلوغ مستويات متماثلة في التشريعات العمالية والتأمينات الاجتماعية ،
وفي مجال الحماية الاجتماعية كشف التقرير انه بمرور نحو نصف قرن على بداية ظهور نظم التأمينات الاجتماعية في الوطن العربي تتوفر ملامح عامة تميز هذه النظم بالرغم من اختلاف المراحل الزمنية في المباشرة لتطبيقها والتفاوت في درجة التقدم الاقتصادي والاجتماعي فيما بين البلدان العربية حيث تتمثل ابرز هذه الملامح بأخذ معظم الدول العربية بفروع التأمينات الاجتماعية التي نصت عليها اتفاقية العمل الدولية رقم 102 لعام 1952 ولو على مراحل وبتحديد أولويات بحسب البلدان ،
وتتمثل هذه الفروع بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة والمرض والأمومة وإصابات العمل وأمراض المهن والمنح العائلية كما يشير التقرير إلى ان دولة واحدة من جميع الدول العربية استطاعت ان توفر امتداد مظلة التأمينات الاجتماعية لتشمل جميع المواطنين وتوفر لهم كافة أنواع الحماية كما امتدت مظلة الضمان الاجتماعي في دولة عربية اخرى لتشمل نحو 75% من مواطنيها في مجموعة بعض فروع التأمينات الاجتماعية في حين تتراوح التغطية في مجموعة أخرى من البلدان العربية ما بين 25 و50% من المواطنين لبعض فروع التأمينات، ومازال هناك نحو عشرة بلدان لا تتجاوز نسبة الممولين فيها ببعض انواع التأمينات سقف 25% من المواطنين ويستخلص التقرير من هذه الأرقام ان هناك حاجة إلى توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً ،
من ناحية ثانية يشير التقرير إلى ان إدارة نظم الضمان الاجتماعي في الدول العربية تتماثل من حيث وجود مؤسسات مستقلة تشرف على إدارة تنفيذ مهام نظم الضمان الاجتماعي وتتمتع هذه المؤسسات بالشخصية الاعتبارية المستقلة بإشراف مجالس إدارة ثلاثية التمثيل ،
ويؤكد التقرير ان الحكومات تهيمن بشكل عام على استثمار أموال الضمان الاجتماعي سواء من خلال الهيمنة على مجال الإدارة بحكم تكوينها أو من خلال التقييد بقوانين الاستثمار، ويستخلص التقرير أهمية توفر استراتيجية لاستثمار اموال الصناديق تهدف إلى تحقيق التوازن بين زيادة الأرباح وتخفيض المخاطر ضمن تقديرات موضوعية وعلمية ،
ويعتبر التقرير ان ابرز المشكلات والتحديات التي تواجهها أنظمة الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية هي عدم شموليته وذلك لطبيعتها التي تركز على قيام علاقة عمل منتظمة بين صاحب العمل والعامل وتستبعد بالتالي شريحة واسعة من الفئات التي تعمل لحسابها الخاص أو لفئات غير مشمولة في أنظمة الضمان كعمال الزراعة وفي العمل غير المنظم وهذه الفئات عادة ما تكون اكثر احتياجا إلى الحماية الاجتماعية وتحول الخصائص التقليدية لنظم الضمان الاجتماعي دون تغطية هذه الفئات ،
كما ساهمت العولمة وانكشاف السوق وإعادة الهيكلة في تفاقم مشكلة البطالة الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الخصائص التقليدية لأنظمة الضمان الاجتماعي وقد اسفر عن ذلك ظهور ما يسمى بشبكات الحماية الاجتماعية لمعالجة التحديات الناجمة عن هذه المتغيرات وتوفير الحماية للفئات الأكثر تضررا من انتهاج سياسات وبرامج الإصلاح الاقتصادي والتعديل الهيكلي ،
ويرى التقرير ان هناك حاجة إلى تطوير أنظمة الحماية الاجتماعية في البلدان العربية بما يمكنها من مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين وبما يحقق التقدم والازدهار للمجتمعات العربية ويقترح في هذا الصدد قيام الحكومات العربية بتكثيف الجهود لإعطاء مسائل الحماية الاجتماعية اهتماماً أكبر وذلك بتوسيع مجالاتها ومدى نطاق تطبيقها على الأشخاص غير المشمولين بالحماية ومعالجة مشاكل نقص المهارات والكفاءات في مجال الحماية الاجتماعية بوجه عام ،واقترح التقرير إنشاء نظم وصناديق للحماية الاجتماعية تتماشى مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة والمساهمة في إعداد برامج وندوات من شأنها بلورة وتعميق الثقة وترسيخ التعاون والتفاهم المتبادل بين أصحاب الأعمال والعمال بمجال تطبيقات نظم الحماية الاجتماعية وحماية الأسرة العربية لأنها اول طريق لحماية المجتمع العربي وتعزيز دور المراكز والجمعيات التي تقدم الحماية الاجتماعية لكي تكون أداة قومية وفاعلة في النهوض بالمجتمع ،
وفي مجال حماية المواطن العربي يرى التقرير ان أنجح الخطوات العملية التي تمكن الأمة العربية من التعامل مع الوضع الجديد من المتغيرات العالمية وحماية المواطن العربي ومصالحه القومية وذلك وسط تصادم المصالح الاقتصادية والتجارية للقوى العالمية يكمن في العودة إلى الذات وتفعيل التكامل العربي وتعزيز العمل العربي المشترك وتمهيد الطريق لتكوين علاقات تعاون مع التكتلات الاقتصادية ،
ويرى ان هناك حاجة لوضع استراتيجية ملائمة للحماية الاجتماعية على ضوء الاحتياجات والموارد وتوفير الإطار المناسب وآليات التنفيذ التي تضمن توزيع الأدوار في نسق التكامل بعيدا عن الازدواجية والعشوائية في تقديم الخدمات ،
|
|
|
|
|