| الاقتصادية
* كتب فهد الشملاني:
استغل بعض المزارعين غياب الرقابة وتطاولوا على اقامة مزارع على ضفاف وادي الحائر الواقع جنوب مدينة الرياض الذي تصب وتجري فيه مياه الصرف الصحي للمدينة طوال العام، ولم ينته الامر عند ذلك بل ان كثيراً من اصحاب المزارع اعتمد سقي تلك المزارع وبشكل علني من مياه المجاري الملوثة مباشرة دون رقيب او حسيب مستخدمين مضخات تعمل بوقود الديزل لنقل المياه من قناة المجاري مباشرة لتروي اعدادا كبيرة من اشجار النخيل المثمرة التي اتخذها اصحابها لهدف الاستثمار وبيع انتاجها من التمور في الاسواق المحلية ،
وكان ل«الجزيرة» جولة على هذه المزارع حيث بدأت الجولة من بلدة الحائر القديمة المهجورة الواقعة وسط وادي الحائر الذي تجري فيه قناة الصرف الصحي المكشوفة نزولا مع الوادي باتجاه الشرق وبعد حوالي خمسة كيلو مترات من البلدة اخذت مزارع النخيل تتضح للاعيان التي كانت بدايتها بمزارع نخيل مهملة معظم اشجارها شبه ميتة وبالتوغل في الوادي عبر ممرات ضيقة لا تتسع الا لمرور سيارة واحدة وسط الحشائش الكثيفة التي نبتت على ضفاف قناة الصرف الصحي ظهرت مزارع قائمة تحوي العديد من أشجار النخيل المثمرة تروي كل مزرعة تقريبا من مياه المجاري بمضخات آلية تُسمع اصواتها بوضوح في ارجاء الوادي رُكبت على القناة تنقل المياه على علاّتها الى المزارع بواسطة انابيب تتفاوت اطوالها حسب المسافة الفاصلة بين القناة والمزرعة غير آبهين اصحاب تلك المزارع بالضرر الصحي الذي قد يلحق من جراء الري بتلك المياه الملوثة بمخلفات المنازل والمصانع والمشتقات الكيماوية والمواد الضارة الاخرى ،
وتقترب المزارع من مجرى الوادي كلما زادت مسافة التوغل في الانحدار مع الوادي تجاه الشرق وذلك بسبب تقارب طرفي الوادي الجرفية كما ادى زيادة كثافة الحشائش الطفيلية التي ترتفع الى اكثر من ثلاثة امتار الى وعورة الوصول لبعض المزارع التي تتوارى خلف تلك الحشائش ،
ولمصداقية طرح الموضوع فاننا لم نجد في المزارع التي تم الاطلاع عليها محاصيل خضرية او اشجار فواكه انما اقتصرت المزارع على اشجار النخيل علما باننا لم نصل الى نهاية الوادي الذي يمتد عشرات الكيلو مترات وذلك لصعوبة الطريق ،
كما اتضح من خلال الجولة ان المزارع قائمة منذ زمن طويل قياساً على حجم اشجارها ولا تزال تستثمر حتى الوقت الحاضر ويقوم على رعايتها عمالة وافدة، ولفت نظرنا مجموعة من العمالة من الجنسية الشرق اوسطية تجلس الى جانب قناة المجاري في موقع تزاد فيه كمية المياه نتيجة لتجمعها مكونة دوامة مزبدة، واتضح ان سبب وجودهم في هذا المكان هو لصيد الاسماك التي تكثر في الموقع، وقالوا انهم يمارسون هواية صيد السمك اشباعا لرغبتهم ولم يرد هؤلاء العمالة على سؤالنا ماذا يفعلون بحصيلة الصيد في النهاية بل اكتفوا بالصمت وابصارهم شاخصة بآلة التصوير في ايدينا ،
وفي تصرف ينم عن عدم الاكتراث نصب هؤلاء المزارعون مضخات المياه الى جانب قناة مجرى الصرف الصحي بطريقة محكمة بواسطة مادة الاسمنت والخرسانة لتثبيتها الى الابد تدار بواسطة آلات زراعية (مكائن) مستغلين غياب الرقابة لتحقيق ربحية ممقوتة على حساب صحة الآخرين في ظل غياب الضمير والمواطنة الصالحة ان كانوا مواطنين مخالفين لتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف الذي آخى بين المسلمين وجعل من شروط الايمان (ان يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه) حتى لو تذرع اصحاب المزارع في حجة تنقية المياه فلا يمكن ضمان هذه المياه من المواد الكيميائية والمواد السامة الاخرى الناتجة من مخلفات المستشفيات والمصانع ،
وتثير هذه الممارسات العديد من التساؤلات الهامة: أين الأجهزة الرقابية لوزارة الزراعة والمياه والأجهزة المعنية الأخرى؟ وأين دور المواطنين المحيطين بالمكان من التبليغ عن هذه المخالفات؟ ولماذا لا يتم ازالة الحشائش الكثيفة التي تحجب الرؤية عن بعض مناطق الوادي وتوفر مجالا خصبا لضعاف النفوس في اقامة مثل هذه المزارع؟ وما هو مصير الثمار الحالية لهذه النخيل خاصة ونحن على ابواب موسم جني التمور وكيف وأين يمكن تصريفها؟ واين هؤلاء المزارعون من الاستفادة من التسهيلات والدعم اللذين تمنحهما الدولة ايدها الله للمستثمرين في المجال الزراعي كتقديم القروض الميسرة والآلات الزراعية ومنح الاراضي الزراعية والدراسات الاقتصادية والاستشارات الفنية وغيرها من المساعدات في اقامة مشاريع زراعية قانونية مضمونة الربحية يحققون من خلالها رزقا حلالا مجزيا بدلا من اللجوء الى الطرق الملتوية غير المشروعة التي تنعكس سلبياتها على المستثمر نفسه اولا ثم على مجتمعه ،كنا نأمل ان تجد هذه التساؤلات اجابة عملية شافية من الجهات المسؤولة ذات العلاقة للقضاء على هذه الظاهرة وتبعياتها وازالة جميع المزارع الواقعة على الوادي في المناطق التي تنالها مياه الصرف الصحي على اقل تقدير وردع المخالفين او تحذيرهم وتوعيتهم ان كانت تلك المخالفات قد ارتكبت عن جهل وغير علم بمغبة سوء عواقبها ،
|
|
|
|
|