| مقـالات
بقلم: م. فهد بن خالد الفوزان
تعتبر الأكتاف الجانبية من أهم عناصر السلامة المرورية على الطرق؛ وعادة ما تصمم هذه الأكتاف لوقوف المركبات في حالة الطوارئ، وعند تعطلها، ولإجراء أعمال الصيانة، كما أنها تساهم في تدعيم طبقات الرصف. ويعتبر استخدام كتف الطريق الأيسر مساراً للتجاوز أمراً مألوفاً في مدينة الرياض، خصوصاً على الطريق الدائري والطريق المؤدي إلى مطار الملك خالد الدولي، حيث يستخدمه الكثيرون من قائدي المركبات لتجاوز المركبات الأخرى؛ علماً بأن استخدام الكتف الأيسر مساراً للتجاوز يُعد مخالفة مرورية، كما أنه يؤدي إلى وقوع الكثير من الحوادث المرورية.
ومما تجدر ملاحظته أن سرعة السائق الذي يستخدم المسار الأيسر من الطريق هي عادة السرعة القصوى المسموح بها في الطريق والتي تقدر بـ120كم/ساعة، بينما سرعة السائق الذي يستخدم الكتف الأيسر من الطريق لتجاوز أي مركبة تكون أعلى من سرعة المركبة التي تستخدم المسار الأيسر، ويمكن التخيل بأن سرعة ذلك المتجاوز عن طريق الكتف الأيسر ستكون بالفعل أكثر من 120كم/ساعة في معظم الحالات.
وهذا المقال يهدف إلى اقتراح عدة طرق فعالة لمنع استخدام الكتف الأيسر من الطريق من قبل قائدي المركبات مساراً للتجاوز، وسوف تساعد التوصيات المقترحة بإذن الله المختصين والمهتمين في هذا المجال إلى الحد من استخدام الكتف الأيسر من الطريق مساراً للتجاوز.
إن التصميم الجيد والصيانة المستمرة لهذه الأكتاف هما أمران أساسيان لسلامة مستخدمي الطريق، بالإضافة إلى توفير حماية جيدة لطبقات الرصف، وتعتبر أكتاف الطريق جزءاً من الطريق، حيث إنها توفر أماكن للوقوف في حالات الطوارئ وتعطل المركبات؛ وهي بالإضافة إلى ذلك مكان يُلجأ إليه لإجراء الصيانة السريعة، عدا ما تتمتع به من مزايا أخرى، إلا أن هذه الأكتاف يمكن أن تخلق مشاكل إذا لم تُنشأ وتُجرى صيانتها بالشكل المطلوب حتى يسهل لمستخدميها تحقيق الأغراض المنفذة لها أصلاً.
ويراعى في التصميم الهندسي للأكتاف الجانبية على أنها دعامة إنشائية لسطح الطريق ومحددة لمسارات الطريق، بالإضافة إلى أنها تساعد في تصريف الماء عن الطريق، وتُحَدد أهمية وجود الأكتاف ومواصفاتها تبعاً لنوع الطريق، وحجم الحركة المرورية، وسرعة ونوع المركبات التي تسلكه، وطبوغرافية الطريق. ويعتمد تحديد العرض الأدنى والمرغوب فيه لعرض الكتف على الوظيفة التي يؤديها الكتف وعلى خصائص الطريق ذاته. ويتراوح عرض الأكتاف عادة ما بين 2.1 متر كحد أدنى إلى 65.3 متر كعرض مرغوب فيه في حالة الحركة المرورية الكثيفة والطرق ذات السرعات العالية. ويعتبر كتف عرضه من 5.2 متر إلى ثلاثة أمتار مناسباً للمركبات ذات السرعات البطيئة.
ويؤثر ضيق الأكتاف مع وجود عوائق جانبية تأثيراً سلبياً واضحاً على حركة المرور؛ إذ إن وجود معوقات بالقرب من حافة الطريق سوف يؤثر على سلوك مستخدمي الطريق؛ فالمركبات التي تسير بمحاذاة تلك العوائق تحاول الاقتراب من المسارات الأخرى في نفس الاتجاه مما يسبب الإرباك للمركبات التي تسير عليها كما لو كانت هذه المسارات ضيقة؛ أي أنه سوف يكون لذلك تأثير على سعة الطريق. وللمحافظة على سعة الطريق يجب توفير أكتاف مناسبة في الطريق لاستخدامها كملاذ للمركبات المتعطلة؛ ففي حالة تعطل أي مركبة في طريق لا تتوفر فيه هذه الأكتاف فإن هذا من شأنه أن يقلل من سعة الطريق بأكثر من سعة مسار واحد، خصوصاً إذا كان عرض المسارات أقل من 65.3متر. وهكذا فمع تعطل أي مركبة سوف يُغلق المسار بأكمله، بل وسوف تتقلص سعة المسارات المجاورة كلما اندفعت المركبات في المسارات المتبقية حيث تكون سرعة المركبات في هذه الحالة أقل من السرعة التي تحقق سعة الطريق. ويجدر بالذكر أن تأثير الأكتاف المرصوفة على سعة الطريق تكافئ تقريباً إضافة ثلث متر لعرض المسار.
وتعتبر الأكتاف الجانبية من العناصر المهمة في الطريق لتصريف المياه حيث يجب أن تكون متلاصقة تماماً مع سطح الطريق. ومن الطبيعي أن الأكتاف تميل بميل جانبي مناسب عن حافة الطريق حتى تساعد في صرف المياه عنه، ولكن يجب أن يكون الميل الجانبي مناسباً بحيث لا يشكل خطراً على سير المركبات.
وتتمثل أهم مزايا واستخدامات الأكتاف كما يلي:
1. توفير أماكن وقوف آمنة للمركبات المتوقفة بسبب حصول عطل ميكانيكي أو انفجار أحد الإطارات أو لأي تعطل آخر.
2. توفير إمكانية التوقف لقائدي المركبات عند الحاجة إلى التزود بمعلومات عن طريق الوصول إلى مقصدهم، أو لأخذ قسط من الراحة، أو لإجراء تبديل في قيادة المركبات،. أو لأي سبب آخر.
3. توفير فرص لتلافي الوقوع في حوادث شنيعة دامية أو التخفيف من حدتها.
4. توفير أماكن لأعمال الصيانة على الطرق مثل الري وتقليم الأشجار... وغيرها.
5. تساعد في حماية حافة الطريق من التدهور ومن انفصال حبيبات الحصى بسبب عوامل التعرية الناتجة عن وجود الماء.
6. توفير دعامة إنشائية لطبقات الرصف.
7. تزيد بعض أنواع الأكتاف الطابع الجمالي للطريق.
8. تساعد الأكتاف ذات العرض المناسب على الشعور باتساع الطريق وتساهم في تأمين قيادة سهلة والتحرر من الانفعال. بالإضافة إلى أنها تحسن من الطاقة الاستيعابية للطريق وذلك بتشجيع السير بسرعات منتظمة.
9. توفير المجال لتحويل مسار المركبات عن أماكن الإعاقة )مثل مناطق العمل أو وقوع حادث في مسارات الطريق الرئيسية(.
ويعتبر وجود الأكتاف الجانبية في الطرق أمراً ضرورياً مهما كانت الكثافة المرورية عليها. وفي مدينة كبيرة كالرياض تتوفر الأكتاف الجانبية في كثير من الطرق الرئيسية مثل الطريق الدائري وطريق مطار الملك خالد الدولي وكذلك في الطرق السريعة خارج المدينة. ويتكون طريق الرياض الدائري من طريق سريع حر الحركة ذي ثلاثة مسارات في كل اتجاه بعرض 65.3 متر لكل مسار، مع مسار رابع إضافي بعرض 65.3 متر لتأمين حركة الدخول والخروج من الطريق السريع إلى طريق الخدمة وبالعكس، كما توجد جزيرة وسطية بعرض ثمانية أمتار وكتف جانبي أيمن بعرض ثلاثة أمتار وكتف جانبي أيسر بعرض 5.2متر.
ومنع استخدام الكتف الأيسر مساراً للتجاوز يوفر سلامة مرورية أفضل وقيادة مريحة لكافة السائقين؛ وبالتالي فإن قائد المركبة على المسار الأيسر يكون مطمئناً وآخر شيء يفكر فيه هو أن أحداً يتجاوزه مستخدماً الكتف الأيسر. ويمكن اقتراح الأساليب التالية لمنع استخدام الكتف الأيسر مساراً للتجاوز:
1. الأسلوب الأول، ويتمثل بإحداث أخاديد محفورة على الكتف الأيسر تأخذ شكل خطوط عرضية تتوالى ضمن مجموعات متساوية العدد على امتداد الطريق؛ ويتم ذلك عند وضع الطبقة الزفتية العليا بواسطة جسم يتم إدماجه بمدحلة التسوية. ويبلغ عمق هذه الأخاديد 5.2 سم ويبعد أحدها عن الآخر مسافة 20سم، كما أنها ذات مقطع نصف دائري كما هو مبين في شكل )1(. وعلى سبيل التقدير تعتبر مجموعة من خمسة خطوط لكل عشرة أمتار طولية أمراً مرغوباً به ويتفق مع معياري الاقتصاد ومدى الرؤية. وهذا الأسلوب يثبط استخدام الكتف الأيسر حيث تكون القيادة عليه مزعجة للسائق وبالتالي يلتزم بمسارات الطريق.
2. الأسلوب الثاني هو عبارة عن خطوط زفتية ناتئة )مرتفعة(، حيث تضاف هذه الخطوط عبر الكتف الأيسر بنفس الأبعاد المبينة أعلاه باستثناء أن الخط هذه المرة مرتفع بمقدار 3سم كما هو موضح في شكل )2(؛ وتستخدم الخرسانة الزفتية في تحقيق هذا الأسلوب. وهذا الأسلوب كما في الأسلوب السابق فعال في منع استخدام الكتف الأيسر مساراً للتجاوز. ومن المفضل طلاء هذه الخطوط الناتئة بحيث تكون مرئية من قبل السائقين للتنبيه. إضافة إلى إحداث أصوات مسموعة عند المرور عليها.
ولكن تلك الأخاديد والخطوط الناتئة لها عدة سلبيات منها على سبيل المثال:
أ( أن هذه الأخاديد والخطوط الناتئة الموضوعة على مقاطع ممتدة من الكتف سوف تردع بشكل إرادي حركة المرور على امتداد الكتف الأيسر. ولكنها مع الأسف تثبط العزيمة على الانتقال إلى الكتف الأيسر عند السرعة العالية من أجل التوقف الضروري. فالسائقون يميلون إلى التباطؤ في المسار الرئيسي، وبالتالي فإنهم يعمدون إلى عمل محفوف بالخطر.
ب( أنها تقلل الاستخدام الفعّال للكتف الأيسر لحركة المرور في أوقات معينة مثل حالات الازدحام في ساعات الذروة، وفي حالات حدوث الحوادث والعوائق المختلفة.
ج( الخطوط الناتئة قد تسبب خطر الانزلاق للمركبات ولا سيما في حالة وجود المياه.
د( أن تنفيذ الخطوط الناتئة وصيانتها تعتبر عملية مكلفة.
3. الأسلوب الثالث، ويتمثل بالتمييز بين مسارات الطريق والأكتاف باستخدام لون متباين أو مادة مميزة في سطح الطريق. وهذا التباين يساعد مستخدم الطريق على تمييز الكتف عن بقية مسارات الطريق وأن هذا الكتف له غرض خاص. كما أنه يساعد جداً على تحديد مسارات الطريق في حالة ظروف الرؤية السيئة مثل المطر أو الضباب؛ فيما هو يثبط من استخدام الكتف الأيسر كمسار إضافي للتجاوز. أما التمايز بالمواد المختلفة فيمكن تحقيقه بجعل سطح الكتف أكثر خشونة من سطح مسارات الطريق؛ والملاط الأسفلتي من شأنه يوفر التمايز المطلوب.
4. يتمثل الأسلوب الرابع برسم خطوط مائلة على الكتف؛ وهذا الأسلوب يستخدم أيضاً لتثبيط القيادة على الكتف الأيسر. ويجب أن تكون هذه الخطوط بلون أصفر وبعرض 30سم على الأقل لضمان الرؤية الجيدة كما هو موضح في شكل )3(.
5. الأسلوب الخامس هو استخدام إشارات ثابتة للدلالة، وتعتبر إشارات التنبيه هامة جداً في هذه الحالة؛ حيث تشير إلى أن القيادة أو العبور على الكتف الأيسر لأي سبب غير تخفيف السرعة من أجل التوقف أمران محظوران. وهذه الإشارات يجب أن تكتب بالعربية وبشكل مرئي وعملي وتوضع خارج منطقة الأكتاف للطريق. ويجب أن تقام هذه الإشارات على مسافات مناسبة، كل 5 كم مثلاً.
6. الأسلوب السادس هو وضع كتابات على سطح الكتف الأيسر وفي أماكن مناسبة لتنبيه السائقين إلى أن العبور ممنوع.
7. الأسلوب السابع هو خلال عملية استخدام المدحلة أثناء تنفيذ الطريق وذلك بإحداث تموجات على مسار الكتف الأيسر.
8. بالطبع إن تطبيق قوانين وقواعد المرور من شأنه إزالة بعض أخطاء السائقين. ويمكن تصحيح الوضع من قبل سلطات المرور الذين عليهم أن يفرضوا بحزم قواعد السرعة بحيث يتعود السائقون على توقع الغرامة إذا تجاوزوا حدود السرعة واستخدموا الكتف الأيسر مساراً للتجاوز.
9. يجب أن تكون هناك تربية خاصة بالقيادة قبل منح رخص القيادة.
10. من الواضح أن السائقين الشباب هم الفئة الأكثر خطراً لذلك فإن برامج تحسين السلامة يجب أن تركز على هذه الفئة أولاً.
11. استخدام وسائل الإعلام لتوعية السائقين أمر مهم جداً بالنسبة لأولئك السائقين الذين يعتقدون أن الكتف الأيسر هو جزء من مسارات الطريق أو غيرهم من السائقين المخطئين. وتضم هذه الوسائل:
- الصحف اليومية والتلفاز والإذاعة واللافتات وغيرها لنشر التوعية المرورية لدى السائقين.
- الدعاية أو توزيع نشرات دورية بخصوص وسائل السلامة.
-حملة التوعية التي تنطلق خلال أسابيع المرور.
*محاضر - كلية الهندسة
جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|