| العالم اليوم
* بروكسل واس:
^^^^^^^^^^^^
تصاعد الجدل في بلجيكا حول فاعلية تحويل القضاء البلجيكي الى قضاء دولي وتمكين المحاكم البلجيكية من ملاحقة جهات أجنبية والبت في قضايا كان مسرحها خارج حدود البلاد.
^^^^^^^^^^^^
وتواجه السلطات البلجيكية على المستوى القضائي والدبلوماسي معضلة هامة حاليا وتتمثل في تعدد حالات رفع شكاوى من جهات خارجية ضد مسؤولين أجانب أمام العدالة البلجيكية وكل ما يترتب عن ذلك من مشاكل وتداعيات على سير القضاء البلجيكي نفسه من جهة وآثار على الصعيد الدبلوماسي والسياسي من جهة اخرى.
وتبذل السلطات القضائية البلجيكية والدوائر الحكومية جهودا كبيرة وعلنية هذه الايام للتوصل الى حل عملي يمكن عبره الرد على مختلف الجوانب التي تواجه بلجيكا بسبب هذه الحالة الجديدة والمنقطعة النظير في تاريخ العلاقات الدولية وتحديدا جعل القضاء البلجيكي قادرا من الناحية الفنية والعملية البحتة على الاستجابة لمجمل الطلبات الموجه اليه والدعاوى المرفوعة ضد جهات اجنبية بمقتضى القانون البلجيكي المعتمد عام 1993 والذي تم تنقيحه عام 1999م ويخول للمحاكم البلجيكية مقاضاة أي شخص متهم بارتكاب تجاوزات أو انتهاكات أو جرائم يمكن ادراجها في بنود هذا القانون وذلك مهما كان موقعه او جنسيته أو مكان ارتكابه للجرائم المتهم بها.
ويبدو ان القضاء البلجيكي بحاجة ماسة الى امكانيات بشرية ومالية وتنظيمية اضافية للرد على مجمل الطلبات الواردة اليه من جميع أنحاء العالم وتعيين قضاة تحقيق ومحامين مدفوعي الاجر سلفا ومحققين وهيئات قضاء وما الى ذلك من تبعات ادارية.
وتريد بلجيكا من جهة أخرى تجنب الدخول في دوامة من الخلافات والنزاعات مع جهات اجنبية بسبب هذا القانون وان تجد الحكومة البلجيكية نفسها في اوضاع وحالات دبلوماسية لم تخطط لها من قبل.
وتسعى السلطات وموازاة لهذه المعطيات إلى المحافظة رغم كل هذه التداعيات المالية والدبلوماسية على قانون 1993 لدوافع داخلية سياسية في بلجيكا ولتحسين صورة بلجيكا عالميا وفي ملف القضاء وحقوق الانسان بعد سنوات من انهيار سمعة القضاء البلجيكي والذي يعاني من سوء أداء لازال متواصلاً حتى الآن واخفاق كبير في التصدي على الصعيد الداخلي لنشاط اليمين المتطرف وللفساد والرشوة والجرائم الاخلاقية.
وقد مثل تنظيم محاكمة لاربع من الرواندنيين في بداية شهر يونيو من العام الحالي في بروكسل متورطين في عمليات ابادة في بلادهم ابان الحرب الاهلية الرواندية عام 1994 سابقة دولية ولكن المعنيين الاربعة هم مجرد مواطنين عاديين ولا يتحملون اية مناصب على خلاف بعض الشكاوى الاخرى المرفوعة حاليا.
وفي خطوة حاسمة على الصعيد القضائي والقانوني أعلنت النيابة العامة في بروكسل نهاية الاسبوع الماضي أن الشكاوى المقدمة ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون لدوره في مذابح صبرا وشاتيلا عام 1982 تعتبر مقبولة وقبلت للبت والتحقيق فيها.
وهذه هي أول ردة فعل رسمية من قبل القضاء البلجيكي على سلسلة من الشكاوى تقدمت بها اطراف بلجيكية وعربية لدى القضاء البلجيكي لمحاكمة رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي ارييل شارون أمام القضاء البلجيكي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وفق قانون بلجيكي خاص اعتمد عام 1993م وتم تنقيحه عام 1999م ويسمح بمقاضاة أي شخص مهما كان موقعه او جنسيته متورطاً في جرائم ضد الانسانية. وقامت النيابة العامة في بروكسل بصياغة قرار خاص يتضمن الاقرار بقبول الشكاوى المرفوعة ضد شارون مما يعني اجتياز السلطات القضائية البلجيكية لمرحلة جديدة في ملاحقة شارون.
وقالت النيابة العامة في بروكسل انه واعتبارا من الان سيعهد للقاضي البلجيكي كوليونيون بتوجيه التحقيق نحو دور شارون في مذابح صبرا وشاتيلا والتي راح ضحيتها زهاء الف مواطن فلسطيني ولبناني وصنفتها الامم المتحدة بأنها من الجرائم المرتكبة ضد الانسانية.
ولم يصدر أي فعل رسمي من الحكومة البلجيكية على اعلان النيابة العامة البلجيكية ولكن السلطات الاسرائيلية أرسلت عددا من الحقوقيين الى بروكسل لمعاينة الموقف عن كثب وأخذه مأخذ الجد وممارسة ضغوط مفتوحة على الحكومة البلجيكية .
ويوجد قبول الادعاء العام في بروكسل في الشكوى المرفوعة ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية وضعا محرجا للدبلوماسية البلجيكية خلال توليها الحالي للرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي وسيحد بشكل واضح من طموحات وزير الخارجية لوي ميشال بلعب دور حيوي في الدفع بالعملية السلمية في الشرق الاوسط.
ويأتي تصاعد الحرج البلجيكي بعد أن قررت منظمة هومان رايت واتش الامريكية دعم الشكوى المرفوعة ضد شارون.
ويواجه القضاء البلجيكي حاليا العديد من القضايا الحساسة التي هي رهن التحقيق وتخص ثلاثة من القادة السابقين للخمير الحمر في كبموديا كيوسامفان ونيون شيا وهانغ ساري والرئيس العاجي الحالي لوران اغباغبو وغيرهم.
وقد أعرب المدعي العام في بروكسل بنوا ديجيماب مؤخرا عن قلقه أمام ارتفاع أعداد الشكاوى الموجهة للقضاء البلجيكي ودعا الى اتخاذ اجراءات تشريعية جديدة وتوفير امكانيات مادية لمواجهة هذه الوضعية الجديدة.
وتفكر الحكومة البلجيكية حاليا في سبل تجاوز كل الجوانب السلبية الناتجة عن تحركات القضاء ولكن سيكون من الصعب تمرير تحوير جذري في القانون الخاص بالجرائم ضد الانسانية لأن أي تحوير عليه سيفقده نهائيا فعاليته وسيكشف حدود الالتزام البلجيكي المعلن رسميا حتى الآن بدعم نوع جديد من العدالة غير الخاضعة للحدود.
|
|
|
|
|