| تحقيقات
تحقيق إبراهيم المعطش
هناك من يساهم في تعريض أبنائه للخطر من خلال الاختيار السيىء للألعاب وعدم مراعاة مناسبتها للطفل، هذا ما نتطرق إليه في هذا التحقيق الذي يسلط الضوء على الآباء الذين يخاطرون بحياة أبنائهم من خلال شرائهم لألعاب لا تناسب أعمارهم أو يكون فيها خطر على حياتهم أو صحتهم.. في هذا التحقيق حاولنا البحث عن الألعاب التي تشكل خطراً على الأطفال بالذات، فهناك الألعاب الحادة التي قد تصيب الطفل أو الألعاب التي تسبب حساسية أو ألعاب قد تؤذي الطفل بشكل أو بآخر، وكان التركيز على الطفل لأنه لا يعرف ماذا يريد وما يناسبه من الألعاب، والوالدان هما من لديهم القدرة على توجيه الطفل، بل والمحافظة على سلامته، وهناك آباء يعتقدون أنهم سيفرحون أبناءهم حينما يلبون طلباتهم لكنهم لا يعلمون أنهم بذلك يقتلون أبناءهم، فكم من أب يعض أصابع الندم على ما أقدم عليه من شراء لألعاب لاتناسب عمر الطفل.
في هذا التحقيق أيضاً استطلعنا رأي بعض الأطباء المختصين مزودة بقصص واقعية حصلت لبعض الآباء والأمهات.
ألعاب حادة
هناك ألعاب حادة تضر بالأطفال وتشكل لهم خطراً كبيراً رغم أنها تندرج تحت مسمى لعبة، ومن هذه الألعاب بعض السكاكين والألعاب التي على شكل مركبات المطبخ التي تعتبر السكين احدى أدواته.
وعن خطر مثل هذه الألعاب الحادة تقول د. جمانة العلي وهي تعمل في طوارىء مستشفى السويدي: نستقبل عدداً من حالات الأطفال لعل من أهمها حالات السقوط والاصطدام لكن لفت نظري عدد من الحالات الخطيرة التي كان سببها استخدام بعض الآلات الحادة في لعب الأطفال، وأذكر أن أحد الأطفال أُحضر في حالة حرجة حيث احتاج لتزويده بدم والسبب اصابته التي كانت في الرأس التي سببت له نزيفاً، وحسب كلام والديه أن أحد إخوانه كان يلعب معه في إحدى الألعاب بلعبة على شكل فأس حادة فأخذ يضرب بها أخاه الذي بكى بكاءً شديداً، وعند حضور والديه اكتشفا أنه مصاب في رأسه والدم ينزف بغزارة مما دعاهما إلى نقله للمستشفى.
ألعاب تسبب الحساسية
وتكثر الألعاب التي يتم تشكيلها على هيئة حيوانات مثل الدببة أو القطط أو القرود أو الأرانب التي يتم تلبيسها بالفرو أو يكون جلدها من شعر مصنوع، وعن هذه الألعاب تقول د. هناء محمد إخصائية أطفال: تسبب بعض الألعاب التي تحمل شعراً أو فرواً مثل الألعاب التي على شكل حيوانات تسبب حساسية في الأنف والصدر حيث أن ملامسة هذا الفرو يجعل بعض الشعر ينتقل إلى الأنف أو الفم مما يسبب حساسية تتحول إلى حكة في الجيوب الأنفية وقد تؤثر تأثيراً مباشراً على صحة الطفل، ولكنها تختلف من طفل إلى طفل حسب تقبله للحساسية، لأن هناك أطفالاً مصابون بالربو فهؤلاء الأطفال تكون هذه الألعاب خطرة عليهم لأنها تهيج الجيوب الأنفية وتتسبب في انسداد المنافذ الهوائية، والخطر الأكبر إذا وصل ما يتطاير من شعر إلى الصدر من خلال الأنف، وكثرة احتضان مثل هذه الألعاب أيضاً قد تخلق حساسية تكون هذه الألعاب هي السبب الرئيسي في هيجان الجيوب الأنفية، ومثل هذا الضرر لا يتبين بسرعة، بل تتولد من خلال التراكمات ومع طول الفترة تزيد الحساسية، لذلك أنصح الوالدين بعدم اقتناء مثل هذه الألعاب لأنها قد تضر بصحتهم، وهناك أكثر من بديل لمثل هذه الألعاب فهناك ألعاب تكون مصنوعة من الورق المقوى أو «الفلين» أو الخشب الخفيف والتي لا تضر ولا تسبب الحساسية.
عن هذا الموضوع يقول سامي خالد العتيبي )موظف في الحرس الوطني(، وكان أحد مراجعي الدكتورة هناء بطفله أحمد )ثلاث سنوات(: لاحظت على ولدي أحمد تغير لونه والخمول الذي يصاحبه مع كثرة الحكة التي تصاحبه في أنفه، فاعتقدنا أنها مثل عادة الأطفال الذين دائماً ما يصابون بتعب أو حرارة، إلا أن والدته قالت لي إنها تحس أن أحمد لديه ضيق في التنفس أثناء النوم، وخفت أن يتطور الموضوع إلى أزمة تستمر مع ولدي فأخذته إلى د. هناء )إخصائية أطفال( حيث أفادتنا أنه يتعرض بين فترة وأخرى إلى استقبال شعر أو بعض الشوائب التي سببت له حساسية تطورت إلى ضيق في التنفس. واكتشفنا بعد ذلك أن «الدب» الذي يحتضنه أثناء النوم هو السبب الرئيسي في ذلك خصوصاً وأنه مغطى بفرو.
البنادق والسلوك العدواني
كما أن هناك ألعاباً تشكل خطراً محدقاً على الأطفال، منها تلك البنادق البلاستيكية والأسلحة النارية على هيئة ألعاب، وهذه الألعاب بغض النظر عن خطرها في الاصابة ببعض الجروح والكدمات فإنها تؤدي إلى زرع العدوانية لدى الأطفال.
تقول د. جمانة العلي: البنادق والأسلحة التي تكون على شكل ألعاب أطفال من الألعاب الخطرة عليهم لأنها تؤدي إلى إصابات خطيرة، فهي تعتمد على الطلقات والرمي وهو ما قد يؤدي إلى إصابة الطفل في أماكن من جسمه، واعتقد أن هناك ألعاباً خطرة جداً مثل المسدسات التي تطلق بعض الأعيرة النارية أو البنادق التي تطلق الطلقة المعروفة باللاصقة والتي لو تم توجيهها على الطفل فقد تؤدي إلى أضرار وخيمة وجسيمة، ويصل إلى المستشفى حالات عديدة من هذه الإصابات فهناك بعض الأطفال يصابون في أعينهم ومناطق حساسة أخرى.
ذات الأجزاء الحادة
تحدث الدكتور عدلي بسيوني عن خطر هذه الألعاب مؤكداً أن لها أخطارا كبيرة إذا لم يتم اختيارها باعتناء واهتمام، فالأب عندما يشتري لعبة ذات أجزاء وقطع صغيرة لطفل رضيع أو صغير لا يميز هذه الألعاب فإنه قد يلتهم بعض الأجزاء الصغيرة مما يؤدي إلى اختناقه أو موته - لا قدر الله - كما أنه يجب الاختيار للألعاب حسب عمر الطفل، فالطفل الذي يبلغ عمره سنتين أو ثلاث لا يجب أن نشتري له ألعاباً ذات أجزاء حادة أو ألعاب كهربائية، أو تلك التي تشابه المسدسات أو البندقية التي تطلق منها أشياء قد تصيب عين طفل آخر، بل يجب أن نشتري لهم في هذا العمر ألعاباً مثل السيارات الصغيرة أو ألعاباً تصدر أصواتاً والأطفال الذين يبلغ عمرهم أربع سنوات فما فوق فلا بأس من شراء ألعاب كهربائية أو التي تعمل على بطاريات وذلك لتجاوبهم معها وقدرتهم على معرفتها، ولعلي أنصح في هذا المقام بعدم اقتناء تلك الألعاب الكبيرة كالدراجات النارية التي قد تصيب بالكسور أو بنادق الصيد فهذه من الألعاب أو لنقل من المقتنيات الخطرة التي تؤدي إلى أضرار كبيرة وتجلب مصائب عديدة الإنسان في غنى عنها.
وحقيقة يصل إلى المستشفيات أعداد كبيرة من الأطفال الذين حدثت لهم اصابات أو اختناقات بسبب هذه الألعاب وتستقبل مراكز الإسعاف أعدادا من هؤلاء الأطفال، وأنصح الآباء بمتابعة أبنائهم عند لعبهم بهذه الألعاب لكي يكونوا أقرب لهم في وقت الحاجة خاصة الأطفال الصغار تحت سن الرابعة وذلك لعدم علمهم بهذه المخاطر ولكي يمنع الأب بإذن الله المخاطر التي قد تحصل بسببها.
الاصطدام بالألعاب
وتقول د. هناء محمد إخصائية أطفال إن الطرق المتبعة في اختيار ألعاب الأطفال من أهم الأسس للمحافظة على سلامتهم الصحية ويعتبر السبب الرئيسي لوفاة الأطفال أو اصابتهم الاصطدام بالألعاب، وكذلك الاختناق الناتج عن بلع الأطفال الألعاب ذات القطع الصغيرة أو أجزاء منها، وقد قامت هيئة أمريكية بوضع مواصفات معينة لألعاب الأطفال مثل: الألعاب الكهربائية، الدراجات النارية، مصاصات الرضع، الألعاب ذات الأطراف الحادة، الألعاب التي تحتوي على الرصاص، والألعاب ذات الأجزاء الصغيرة.
وهناك بعض الارشادات اللازم اتباعها في اختيار واستخدام الألعاب استخداماً آمناً حيث يجب اختيار الألعاب التي تناسب عمر كل طفل بعينه، آخذين بعين الاعتبار مهارته وقدرته واهتماماته، وتحمل الكثير من الألعاب تحديداً للعمر الذي تناسبه تلك اللعبة.
ويعكس تحديد العمر بالدرجة الأولى اعتبارات السلامة ولكنه يضع في الاعتبار أيضاً ملاءمة اللعبة من حيث مقدرتها على تلبية الناحية التعليمية لتلك الفئة العمرية من الأطفال، كما تتطلب بعض الألعاب حداً أدنى من الإشراف أو المراقبة، وينبغي في مثل هذه الحالة أن تحدد للطفل بوضوح القواعد الرئيسية للعبة والحدود المسموح بها للعب من قبل الطفل، كما ينبغي أن تكون التعليمات مكتوبة بلغة واضحة يمكن أن يفهمها الوالدان، وكذلك يمكن أن يفهمها الطفل نفسه إن كان عمر الطفل يسمح له باستيعاب مثل تلك التعليمات.
ويجب أن تكون الألعاب قوية الصنع، أما الألعاب اللينة الخاصة بالأطفال الصغار فيجب أن تصنع بشكل جيد، وينبغي أن تثبت أجزاؤها الصغيرة باحكام، حتى في الألعاب التي نعتقد سلامتها مثل الدمى والتي قد تحتوي على أجزاء مثل الأزرار والعيون حيث إن اللعبة مهما كانت آمنة فإن مثل هذه القطع تمثل مصدراً خطرا. بالنسبة لفئة الأطفال الرضع والذين بدأوا الحبو فإن ألعابهم يجب ألا تحتوي على ما قد يدخلونه في أفواههم، وذلك مثل قطع الألعاب ذاتها أو ما يرافقها من حبال أو خيوط مما قد يسبب انسداداً في المجاري التنفسية ينتج عنه اختناق - لا قدر الله -، وهناك أنواع من الألعاب تطلق الأشياء أو تقذفها بقوة، وهذه قد تتسبب في أذى أو ضرر للعيون أو انسداد في الحلق، وتحتوي بعض الألعاب على أجزاء قابلة للتسخين والتي قد تتسبب إما في إحداث الحرائق في الممتلكات، أو الحروق في الجسم، أو التلف نتيجة ملامستها أشياء ينبغي ألا تلامسها لأنها تتأثر بالحرارة بسهولة لذلك فإن مثل هذه الألعاب ينبغي أن يقتصر استعمالها لما هم فوق سن الثامنة من العمر كما أن من المناسب أن يتم اللعب بها تحت إشراف الوالدين أو على الأقل شخص بالغ.
الدراجات النارية
وعما يحصل للأطفال يقول المواطن عبدالرحمن الدوسري، كان لي طفل لم يبلغ الخامسة من عمره .
وقد كان يلح علي دوماً أن اشتري له دراجة نارية صغيرة دباب ولم أوافق لعلمي أن الدراجة النارية خطيرة وأيضاً ما زال صغيراً ولكن أمه رضخت لطلب هذا الطفل وبدأت هي الأخرى بالإلحاح عليّ لكي اشتري له ما يريد هنا وقع الأمر واشتريت له الدراجة النارية وبعد أن اشتريتها حذرته من اللعب بها في الشارع وأن يقتصر ذلك داخل سور المنزل وداخل المنزل ولكنه قام بتكسير بعض أدوات البيت مما اضطرني لأسمح له باللعب خارج المنزل. وبعد أسبوع من سماحي له باللعب خارج البيت حصل لولدي حادث حيث اصطدمت به سيارة. وبعد ذهابي به إلى المستشفى وجد به كسور في الرجلين واحتاجت إحدى الساقين )تجبيراً( عادياً بينما الأخرى تم تثبيتها )بسيخ( ومسامير وقد حزنت كثيراً لهذا الأمر فابني اليوم يمشي ولكن بعرجة، وأحس بالذنب لأنني أنا المتسبب الأول في هذا الحادث له.
الزلاجات
السيد عبدالقادر فتحي مصري الجنسية، مقيم في المملكة، يقول: يكثر عندنا في مصر لعبة تسمى )الزلاجة( وهي معروفة حيث يتم تثبيتها في أسفل القدمين ويتم اللعب بها، وكان أحد أبنائي مولعاً بها عندما كنا في مصر، وعند قدومنا إلى )السعودية( طلب مني أن أشتري له هذه )الزلاجات( ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان حيث كان يلعب داخل البيت فاصدم بالطاولة التي تحمل التلفاز وسقط عليه التلفاز فاغمي عليه، وتسمرت مكاني وأنا أرى الموقف حيث اعتقدت أنه مات خصوصاً وأن الدم بدأ يخرج من فمه متدفقاً وعندما قام إخوته بعمل اللازم اتضح بأنه لم يمت ولكن كان مغمى عليه وقمت بنقله إلى المستشفى حيث تبين أن هناك كسراً في الفك كان السبب وراء خروج الدم من فمه. وأنصح الآباء أن يهتموا بأبنائهم وينتبهوا لهم لكي لا يندموا على ما حصل لهم.
وعن هذه الحوادث تقول أم عبدالعزيز: دائماً البنات يفضلن التميز عن الأولاد لذلك طلبت ابنتي مني أن اشتري لها لعبة من أدوات المطبخ واشتريت لها خلاطة صغيرة وفرحت بها كثيراً خصوصاً وأنها تعمل على البطاريات وأخذت تلعب بها وفي إحدى المرات سمعت صراخاً فلما ذهبت وجدت ابنتي والدماء تسيل من يدها وعرفت أنها وضعت يدها في وسط الخلاط وجرحت أصابعها بها.
الوالدان المحور الأهم
هذا الموضوع يعتبر الوالدان فيه الأهم لأنهما المسؤولان عن اقتناء الألعاب المناسبة لأعمار أطفالهما وما يتناسب معهم، فالطفل الصغير لابد أن يتم مراعاة قدراته ومعرفته للألعاب بعيداً عن تنفيذ رغبات الطفل الذي قد يعجب بلعبة لا تناسبه ويحاول التأثير على والديه من أجل شرائها .
لكن يجب على الوالدين أن يقفا موقف الحزم معه ولا يخضعان لرغبة نفسه، لأنهما لو وافقا على بعض الألعاب لكانت خطراً على الأبناء قد تؤدي إلى اصابتهم بإصابات بالغة تصل في بعض الأحيان إلى الموت.
مصادرة المخالفات
دائماً تحذّر وزارة التجارة من بعض الألعاب التي تنافي الذوق العام والآداب، بل وتصادر مثل هذه الألعاب المخالفة للدين والعقيدة والذوق العام .
ومن هذه الألعاب بعض الألعاب التي تمثل إساءة لله سبحانه وتعالى، أو للرسل، أو إساءة للدين بشكل عام. وقد صادرت الوزارة ذات مرة لعبة على هيئة «دبدوب» يغني ويقول في مجمل ما يقوله إن «عيسى» هو ابن الله . مما دعا وزارة التجارة إلى مصادرة اللعبة وإحراقها، وأيضاً قامت وزارة التجارة بمصادرة ألعاب جاءت على شكل سجائر وبعض الألعاب على هيئة علبة سيجارة، وهذه الألعاب تنمي لدى الطفل السلوك الخاطئ .
|
|
|
|
|