| تحقيقات
لقاء عبدالله صالح الفنيخ:
تشهد مملكتنا ولله الحمد في السنوات الأخيرة تطوراً وتقدماً ملحوظاً في مختلف مجالات العلم وأصعب التخصصات وهذا بفضل من الله ثم متابعة وحرص حكومتنا الرشيدة برسم الخطط المستقبلية المدروسة للرقي بمجتمعنا لأفضل المراتب، ولعل من أبرز هذه المجالات التي توليها الدولة جل اهتمامها )طب الأسنان( حيث شكل الأطباء السعوديون في عدد من المستشفيات الحكومية والأهلية نسباً عالية وأداء متميزاً وحرصت الجزيرة أن تحاور أحد الأطباء السعوديين لتوجيه بعض الارشادات التي يحتاجها المجتمع وكان لنا لقاء مع طبيب الأسنان/ سليمان بن حمد العطية رئيس قسم الأسنان بمستشفى الملك سعود بعنيزة سابقاً ومدير مركز الرضوان لطب الأسنان بالرياض ومستوصف عنيزة لطب الأسنان وتحدث أيضاً عن المواقف الغريبة والمحزنة والجريئة، وفي بداية حديثه قدم شكره لجريدة الجزيرة على هذا التوجه الإيجابي لنشر الوعي وتثقيف شرائح المجتمع بما هو مفيد.
اعتقاد خاطئ
يعتقد بعض الناس أن متابعة علاج الأسنان تؤدي إلى اتلافها وفقدانها وهذا اعتقاد خاطئ بل ان الكشف الدوري على صحة الفم والأسنان ضروري لكل شخص حتى يتمكن الطبيب بإذن الله بالبدء بالعلاج قبل استفحال التسوس بالأسنان وتقديم العلاج بصورة مبكرة للمحافظة على الأسنان بدلاً من الانتظار وعدم وجود طريقة علاجية غير خلع السن، وأنصح إخواني وأخواتي بالكشف الدوري على الأسنان فلا يمكن للعين المجردة كشف التسوس فبواسطة طبيب الأسنان وبإذن الله يتم تشخيص الحالة مبكراً وتقديم العلاج الضروري قبل فوات الأوان.
وأيضاً يمكن لطبيب الأسنان ملاحظة باقي أنسجة الفم للتأكد من التقرحات والانتفاخات والأورام.
الحامل يمكن علاجها:
يعتقد بعض الناس بأن الحامل لايمكن أن يتم علاجها من قبل طبيب الأسنان أثناء الحمل وهذا اعتقاد خاطئ بل تلجأ أحياناً للتحامل على نفسها والصبر على الآلام المبرحة أو تناول بعض أدوية الطب الشعبي والصحيح ان الحامل يمكن علاجها من قبل طبيب الأسنان مع أخذ بعض الاحتياطات عند استخدام المخدر وكذلك الأشعة ا لسينية وبعض المضادات الحيوية وتعتبر الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل هي آمن فترة أثناء الحمل ويراعى في ذلك وضع الحامل على كرسي طبيب الأسنان وعدم الإطالة في وقت العلاج، وأنصح أخواتي الحوامل وإخواني الأزواج بالكشف الدوري والتأكد من خلو الأسنان من الآفات قبل البدء في مشروع الحمل حتى لاتتعرض الحامل لمشكلات مستقبلية محافظة على صحتها وصحة جنينها.
الإبرة مشكلة الطفل:
لوحظ بأن بعض اولياء أمور الأطفال يعمدون لتخويف أطفالهم من الطبيب وخاصة من الإبرة ففي إحدى زيارات أحد أولياء الأمور ومعه طفل يشتكي من ألم في أسنانه وعند محاولتي إقناع الطفل وترغيبه بالجلوس علي كرسي العيادة وعند وجود ممانعة قال والد الطفل مهددا ابنه ان لم تجلس على الكرسي فسآمر الطبيب بأن يعطيك إبرة لخلع ضرسك فقلت له فكيف تخوفه بشيء نحن بحاجة إليه مما جعلني اضطر لعمل جميع الخطوات الكفيلة بإقناع الطفل للجلوس على الكرسي وفتح فمه وتم اعطاؤه الإبرة بكل يسر وسهولة وذلك ضمن أسلوب حديث لمثل هذه الحالة وقد استغرق مني وقتا ليس بالقصير وكل ذلك سببه أن الأب يهدد ابنه بإبرة طبيب الأسنان.
ضرس العقل:
يتخوف بعض الناس من الإقدام على خلع ضرس العقل بما يعتقدونه من أنه يسبب الوفاة أو إعاقة سمعية أو بصرية والصحيح انه ليس هناك علاقة مباشرة بين ضرس العقل وباقي الحواس ولكن هناك بعض الاحتياطات يجب اتباعها قبل البدء بخلع ضرس العقل سواء بتدخل جراحي أو بدون لبعض مرضى القلب والسكري... الخ وانصح اخواني عند الحاجة لخلع أحد أسنانه أو عمل جراحي داخل الفم وغيره بإخبار الطبيب عن حالته الصحية وعدم إخفاء الأعراض أو العلاجات المستخدمة لديه.
التركيبات خارج المملكة:
يظن الكثير من الناس ان انخفاض سعر التركيبات في الشرق وبعض الدول العربية دليل على جودتها وقوتها وأنا أقول ان هذه المقولة تنطبق على من يبحث عن انخفاض الأسعار فقط متناسياً بذلك قيمة التذكرة والمعيشة والتنقل بخلاف الجودة والدليل على ذلك عدم ذكر الغرب في الجودة لأن أسعارهم تفوق ماهو موجود داخل المملكة من قبل كثير من الناس.
وليعلم الجميع ان طب الأسنان مكلف عالمياً ابتداء بتعلمه وأذكر مثالا أن طالب طب الأسنان في جامعة الملك سعود بالرياض يكلف الدولة حوالي 90 ألف ريال لكل فصل دراسي تقريباً. وانتهاء بتقديم العلاج فلو أراد أي مستثمر ان يمتلك أصغر مركز أسنان سوف يكلفه مليون ريال تقريباً ويزداد تبعاً للخدمات التي يقدمها والأجهزة التي تحتويها والمواد المستخدمة فيه بينما في الأماكن السابق ذكرها لاتتعدى التكلفة 10% مما هو عليه هنا من توفير الصناعات المحلية من الأجهزة والأدوات وكذلك المواد، وبطبيعة الحال فإن ذلك ينعكس على التكلفة العلاجية فالأجهزة والمواد المستخدمة داخل مملكتنا الحبيبة عالية الجودة وصناعات عالمية وكذلك أسلوب التعقيم عالمي وكذلك الأطباء يخضعون لإشراف مباشر من وزارة الصحة بالنسبة للقطاع الخاص وكل ذلك يؤدي إلى ارتفاع سعر علاج طب الأسنان داخل المملكة فالعلاج داخل الوطن أفضل بكثير من العلاج خارجه لعدة أسباب منها:
توفر أطباء واستشاريين سعوديين أكفاء.
استخدام أجهزة وأدوات ومواد عالية الجودة والذي ينعكس بدوره على العلاج المتقدم.
استخدام أحدث أساليب التعقيم العالمية.
سهولة مراجعة الطبيب عند وجود ملاحظات أو آلام.
توفير قيمة تذكرة الطيران والتنقل والمعيشة خارج البلاد.
الأمن والأمان وحفظ الدين داخل البلاد.
المحافظة على اقتصاد البلاد.
عدم الحاجة للإجازة من العمل أو الدراسة لمتابعة العلاج.
قصة الأسيد مع السوس:
يقوم بعض الناس بمعالجة نفسه بطرق غير صحية وخطيرة أحياناً ومنها استخدام الاسبرين على الضرس الذي يحتوي على السوس أو وضع مادة حمضية مثل الأسيد الموجود في بطاريات السيارات حيث قام أحد المراجعين لدي في العيادة بذلك وذكر لي أنه في أحد الأيام استخدم الحمض الموجود داخل بطارية تالفة ووضعه على ضرسه ولم يتحسن وقام بوضع حبة اسبرين أيضاً وأنصح إخواني بالابتعاد عن هذه الاستخدامات الخطيرة والتي اثبتت الدراسات الحديثة أنها من مسببات حدوث السرطان داخل انسجة الفم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عند خلع الضرس:
يقوم بعض المراجعين باهمال نصائح طبيب الأسنان بعد خلع أحد أضراسه أو عمل عملية جراحية لخلع سن أو ضرس مطمور بالفم وعمل عدة غرز لإقفال الجرح، وننصح المراجعين دائماً بالضغط على قطع الشاش المعقم لمدة نصف ساعة تقريباً وفي حالة وجد دم ينزف ننصحه أيضاً بالضغط على قطعة شاش أخرى وبذلك يتوقف الدم بإذن الله وننصحه أيضاً بعدم المضمضة بالماء أو بأي محلول آخر لمدة 24 ساعة حتى تتكون جلطة الدم داخل الجرح ويتم الالتئام طبيعيا بإذن الله. ومن الملاحظ قيام بعض المراجعين بالوقوف أمام المرآة مباشرة بعد خلع الأسنان والقيام بالمضمضة حتى ولو لم يكن هناك نزيف لاعتقاده بأن لون اللعاب لابد أن يكون صافياً وخالياً من أي لون آخر وبذلك يبدأ النزيف بدلاً من توقفه والبعض الآخر يبدأ بإزالة الشاش المعقم ووضع منديل ورقي متناسياً بأن المنديل الورقي مصمم لامتصاص السوائل بعكس الشاش وذلك مما يؤدي إلى نزيف الجرح وعدم توقفه بخلاف بعض التصرفات الأخرى من استخدام الطب الشعبي الخاطئ مثل المضمضة بالمرة وغيرها.
بعد التركيب:
بعض المراجعين وعند استلامه التركيبة المتحركة يجد بعض المشاكل في النطق أو عدم الثبات أو وجود آلام ثم لايقوم بمراجعة طبيب الأسنان بل يصل الحد في بعض المراجعين إلى رمي التركيبة وعدم الاستفادة منها، وانصح اخواني المراجعين والمراجعات بأن يتحلوا بالصبر عند قيامهم بعمل تركيبات متحركة فالفم ممثلاً بالأسنان واللسان والأنسجة الأخرى لايمكن تقبلها للجهاز من أول مرة وإنما يحتاج طبيب الأسنان لعدة زيارات بعد استلام المراجع التركيبة المتحركة حتى يتأكد من صلاحية الطقم الكامل أو الجزئي للمراجع فلابد غالباً من عمل بعض التعديلات البسيطة وهذه حال التركيبات المتحركة عموما وكذلك انصح اخواني وأخواتي عند عمل التركيبات الثابتة من تيجان وجسور عدم تثبيتها نهائياً إلا بعد التأكد من ملاءمتها ومطابقتها لون باقي الأسنان.
الخلع أم نزع الأعصاب:
يعتقد كثير من الناس أن نزع عصب السن أو الضرس لا فائدة منه وإنما خلعه أفضل لما يحصل لهم أحياناً بعد البدء في العلاج وفي الحقيقة ان إبقاء السن في مكانها بعد نزع العصب وتنظيف القنوات وتوسيعها وتحنيطها بعد فشل جميع المحاولات من عمل الحشوات لها أفضل بكثير من خلع السن لعدة أسباب منها:
عدم وجود فراغ بين الأسنان أو الأضراس والذي يؤدي إلى عدم كفاءة مضغ الطعام وتشوه المنظر.
عدم اختلاف تطابق الأسنان والتفافها عند وجود فراغ بعد الخلع.
عدم زيادة التكلفة من خلع السن أو الضرس وتعويض المكان بجسر.
وانصح اخواني بالمبادرة في عمل نزع العصب في حالة فشل كل المحاولات لاصلاح السن وعدم تركها حتى لايتعفن وتكون هناك مشاكل مصاحبة أثناء نزع العصب وعدم الاستعجال في إنهاء العملية حتى يتأكد الطبيب تماما من القضاء على التعفن أولاً، وعند وجود آلام أثناء نزع العصب عليكم بمراجعة الطبيب المعالج مباشرة واتباع نصائحه.
وأخيراً أتمنى عدم الاستعجال بخلع السن أو الضرس عند فشل الحشوات وأقلها إعطاء السن فرصة أخيرة لنزع العصب فإذا نجح فالحمد لله حتى لانندم بعد خلع الضرس أو السن وليعلم الجميع بأن السن الطبيعية لايمكن تعويضها تماما بسن اصطناعية.
بقايا طقم تحت الجير:
حضر إلي في العيادة رجل من البادية في الستينات من عمره يطلب تعويض طقم جزئي أسنانه المفقودة وبعد الكشف وجدت أن لديه بقايا طقم جزئي قديم في فكه العلوي وهو لايعلم بذلك ولم يصدق حينما أخبرته بأن لديه طقما في فمه حتى أخرجته له بعدما أزلت الجير المتراكم عليه والطريف في الموضوع أن آخر زيارة له كانت قبل 13 سنة تقريباً.
يداوي وهو عليل:
حضر إلي في العيادة أحد أطباء الأسنان الموجودين في المراكز الصحية ولديه ضرس مكسور يريد خلعه فبعد الكشف عليه وجدت ضرسا مكسورا والأنسجة التي حوله متهتكة فسألته عن السبب فقال كنت أحاول ان أخلع الضرس بنفسي ولم أستطع فقلت له قد سبقك بها طبيب أسنان أمريكي ولم يستطع عمل ذلك ولماذا لم تأخذه عبرة لك.
عمره 7 أيام:
عندما كنت رئيساً لقسم الأسنان بمستشفى الملك سعود بعنيزة كلفت من قبل الإدارة بمأموريتين غريبتين في مدة وجيزة ومتقاربة لتعذر جميع الأطباء في القسم بالقيام بتلك المهام أولها أنني قمت بخع تركيبة ثابتة لرجل ميت في السبعينات من عمره وكان محفوظاً في ثلاجة الموتى نظراً لإلحاح أولاد الرجل المتوفى بهذا الطلب قبل تغسيله ودفنه.
أيضاً قمت بخلع سنين ولادية لمولود لم يتجاوز عمره سبعة أيام نظراً للآلام المصاحبة للرضاعة الطبيعية من أمه وللمعلومية هذه الأسنان تسمى ولادية لخروج الجنين وهي في فمه وليس كما يظنه بعض الناس بأنها أسنان لبنية حيث ان الأسنان اللبنية تبدأ بالظهور عند الشهر السادس.
أحزنني كثيراً:
يوما ما وفي عيادتي بالمستشفى كان هناك موعد لرجل عمره بالسبعينات وقد تأخر عن موعده المحدد له ثم تأخر المراجع الذي بعده أيضاً وكنت في انتظار الجميع، وما لبثت حتى حضر المراجع الثاني متأسفاً عن التأخير الخارج عن إرادته بسبب اتباع وتشييع جنازة ودفنها لأحد معارفه واتضح لي أن الرجل الميت هو نفس المراجع الذي لم يحضر في الموعد السابق «إنا لله وإنا إليه راجعون». وفي الختام عبر الدكتور سليمان بن حمد العطية عن سعادته وارتياحه بعمله وقال: جميع أعمال طبيب الأسنان مفرحة لأنه يرى نتائجها على أوجه المراجعين وذلك بفضل من الله وقوته فعندما تزيل الآلام عن المراجع أو تعيد له البسمة الجميلة أو تجعله يأكل الطعام بسهولة ويسر كل هذه المواقف اعتبرها مفرحة والأمثلة كثيرة من ارجاع أسنان واقعة اثر حادث وتثبيتها أو كسور في الفكين.
|
|
|
|
|