| الفنيــة
* تحقيق محمد القحطاني:
كثيراً ما نسمع في أروقة الفن عن الوفاء، وكثيراً ما يشتكي كتاب الكلمة والملحنين خاصة من قلة وانعدام الوفاء من بعض الفنانين الذين رافقوهم في بداياتهم وأخذوا بيدهم حين لم يكن لهؤلاء الفنانين أي تواجد في الساحة الفنية ولكن بعد نجاحهم تنكروا أو حاولوا التغيير والجري إلى آخرين ليطووا صفحة ماضية طياً كاملاً وادراج هؤلاء الكبار الذين اكتشفوهم في صفحة النسيان..
«الجزيرة» فتحت هذا الملف وحاورت كبار الملحنين السعوديين الذين كان ولازال عطاؤهم مستمراً وتغنى بأغانيهم كبار المطربين في المملكة والخليج والوطن العربي الكبير وباحوا بمكنونهم وأبدوا جميعاً استياءهم مما يحدث في الساحة من عدم الوفاء والوصول بالبعض إلى التنكر لهم، كما حاورنا بعض المطربين الذين يهمنا ويهم القارئ أخذ وجهة نظرهم حيال هذا الموضوع..
يواصلونا في الأعياد ببرستيج خاص
بداية التقينا بالموسيقار السعودي الكبير الفنان سراج عمر الذي حاول في البداية الرفض على أي تعليق حول هذا الموضوع وقال أنا أكثر المتضررين ولكن دعوني ساكتاً أرحم وأفضل ومع اصرارنا عليه بدأ حديثه متذمراً من الوضع السائد بين الفنانين وقال: إن بعض الفنانين الذين نعرف امكانياتهم جيداً أصبح لهم «برستيجاً» ومديري مكاتب لديهم قائمة بأسماء الفنانين والملحنين لمواصلتهم في المناسبات والأعياد..
وأشار الفنان سراج عمر إلى أن الفنان محمد عمر أكثر الفنانين تواصلاً معه شخصياً وقال انني أخدم الفنانين مهما كانت معاملتهم معي في حال طلب مني أحدهم لحناً أو مساعدة وخاصة الفنانين الشباب الذين نتوسم فيهم خيراً لخدمة الفن السعودي وأضاف سراج عمر:
استغرب كثيراً أن يهمش الفنانون والملحنون الكبار من بعض الفنانين والصحافة الفنية المحلية وفي الخارج نجد الترحيب والتقدير والتكريم الذي نحس من خلاله أننا قدمنا شيئاً جميلاً ولازلنا..
وعن قول بعض الفنانين أن الملحنين الكبار أفلسوا ولم يعد لديهم ما يقدمونه قال سراج عمر: من يتكلم بهذه المقولة هو يعرف جيداً الألحان التي في جعبتنا وما نملكه وأننا لازلنا قادرين على العطاء ولكن الركض وراء بعض الألحان الخفيفة التي تنجح لفترة بسيطة وفي نهاية حديثة أكد سراج عمر على أن الوفاء انعدم تماماً من الفنانين إلا نادراً وهذا من وجهة نظره ما يحزن ويشعرنا بالقلق.
لم أفلس وهذا الدليل
الملحن طلال باغر: بدأ حديثه قائلاً هل تريد منا أن نستجدي الآخرين ليواصلونا وهذا قدرنا أن يعاملنا البعض بالجحود والنكران وتكلمنا كثيراً في هذا الموضوع ولكنه في مجالسنا الخاصة ولم يتطرق لهذا الموضوع المهم أحد في الصفحات الفنية إلا من خلال تحقيقكم وماعملناه سابقاً لبعض الفنانين الذين تنكروا لنا وتركونا لم يكن سوى للتاريخ الذي يشهد عليه وأتوقع أن يبرز فنانون قادمون سيكون لهم دور كبير في الحركة الفنية ونأمل منهم خيراً من ناحية الوفاء والتواصل، وأنكر طلال باغر أن يكون قد وصل إلى مرحلة الافلاس الفني وقال لازلت قادراً على العطاء سنوات قادمة وأعمالي مع كبار الفنانين العرب السابقة والقادمة تشهد على ذلك والدليل تعاملي مع الفنان هاني شاكر وأنغام وأصالة وتعاون آخر مع الفنان محمد عبده.
وكرر طلال باغر مقولة إن بعض الفنانين شوهوا الألحان حتى فقدت أصالتها وفي النهاية تفشل الألحان ويرمون باللائمة على الملحنين وهؤلاء الفنانين لا يبحثون عن التميز فهم غير مميزين وليست لهم هوية فنية محددة لأنهم يبنون نجاحهم على أعمال سابقة.
ونفى طلال باغر أن يكون قد حارب الفنانين ولكن من يترك الفن يتركه ولا بد من العيش والتعايش مع التطوير الفني وعدم الجحود في مكان واحد، ثم عاد طلال باغر لموضوع الوفاء بين الفنانين وقال دعني أضرب لك مثلاً بالفنان عبدالمجيد عبدالله الذي يقول إن طلال باغر ليس عنده جديد وهو الذي غنى لي أغنية «تواعدنا» قبل أكثر من عشر سنوات ولم يطرحها ولكنه يغنيها في جلساته الخاصة حتى اشتهرت وكذلك يتصل بي جماهير من أنحاء المملكة والوطن العربي يسألون عني وعن جديدي في بادرة وفاء وتقدير منهم.
أصبح الوفاء نادراً
الفنان والملحن: محمد المغيص: بدأ حديثة بكلمة وأكد أن تكون في أول تصريحه بأنه مات الوفاء بوفاة طلال مداح رحمه الله والفن فن في التعامل والمخاطبة والوفاء وأصبح نادراً في مجتمعنا الفني إن لم يكن معدوماً حيث يبقى الفنان الكبير محمد عبده وطلال مداح رمزين من رموز الفن الوفي حيث وصل محمد عبده إلى مرحلة جعلته يتصرف بحكمة تعكس انطباعا جميلا وامتدادا رائعا للرمزية والتفرد.
وبعض الصفحات الفنية أوسعت الهوة بين الفنانين بعضهم لبعض وبعض الملحنين والكتاب وهذا ماحدث فعلاً مع الفنان عبدالمجيد عبدالله الذي حاولت بعض المجلات الفنية الايقاع بيني وبينه إلا أنه يظل كالأخ «الأصغر» بالنسبة لي ويظل الاحترام بيننا متبادلاً حتى لو لم يكن هناك أي تعاون فني وأقدر ظروف ابتعاده عني ربما لسبب الانشغال الدائم، أما عن ألحان المغيص الذي يرى البعض أنها لم تعد مناسبة ومتوقفة، قال المغيص: من الذي يستطيع أن يغني ألحاني ويرضي غروري الفني ولكن هؤلاء الفنانين للأسف أصابهم داء الكبرياء والتعالي حتى عمت أعينهم عن الحقيقة والواقع الذي يفترض أن يواصلونا بالكملة الطيبة، ووصل ببعضهم الأمر وقد تعاونت معهم أن يذكرني أحدهم فيقول متسائلاً وبتجاهل ومن هو محمد المغيص.. وهذا قمة الجحود.
«اعترف بالتقصير»
الفنان عبدالله رشاد قال: نعترف أننا مقصرون مع فنانينا الكبار أمثال سراج عمر وطلال باغر وعمر كدرس وغيرهم ولكنهم يظلون ساكنين في قلوبنا ونحترمهم ونقدرهم ونعترف لهم بتميزهم وعطائهم وخدمتهم للساحة الفنية ولكن عدم التواصل معهم يعود أساساً إلى انشغالنا الدائم وأسفارنا المتعددة وارتباطات جداول أعمالنا بالحفلات والالتزامات الفنية والتجهيز لبعض الأعمال.
أنا متسامح مع من أساء لي
الفنان: محمد عمر: قال: إنني وفي حتي مع من أساء لي في بداياتي ومتسامح مع من حاربني ولا أرد الاساءة إلا بالكلمة الطيبة وهذا واجب عليّ.
ولا أعتقد أن تبرير السفر أو الانشغال عذر لعدم الوفاء الذي أصبح طبعاً في كل المجتمعات بمختلف توجهاتها وطبيعتها، وتواصلي مع محمد عبده أو سراج عمر واجب يمليه عليّ طبعي وأخلاقي وتربيتي فهؤلاء وغيرهم يستحقون مني ومن غيري كلمة وفاء وشكر لما قدموه ويقدمونه من فن راق وأعمال خالدة.
طيبتنا وثقتنا هي السبب
الفنان الملحن: سامي احسان أبدى استياءه من الفنانين السعوديين وقال من أجل هذه القضية اتجهت لاكتشاف مواهب عربية خارج الوطن وقال: إن عدم وفاء الفنانين لنا هو من طيبتنا الزائدة وثقتنا العمياء التي وهبناها للبعض دون تحفظ أو شروط وما جعلني اتجه للفنانين العرب هو ما أجده من تقدير متبادل واحترام ووفاء، وبعض فنانينا هداهم الله قالوا إن سامي احسان أفلس وهم في الأساس لم يستطيعوا غناء ألحاني أو تقديم جزء منها بالشكل الصحيح على الرغم من أنني أعطيت الفرصة بشكل جدي للبعض ولكن دروسي الماضية علمتني لمن أهب ألحاني وأملي كبير في الأصوات العربية الشابة.
لماذا يحدث ذلك
الفنانة عتاب: قالت إن الناس عامة لديها وفاء ولكن يزيد وينقص لدى البعض وتساءلت عتاب لماذا يحاول البعض تهميش رواد الفن لدينا والتنكر لما قدموه للساحة العربية بينما الفنانون الكبار خاصة الملحنين في سوريا ومصر ولبنان يحتفى بهم وتفرد لهم مساحات واسعة من اللقاءات والمتابعات، واعترفت عتاب بتقصيرها تجاه الفنان سراج عمر الذي أعطاها ألحانا متميزة وقالت انني التقيت بسراج عمر قبل سنتين في مهرجان الأغنية بالقاهرة وعن وفائها لطلال مداح بعد وفاته قالت عتاب إن طلال لم يطلب مني أن أكون وفية معه ولكن هذا الشخص رحمه الله أعطاني وقدمني للساحة الفنية ولن أنساه ما حييت واعترفت أيضاً أن بعض الصفحات الفنية وبعض الصحفيين بالذات تسببوا في القطيعة بين الفنانين إلا أن هناك صحافة نزيهة وأقلاما شريفة تحملت مسؤولية القلم.
احترم الجميع
الفنان الشاب راشد الفارس: استغرب من جهته عدم الوفاء بين الناس عامة والوسط الفني بشكل خاص وقال لو حدث ذلك فعلى الفن السلام وعنه شخصياً قال: كل من قال لي كلمة طيبة في بداياتي أحترمه واحتفظ له بالجميل فما بالك بالذين ساعدوني في بداياتي وهم كما يقال الأصل وأنا بطبعي لن أنسى أحدا ممن كان لهم بصمة في سطور تاريخي الفني وأتمنى من الصحافة الفنية تبني مثل هذه المواضيع الجيدة التي تفتح لنا آفاقاً واسعة من المكاشفات الجميلة والعتب الأخوي فنحن جميعاً قبل الفن اخوة وأصدقاء.. ونفى الفارس أن يكون قد تنكر لأحد بعد أن وصل إلى مرحلة من النجومية وقال كل من رافقني وقدم لي كلمة جميلة أو لحناً عذباً أقدره وأحترمه ولن أنكر ذلك أبداً.
|
|
|
|
|