| مقـالات
الطريق الى السعودة صعب وطويل لا يأتي بالإعلام وحده، بل تحققه بيئة العمل التي تأتي بسلوك العمل.
تراجع الخطط الطموحة الى السعودة ليس مجهول الأسباب فهو يأتي بسبب غير ما يدعيه البعض من نفور الشباب من العمل المهني او المتعب او التقاليد والأعراف التي تحقر العمل المهني.. كل هذه مهما قلنا عنها ليست إلا قناعاً لمشكلات أخرى تتعلق بحياة الإنسان الواقعية وليست بأحلامه.
وهنا أعود بكم لتاريخ العمل في بلادنا وأعني بها تجربة شركة الزيت العربية الأمريكية التي تنفي نفيا قاطعاً أن مجتمعنا لا يقبل العمل النظيف ولا يواليه ويستمر فالشركة جاءت في بداية القرن الى بيئة تستشري فيها الأمية والجهل، وفي هذه البيئة خلقت جيشا من العمال الملتزمين المنتظمين الذين يسلكون سلوك معسكرات العمل برغبتهم واختيارهم ويوالون مهنهم موالاة الحب ويخلصون في تأدية العمل وهم خارج عين الرقيب.
كيف حدث هذا؟ حدث لأن الشركة ربطت ولاء العامل للعمل بالحق العادل المجزي النظيف في إطار من خلق العمل وقانونه، ،وأمنت للعامل كل احتياجاته، بحيث لايفكر خارج نطاق عمله لأن الشركة صارت مكان ترفيهه وتعليمه ومدرسة أولاده ومنزله وخدماته وكل أساليب معاشه.
هل أعطت شركاتنا التي تتبنى السعودة رواتب كافية وفتحت مدارس للعاملين بها أو على الأقل أمَّنت عليهم صحيا؟.. وهل تقدم وسائل نقل.. هل تقرض عامليها لبناء السكن؟ هل تيسر للمتفوقين عبور عنق الزجاجة البيروقراطي للتفوق ومواصلة التعليم.. الواقع يقول إن الكثير من شركاتنا تفترض ولاء عائليا للعمل بمعنى )أنت ولدنا( وهذا إن صح في المجاملات الاجتماعية فإنه لا يصح في العمل.
هذه بعض مشكلات تأخر برامج السعودة ولاشك ان الدراسات الميدانية قد تكشف الكثير لكن السعودة ليست مستحيلة إذا ما وجد العامل بيئة مستقرة وعملاً مستقراً له ولأولاده لأن أحداً لا يريد ان يضع مستقبله وحياته في مهب الريح.
|
|
|
|
|