| محليــات
* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
في ظل التطورات الاخيرة التي تشهدها المنطقة العربية والتدهور الشديد الذي اصاب عملية السلام في الشرق الاوسط حبث قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بزيارة الى مصر أمس تستغرق ثلاثة ايام.
وتناولت مباحثات الأمير عبدالله والرئيس مبارك تطورات الوضع في الشرق الاوسط في ضوء الاحداث الاخيرة خاصة لقاء الرئيس مبارك وكولين باول وزير الخارجية الامريكي الذي قام بجولة في المنطقة مؤخراً.
وتأتي زيارة سمو ولي العهد الى مصر في اطار زياراته وجولاته الاقليمية والدولية التي قام بها في الفترة الاخيرة لعدد من الدول العربية والاوربية والتي استهلها بزيارة الى سوريا ثم المانيا والسويد والمغرب.
جولات ناجحة
ولاشك ان زيارات سمو ولي العهد الى الدول العربية والاوروبية الاربع قد حققت نتائجها المرجوة والمتوقعة منها في اطار اضفاء المزيد من تنمية علاقات المملكة بهذه الدول ومواصلة دورها الريادي ومعالجة الموضوعات والقضايا الثنائية التي تربطها بهذه الدول والمواقف المشتركة تجاه القضايا العربية والاسلامية والاقليمية وقد تصدرت القضية الفلسطينية والاوضاع المتدهورة في الشرق الاوسط اهتمامات ومباحثات الأمير عبدالله مع زعماء ورؤساء هذه الدول.
ولعل الجولة الاخيرة تعبير عن مدى التطور الذي وصلت اليه الدبلوماسية السعودية والتي تدرك اهمية الدور الاوروبي في دفع عملية السلام ووضع حل لقضايا ومشكلات الشرق الاوسط في ظل الدور الامريكي المنحاز لاسرائيل وهو الامر الذي دفع سمو الأمير عبدالله الى القيام بزيارة أخرى لفرنسا والتي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي التقى خلالها مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك حيث تركزت مباحثاتهما على المسائل الاقليمية وعلى رأسها ازمة الشرق الاوسط والوضع في الاراضي المحتلة والجهود المبذولة حاليا امريكيا واوروبيا ودوليا من اجل كسر حلقة العنف واعادة اطلاق المفاوضات السياسية.
وقد وصفت الخارجية الفرنسية زيارة سمو الأمير عبدالله الى باريس بأنها تندرج في اطار منطق الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والمملكة العربية السعودية وفي اطار الاتصالات السياسية الكثيفة والمتميزة بين البلدين. وكان سمو الأمير عبدالله قد دعا مؤخراً اوروبا الى ان تلعب دوراً ابرز من الذي تقوم به حاليا في الشرق الاوسط كما دعا الى قوة دولية لمراقبة وقف اطلاق النار في الاراضي الفلسطينية وقد جاء في بيان صادر عن الخارجية الفرنسية ان الحوار السياسي بين المملكة وفرنسا مكثف بالفعل وان باريس اكدت اهمية وجهة النظر السعودية على المستوى العالمي.
وكان الأمير عبدالله قد استقبل في باريس وزير الخارجية الامريكي كولن باول وقال مسؤول في الادارة الامريكية: ان المحادثات التي اجراها باول مع سمو الأمير عبدالله تأتي في اطار المشاورات المستمرة مع القيادة السعودية التي نستمع فيها لوجهة نظرهم وآرائهم وتوقعاتهم كما تستفيد من حكمتهم.
العلاقات والمواقف السياسية بين المملكة ومصر
ولعل زيارة الأمير عبدالله لمصر بعد جولة ناجحة لسموه بين هذه الدول العربية والاوروبية تعكس مدى العلاقة القوية بين مصر والمملكة ويؤكد المراقبون السياسيون ان المملكة تمثل ضلعاً اساسياً في مثلث القوى الفاعلة في النظام العربي والاقليمي والذي يضم )المملكة ومصر وسوريا( وهي الدول التي يعي الغرب اهميتها وقدرتها على التأثير في مجريات الأمور في المنطقة العربية.
وتعتبر العلاقات السعودية المصرية ذات جذور قوية وعميقة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
العلاقات والمواقف السياسية
فعلى الصعيد السياسي هناك تعاون كبير وملموس في سبيل توطيد العلاقات بينهما كما تشهد مواقفهما ازاء القضايا العربية توافقا كبيراً في وجهات النظر وكثيراً ما اشتركا معاً في تقديم مبادرات لايجاد حلول لهذه القضايا..
فبالنسبة للقضية الفلسطينية وهي اكبر القضايا العربية التي تشغل الرأي العام العربي اتفقت الدولتان على ضرورة مساندة الشعب الفلسطيني ودعم الانتفاضة الفلسطينية والوقوف بكل صلابة في وجه الاعتداءات الاسرائيلية التي يمارسها شارون والاسرائيليون ضد الفلسطينيين.
واتسمت مواقف الدولتين الشقيقتين خلال القمة العربية الاخيرة بعمان بالايجابية والجدية تجاه القضايا العربية والقضية الفلسطينية بصفة خاصة كما اكدتا على ضرورة التكاتف العربي الشامل على الصعيدين الاقليمي والدولي لحماية الفلسطينيين في الاراضي المحتلة وارسال قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للابادة على يد الجيش والقوات الاسرائيلية.
وفي اطار التنسيق والتعاون بين الرياض والقاهرة ايدت المملكة المبادرة المصرية الليبية لحل مشكلة الجنوب في السودان واكدت على اهمية توحيد السودان وانهاء الصراعات الداخلية.
العلاقات الاقتصادية
تتمتع المملكة ومصر بعلاقات اقتصادية طيبة ولعل احد اهم ابرز جوانبها تجاه البلدين للتوقيع على اتفاقية منطقة التجارة الحرة بينهما والتي كان قد تم التوقيع عليها بالاحرف الاولى وكانت الدولتان قد وقعتا من قبل على البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة العربية الكبرى وكل هذا من شأنه الاسهام في توسيع اطر النشاط التجاري في اطار الجامعة العربية.
ويتفق المراقبون ورجال الاعمال والاقتصاد في البلدين على اهمية انشاء منطقة التجارة الحرة السعودية المصرية ويرون ان من شأنها رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين بنحو مليار دولار فضلاً عن زيادة الاستثمارات المتبادلة والوصول بالتعاون الاقتصادي الى المستوى الذي يعكس امكانات البلدين وقدراتهما الكثيرة التي تؤهلهما للقيام بدور اكثر فاعلية في المنطقة.
والثابت ان اقامة مثل هذه المنطقة الحرة اصبح ضرورة ملحة وخيارا استراتيجياً.
ويرى الخبراء الاقتصاديون ان العلاقات السعودية المصرية علاقات خاصة ومميزة لاسباب عديدة في مقدمتها حجم وثقل امكانيات البلدين ودورهما العربي والاقليمي والدولي وقد انعكست هذه العلاقات على التعاون الاقتصادي بين البلدين حيث قفز حجم المبادلات التجارية بينهما في عام 1999م الى )5،797( مليون دولار.
وتشير الاحصاءات الى ان حجم الصادرات السعودية لمصر نحو 700 مليون دولار في العامين الماضيين فيما بلغت الصادرات المصرية نحو 98 مليون دولار وتستحوذ العلاقات التجارية السعودية مع مصر على 28% من تجارة مصر مع الدول العربية مجتمعة ولا يقل التبادل الاستثماري بين البلدين اهمية عن نظيره التجاري حيث بلغت المشروعات التي تساهم فيها رؤوس اموال سعودية في مصر حتى العام الماضي 510 مشاريع تصل رؤوس اموالها مجتمعة الى حوالي )4277( مليون جنيه وتبلغ حصة رأس المال السعودي فيها 30% الامر الذي يؤكد استمرار تصدر المملكة لقائمة الاستثمارات العربية في مصر.
وتوزعت المشروعات السعودية في مصر بواقع 221 مشروعاً صناعياً مقابل 66 مشروعاً زراعياً و75 مشروعاً سياحياً و23 في قطاع التشييد والبناء و3 في مجال البنوك و33 في قطاع الخدمات و63 مشروعآً عبارة عن شركات مساهمة مقابل 26 مشروعاً في المناطق الحرة.
وفيما يتعلق بالمشروعات المشتركة التي يساهم فيها رأس المال المصري في المملكة فقد بلغت 31 مشروعاً وتصل نسبة المساهمة المصرية فيها 5،4% وهي موزعة بواقع 17 مشروعاً في القطاع الصناعي و7 في قطاع المقاولات وواحد في كل من قطاع الخدمات البترولية والاعمال البحرية والمستشفيات والبنوك بالاضافة الى 3 مشروعات اخرى.
وتقدم المملكة العديد من المنح المادية والمعنوية لدعم المشروعات المختلفة في مصر فقد قام الصندوق السعودي للتنمية والاستثمار بتقديم منح لعدد من مشروعات التنمية في مصر تقدر ب500 مليون دولار بالاضافة الى قروض بلغت 1000 مليون ريال سعودي ل8 مشروعات كبرى داخل مصر وكان قد تم الاتفاق عام 1990 مع الصندوق السعودي للتنمية على تقديم المنحة السعودية لاستكمال بعض المشروعات التي توقفت بسبب نقص العملات الاجنبية ولايجاد فرص عمل جديدة من خلال هذه المشروعات ولا تزال مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين مستمرة في اطار التبادل التجاري والمشروعات الاستثمارية المشتركة وتلقي وتقديم المنح والقروض والمعونات الفنية والعمالة البشرية المدربة بين البلدين وبصفة خاصة من مصر الى السعودية.
واحتلت مصر المرتبة الاولى بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية بنصيب 7،33% وفق تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في الكويت وقال التقرير ان السعودية جاءت في المرتبة الاولى من المستثمرين بنسبة 50% من اجمالي الاستثمارات العربية الخاصة في الدول العربية وقد جاءت السعودية على رأس قائمة الاقطار المصدرة لرأس المال الى مصر اذ بلغت حصتها 32% من اجمالي الاستثمارات العربية المرخصة فيها.
التعاون والاستثمار السياحي
ويعد قطاع السياحة المصري السعودي من اهم القطاعات التي تشهد تعاوناً وثيقاً بين البلدين سواء من حيث توافد السائحين او اقامة مشروعات سياحية عملاقة بينهما حيث تشير التقارير الصادرة عن وزارة السياحة المصرية الى ان هناك )603( مشروع سياحي مصري برؤوس اموال مصرية وعربية واجنبية تصل الى 30 مليار جنيه مصري بعضها ما زال تحت الانشاء وتأتي السعودية على رأس الدول العربية والاجنبية المساهمة في هذه المشروعات.
كما تشير التقارير الى ان المملكة تتصدر ايضاً قائمة السياحة العربية لمصر وتشكل حوالي 30% منها وانها تشهد نمواً مطرداً يصل الى 12 % كما ان المملكة تحتل المرتبة الثانية في جملة السياحة العالمية لمصر.
وقد قدمت وزارة السياحة المصرية كافة التسهيلات اللازمة للسائحين السعوديين ولبت مطالبهم الخاصة باطلاق حرية التملك في العقارات واقامة نمط معماري في القرى السياحية الجديدة يتلاءم مع اذواقهم. وعلى الجانب الآخر تستقبل المملكة سنوياً وفوداً كبيرة من الحجاج والمعتمرين المصريين وقد بلغ عدد الحجاج المصريين الذين استقبلتهم المملكة العام الماضي 66 الف حاج وتحظى الوفود المصرية برعاية خاصة من جانب المملكة طبقاً للاتفاقيات المبرمة بين البلدين في هذا المجال واخيرا فإن المملكة تستقبل اعداداً كبيرة من العمالة المصرية في مختلف التخصصات والمجالات والتي يبلغ عددها 195،1 مليون فرد بنسبة 1،19% من العمالة الوافدة في المملكة وتقدم لهم السلطات السعودية كافة التسهيلات وتشملهم برعاية خاصة وتعتبر الدخول التي تدرها العمالة المصرية الموجودة في المملكة احد اهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الاجنبية.
|
|
|
|
|