| محليــات
لماذا بدأ الناس يبحثون عن الناس فيهم؟
تُرى هل موجة الحرِّ في الصيف تعرِّي الدواخل في جوف الإنسان، بمثل ما يتحلَّل عن ملابسه؟!...
وهل الإنسان يستطيع أن يخفي تحت ملابس السُّلوك ذاتَه دون أن يرى أحدٌ ما شيئاً من أي شيء فيها لا يرغب في أن يراه الآخرون منه؟!...
بمعنى آخر أيمكن أن يكون الإنسان «ممثِّلاً » في حياته، بوصف الحياة مسرحاً كما صنَّفها المفكرون منذ أول مسرحية فوق أرض الأرض بدأها الإنسان سيراً، وقولاً، وعملاً؟...
وكيف كانت مسرحية الفرد؟... هل تَخاطب فيها مع الكائنات من حوله؟
أم ترى كان يتعرَّف إلى نفسه؟ مع نفسه، وبنفسه؟!...
وعندما شاركه آخر، وآخرون... تُرى كيف كانت مسرحية الاثنين؟
وأيَّ الأدوار لعباها؟... ومن ثمَّ هل عندما كثر وتعدَّد البشر فوق الأرض هم الذين صنعوا الأفكار؟ أم أنَّ عوامل «المشاركة» بين الكائنات بما فيها البشر هي التي كوَّنت، وشكَّلت مضامين مسرحيات الإنسان فوق الأرض؟...
بل ما هي بواعث الأفكار التي يدوِّنها الإنسان بعد أن قرأ وكتب وأخذ يسندها للإنسان، وتَخصَّص بعضُ البشر في القيام بأدوار التَّمثيل وهم أفراد من ممثلي الحياة من البشر في واقعهم؟ والسؤال عن البواعث الخفيَّة، تلك التي خلطت مفهوم الحقيقة والتَّمثيل عند الإنسان...
حتى إذا ما واجه لحظة صيف تَعرَّى فأخذ يُعرِّي الآخرين كي يتعرَّف إلى ما خُفي فيهم مما لا يستطيع الوصول إليه وهم في كامل ألبسة الشِّتاء السلوكية فتستتر عليه نواياهم، وأفكارهم، وما وراء كلِّ ما فيهم ولا يصل إليه؟...
تُرى والصيف صيف الحرِّ، وموسم الخفيف، الرَّطب، القليل من الملابس... هل هو صيف الحرِّ وموسم الكشف عن جوَّانية الإنسان كما يحرص النَّاس الآن على معرفة بعضهم؟!
أوحى إليَّ بهذه الفكرة العدد المتكرر من أسئلة قراء وقارئات هذه الزاوية عن الإنسان...
حتى خيِّل إليَّ بأن الإنسان يعيش في غابة ظلماء... يتحسَّس فقط ما حوله فيجده شعاباً، وحبالاً، وجذوعاً، وفروعاً، تتكاثف، وتلتمُّ، فتحولُ بينه وبين العبور...، يصطدم بها. فتخدشه، وربما تُدميه...، يمدُّ يده... فيجد هذا الحشد من النَّاس من حوله... يراهم ولا يراهم، يسمعهم ولا يسمعهم، يقولون ولا يفهم ما يقولون، يفعلون ولا يستطيع تفسير ما يفعلون، يصيبه منهم خيرٌ قليل، وشرٌ كثيرٌ، فيتساءل الإنسان عن الإنسان؟!
تُرى هل صيف الإنسان موسميٌّ؟!.. وهل شتاؤه كذلك؟! أم:
هل يستطيع الإنسان في «عزِّ الحرِّ» أن يُبقي أرديتَه الداخلية في جوفه تُغطي على بواعث سلوكه...، فتحجز دروب الوصول إليه مغلقةً دون الآخرين؟
ويبقى ممثّلاً كيف يشاء؟ وإلى ما يريد؟!...
وهل صيف الصَّيف فيه... هو شتاء الشِّتاء عنده؟
ويظلُّ مع كلِّ سؤال الإنسان موضعَ سؤال...
فلماذا لايبدأ السؤال مع نفسه؟ ومن ثمَّ يتخلَّص من ثقل الأردية؟
أو يحاول ذلك ضمن كافَّة محاولاته؟!...
عنوان المراسلة: الرياض: 11683 ص.ب: 93855
|
|
|
|
|