| الاقتصادية
غالبا ما نجد ان الانسان اتكالي بطبعه يميل للراحة والكسل وهذا ما تستغله بعض الشركات التجارية بذكاء في التأثير على عقل الانسان الباطن واستدراجه للوقوع في حبائلها باستخدام الاصطلاحات العلمية المنمقة والاستشهاد بالأسماء الرنانة أو ببعض التصريحات المشكوك فيها اضافة الى الوعود والتعهدات غير الجادة للوصول الى نتائج غير واقعية صعبة المنال.
ونلاحظ اختيارهم في أغلب الأحيان للحالات أو الأمراض التي يعجز عن علاجها الطب عادة وبالتالي فهم يخاطبون فئة من الناس تعيش في معاناة وحيرة وفي بحث مستمر عن حل لمشاكلهم وبالتالي فهم يمثلون فريسة سهلة المنال سريعة الاقتناع.
والانسان المريض «يتعلق بشعرة» كما يقال حتى ان الكثير منهم مع معرفته بدرجة ما لعدم المصداقية فإنه مع ذلك لا يستطيع مقاومة رغبة المحاولة.. والمستفيد الوحيد طبعا الشركات التجارية.
ولاشك ان بعض المستحضرات المعلن عنها قد تعود في تركيبها الى الأعشاب الطبيعية ولكن هذا لا يبرر مفعولها السحري المبالغ به والوعود البراقة المصاحبة والتي هي محاولة لتبرير المبالغة في أسعارها.
اضافة الى ذلك فإن عدم التصريح بتركيبها الكيميائي العلمي يجعل من الصعب الحكم على مفعولها وأيضا على آثارها الجانبية «ولعل ابقاء ذلك مكتوما مما يسهل عملية المبالغة في مفعولها» ولكن الذي يهمنا أكثر الخطر الكامن من استعمال مستحضرات غامضة التركيب وبالتالي لا يستطيع أي طبيب أن ينصح بها مرتاح الضمير.
وتحضرني هنا بعض الاعلانات التجارية مثل ما يسمى بالحلق المغناطيسي الذي انتشر كالنار في الهشيم يوما ما كيف لا وهو حسب الاعلان يخلصنا من هذا الهم الثقيل الذي يتعدى العشرات من الكيلوجرامات الجاثمة أيضا على قلوبنا من الدهون. وحسب الاعلان ما علينا إلا استعماله بعد شرائه طبعا وننسى الموضوع حيث سيفقدنا في خلال 24 ساعة 2 كغ من الوزن وذلك بدون اتباع نظام غذائي أو الحاجة الى الرياضة، ويأتي في الاعلان العبارات التالية:
«إنه اكتشاف طبيعي ذو أثر تدميري للشحوم كما يقوم بحرق السعرات الحرارية الزائدة وهذه العملية تتم حتى أثناء فترة النوم».
وفي عبارة أخرى أيضا يأتي في الاعلان:«إنه اكتشاف جديد ومذهل للطب الصيني» وكذلك عبارة: «لأول مرة يقوم الباحثون الصينيون بتطبيق أسس الطب التقليدي الصيني على مشاكل التخسيس».
وهكذا نجد ان الاعلانات الكاذبة تحاول اقحام الطب الصيني في الادعاءات الكاذبة من باب التمويه والاقناع. فالانسان يميل الى الاتكالية بطبعه ويتلهف الى أي وسيلة يتوصل فيها الى ما يبتغيه بدون جهد أو معاناة ولكن كما قال الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا |
وهذه الخصلة في نفس الانسان تستغل في ترويج بعض السلع عن طريق الوعود الكاذبة الوهمية والتي يميل الانسان الى تصديقها لا شعوريا فلعل وعسى!!.
كما تحضرني الدعايات التجارية عن مستحضرات لتساقط الشعر وأخرى للقضاء على التجاعيد ووصفها في الاعلان بأنها «مذهلة» وبأنها «تقضي نهائيا على الصلع الوراثي» وبأنها «تعيد شباب الوجه وتقضي على التجاعيد نهائيا» وغير ذلك من الجمل البراقة.
ولا ننسى الدعايات التجارية عن مستحضرات للاقلاع عن التدخين جاء في اعلانه «طبعا ستتوقف عن التدخين بعد دقيقة واحدة من استعمال هذا المنتج». انتهى الاعلان ولعله في الحقيقة يتوقف الانسان لمدة دقيقة واحدة فقط.
وأخيرا الاعلانات المكثفة عن ابتكار يشبه القلم وأقرب الى لعبة أطفال سمى د. بن ولعل هذا الاسم للايحاء بالطب الصيني وجاء في الاعلان علاقته بالعلاج بالإبر الصينية وأنه يعالج بدون وخز بل ويعالج مرضى السكر والضعف الجنسي وارتفاع الضغط وغير ذلك كثير، ويكفي ان أذكر بأن وزارة الصحة كانت لهذا الجهاز بالمرصاد كما كانت لغيره من الاعلانات الكاذبة وتم ايقافه ومنع تداوله ومعاقبة مروجيه.
د. رياض بن محمد الهجن
استشاري باطنية
إخصائي العلاج بالإبر الصينية المركز السعودي الصيني الرياض - جدة
|
|
|
|
|