| عزيزتـي الجزيرة
في كثير من الحالات عندما نبحث موضوع الطلاق أبغض الحلال عند الله الموضوع الذي كثرت حالاته في المجتمع مؤخرا وساهم في تفكيك كثير من الاسر وفراق كثير من الشباب المسلم بجنسيه والذي ينتظره مسؤوليات جسام وأدوار مؤثرة في مجتمعهم نرى أن هناك أسبابا عديدة تبرر مثل ذلك منها اسباب متفق عليها وكثيرا ما نبوح بها ونظهرها نظرا لوضوحها وقوتها وتوفرها في كثير من الحالات وهي أسباب عامة، إلا ان هناك اسبابا اخرى خاصة ببعض الحالات قد لا توجد في كل أسرة كما انها ليست سببا في كل حالة طلاق، كما ان هناك اسبابا تحتم الطلاق بل وتستوجبه لعل من هذه الاسباب التي قد نعرف بعضها ونجهل او نغفل عن البعض الآخر ما يلي:
1 ضعف الوازع الديني وارتكاب المعاصي وتقصير الشخص في أمور دينه ودنياه مما يجعله عرضة للعقوبة من الله سبحانه وتعالى، وقد تكون العقوبة بعدم توفيقه في زواجه واستقرار حياته الاسرية، حيث ان كثيرا مما يحدث للعبد في هذه الحياة من مصائب او مصاعب او كوارث هو لعدم صدقه مع نفسه ومع خالقه عز وجل او لاقتراف الذنوب والاثام، كما ان هذا ربما يكون من محبة الله لعبده لأنه عز وجل اذا أحب عبدا ابتلاه.
2 عدم معرفة الزوجين احيانا احدهما او كليهما لحقوق وواجبات الحياة الزوجية مما يوقع في النزاع والخصام والتقصير من جانبهما ومن ثم الانفعال والطلاق والعياذ بالله.
3 عدم علم احد الزوجين بظروف وملامح ومميزات الطرف الآخر وكذلك نواحي القصور فيه مما يجعل الزوج الآخر يتفاجأ بالظروف الجديدة والتي لم يحسب لها حسابا مما يؤدي به الى الانسحاب عن حياته هذه.
4 أحيانا وجود الزوج هو وزوجته في بيت والده، وقد تكون الظروف في ذلك البيت غير مناسبة، او قد تكون خلاف ذلك وانما رغبة الزوجة في الاستقلال مع زوجها في منزل منعزل او مستقل فتضغط على الزوج لطلب ذلك، وقد تكون ظروف الزوج سواء المادية او الاجتماعية (مثل ضرورة وجوده بجانب والده أو والدته او اخوانه الصغار) لا تسمح مما يجعل الزوجة تضع الرجل بين امرين (إما الاستقلال وتوفير المسكن الخاص وإما الامر الآخر الذي يكرهه وهو الطلاق) دون النظر لما كان بينها وبينه من عشرة وأبناء ربما يكونون ضحية هذا الانفصال.
5 نقص الامكانات المادية للزوج، وهذه بالطبع يجب الا تكون عائقا في كل حال، فالفقر ليس عيبا، كما ان الرازق في السماء، ومن صبر واحتسب (سواء الزوج أو الزوجة) رزق، كما ان الحياة لا تكتمل من جميع النواحي (رجل مناسب ومسكن مناسب ومال وعز ودين.. الخ )، هذا بالاضافة الى ان كل مولود يأتي ويأتي رزقه معه والباري سبحانه يقول (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) فإذا وجد البنون قد يكون أفضل بكثير من وجود المال لوحده فقط دون البنين، فما فائدة المال في هذه الحالة؟!
6 الظروف المحيطة بالزوج او الزوجة وتأثيرها، كأن يوجد الرجل مثلا في اسرة غير واعية ومدركة او جاهلة في بعض الاحيان، كأن يقع الزوج او الزوجة تحت تأثير احد الوالدين عند تأخر مجيء الاولاد مثلا او عدم اقتناع احدهما بزوجة ابنه والضغط عليه لتركها دون سبب او مبرر واضح.
ولعل ما يجدر بالذكر هنا ان تأثير الوالدة على ابنها (الزوج) او ابنتها (الزوجة) أكبر من تأثير الوالد وذلك لأن الوالد هو الذي غالبا ما يكون أكثر حكمة وتبصرا بعواقب الأمور والنظر لها بمنظار آخر، هذا بالاضافة الى المستوى الثقافي والتعليمي لدى احد الوالدين.
وقد يمارس ذلك التأثير من قبل الاصدقاء والزملاء سواء للزوج او الزوجة بالايحاء له اولها بعدم مناسبة حياتهما وضرورة تغييرها رغم انهما الادرى والاعرف بتلك الحياة، فلا يوجد من يعينهما على الترابط ولم الشمل وعدم الانفصال ومضار ذلك ونتائجه السيئة على الزوجين والابناء (الأسرة عموما).
7 الشعور بالنقص من احد الزوجين وأن حياته ينقصها الكثير وليست كما لدى الآخرين.. فهذه اسرة غنية وتلك اسرة ذات منصب وأخرى يتوفر لديها كذا ونحن لا يوجد لدينا مثل ذلك كمنزل كبير او سيارة فخمة او عدد كبير من الاولاد. او بعبارة مختصرة (القضاء على الحياة الزوجية وإنهاؤها من قبل احد الزوجين بسبب النظر الى ما يملكه الآخرون وتوفره لديهما من عدمه.
8 فساد او عدم صلاح احد الزوجين خلقيا او اجتماعيا، او دينيا، وذلك في الغالب ما يكون من جانب الرجل (إدمان مخدرات، تهاون في اداء الصلاة، قضايا اخلاقية، سرقة، جريمة، جنوح) فيتعذر على الطرف الآخر (الزوجة) البقاء مع مثل ذلك الزوج غير الصالح فيكون اللجوء للطلاق امرا واردا هنا.
9 وجود نواحي قصور لدى احد الزوجين، كضعف شخصية مثلا او حتى بعض الامراض والاضطرابات النفسية احيانا، ومعلوم ما لذلك من آثار سلبية على حياة الزوجين، ولنأخذ مثالا عن الزوج عندما يكون ضعيفا في الشخصية فيكون الأمر بيد المرأة ونتائج ذلك في سوء تربية الأبناء وعدم احكام السيطرة عليهم، وقد يصل الامر الى ضياعهم ووقوعهم في المصائب والجرائم لا سمح الله نتيجة ان المرأة وحدها هي من بيدها زمام الأمور، ومعروف ما لسيطرة المرأة وفرض شخصيتها على الرجل من الآثار السابق ذكرها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة).
10 عدم اتفاق الزوجين في طريقة تسيير حياتهما وكذلك تربيتهما للاولاد أي التناقض في طريقة حياتهما (كل له أسلوبه) في الحياة والتعامل مع الاولاد مما يولد لدى أبنائهم العقد والاضطرابات وعدم المعرفة والإدراك لكثير من أساليب الحياة وآدابها وذلك بسبب الازدواجية في التعامل من قبل الوالدين.
11 عندما تكون جميع الظروف مناسبة وتتوفر جميع الصفات المطلوبة في كلا الزوجين إلا أن أحدهما أو كليهما لا يضمر محبةً للآخر، ففي هذه الحالة تتعذز الحياة الزوجية وهنا يفضل الانفصال وعدم البقاء ويغني الله كلاً من سعته.
12 عدم إحسان التعامل من جانب الزوج للزوجة وعدم الوفاء بحقوقها أو الاعتداء عليها أو ضربها ضرباً مبرحاً ولا مبرر له، والله سبحانه وتعالى يقول: «وعاشروهن بالمعروف». معلوم أن العزيز الحكيم أباح ضرب المرأة ولكن بأن يكون آخر الاجراءات أخذاً من قوله تعالى (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا). وغير ذلك من الأسباب.
طرق العلاج والوقاية (إجراءات وحلول مقترحة للعلاج والوقاية والقضاء على كثير من حالات الطلاق)
وللحد من هذه الظاهرة والمشكلة الاجتماعية الخطيرة على شبابنا وشاباتنا والمساهمة في تفكك أسر وأبناء هذا المجتمع الإسلامي لابد أن نضع أيدينا على موضع الجرح وأن نبحث ونتأمل في تلك الأسباب آنفة الذكر قبل الحكم على أي حالة طلاق لا سمح الله وضماناً لتقلص أعداد حالات الطلاق في مجتمعنا المسلم بإذن الله وتحقيقاً للترابط والتواؤم ومنعاً للشقاق والخلاف إن شاء الله وبعد تركيز اهتمامنا على الأسباب أن نضع لكل سبب علاجاً أو إجراء أو حلاً يتناسب مع حجمه وأهميته. فيما يلي بعض الإجراءات والحلول المقترحة للعلاج والوقاية من وقوع كثير من حالات الطلاق بإذن الله تعالى:
1 توعية وتبصير شبابنا (الجنسين) قبل الإقدام على الزواج بطبيعة الحياة الزوجية وما قد يشوبها من لحظات سعادة وما يعكر صفوها من مشاكل عابرة لا تخلو أسرة منها كما أنها ملح هذه الحياة، وبحقوق الزوجين وواجباتهما، ويمكن أن ينفذ ذلك عن طريق الدروس والمحاضرات والندوات ووسائل الإعلام بأنواعها وكذلك الأشرطة الإسلامية والخطب من مشائخنا حفظهم الله وجهود مراكز الدعوة والارشاد والمجتمع عموماً لكي يكون كل فرد على علم بما هو مطلوب منه في حياته الزوجية.
2 تقوية الإيمان بالله والارتباط به والتمعن بما يسببه التفريط وارتكاب المعاصي والذنوب من آثار سيئة وعقوبات إلهية على الشخص والتي قد يكون من بينها كما أسلفت تعكير صفو الحياة الزوجية وعدم الاستقرار فيها، وضرورة صدق الانسان مع نفسه ومع الله تفادياً لحدوث مثل هذه المشاكل
3 أن يكوِّن كل مقدم على الزواج (شاب أو شابة) فكرة واضحة وشاملة عن الطرف الآخر من مميزات ومساوىء ونواحي قصور حتى لايتفاجأ أحد منهما بالآخر بعد الزواج، فيتحرى كل منهما في اختيار زوجه المناسب وبرغبة واقتناع فذلك من مؤشرات نجاح الحياة الزوجية.
4 عدم جعل الظروف لمادية تؤثر على الزوجين وأن يعي كل منهما أن الحياة الزوجية قد تسير باليسير من المال، والفقر ليس مبرراً مقنعاً للانفصال والتشتت، وكذلك عدم لنظر لما يملكه الآخرون وما لديهم من أموال أو ممتلكات فالله يرزق من يشاء وهو حكيم عليم بما يعمل.
5 ألا ينظر كل زوج لنفسه ومصلحته فقط بل لمن تحت يديه من أبناء قد يتشتتون ويتيتمون، وقد يؤدي بهم الأمر في النهاية للضياع والفساد لا سمح الله.
6 عدم التدخل سواء من قبل الوالد أو الوالدة أو الآخرين في حياة أبنائهم الزوجية والتسبب في وقوع الشقاق بينهم في النهاية ثم الفراق، وذلك يتطلب توعية الأسر والمجتمع عموماً بمضار ذلك وأن كل زوجين لهما الحق في رسم وتخطيط حياتهما بنفسيهما دون تدخل الآخرين فذلك حق مشروع لهما.
7 أن يكون الرجل ذا شخصية وهيبة لدى أفراد اسرته بما فيهم زوجته، وأن يكون هو الآمر الناهي والمسيطر في بيته ويؤدي دوره في تربية أبنائه بجانب زوجته، وأن يتفقا على ذلك الدور والاسلوب في التربية ويتجنبا التناقض في التعامل مع هؤلاء الأبناء، وقبل ذلك الاتفاق على الكيفية التي يسيِّران بها حياتهما.
8 التعامل الحسن من جانب كل زوج للآخر فذلك أدعى لاستقرار حياتهما الزوجية إن شاء الله.
عمر بن سليمان الشلاش
المرشد الطلابي بمجمع
الأمير سلطان للمتفوقين ببريدة القسم المتوسط
|
|
|
|
|