| محليــات
تكاد بعض المؤسسات الطبية أن تحول الإبر الصينية إلى فكس فابوراب. ليس على مستوى المملكة فقط، بل على مستوى العالم، لا أقول هذا من باب المبالغة، فالذي يقرأ الإعلانات المتكررة حول هذه التقنية العجيبة سيذهب إلى ما ذهبت إليه. ففي كل يوم نقرأ أن مركزاً جديداً فتح للعلاج بالإبر الصينية وكل يوم نقرأ في الجرائد أن الإبر الصينية تعالج مرضاً جديداً. فلو أنك تتبعت الاعلانات التي تصف قدرة هذه الإبر المدهشة لعرفت أن الإبر الصينية تعالج كل الأمراض الجسدية والنفسية على حد سواء وهي بذلك تنافس الفكس بكل اقتدار. فكما هو معلوم للجميع فإن تجربتنا مع الفكس تتعدى أكثر من أربعة عقود من الزمان وفي كل مرة يستخدم هذا العقار العظيم يؤكد تفرده التاريخي في علاج كافة الأمراض ولكن من الملاحظ أن الإبر الصينية تريد أن تدخل منافساً كبيراً له.
يأتي الفكس في صور وعبوات متعددة أشهرها عبوة زرقاء وبأحجام متعددة وقد كان يأتي في عبوات زجاجية خضراء مستطيلة الشكل تعرف ب(أبو فاس) لم أعد أراها كثيراً في وقتنا الحالي. ربما لأني لم أعد أزور حراج ابن قاسم كما كنت في الأيام الخوالي. والحق يقال للفكس أياد بيضاء على صحتنا العامة. ففي كثير من الأحيان يجعلنا نستغني نهائياً عن زيارة الأطباء فهو كما نعرف علاج شامل كامل لكل الأمراض. وقد سبق أن أشرت في مقال سابق إلى أن الفكس ينطوي على عيب واحد فقط وهو أنه لا يجري عمليات جراحية وإلا عددناه مستشفى كاملاً في داخل منزلنا، وبالتالي أغلقنا المستشفيات وألغينا وزارة الصحة من أساسها.. فهو كما نعرف يزيل كل الامراض من الزكام وحتى الأمراض الكبيرة والمستعصية، ولا يمكن ان تدخل بيتاً سعودياً دون أن تكون قارورة الفكس منتصبة أمامك (بكل شموخ وكبرياء ومهابة) ولكن يبدو أن الإبر الصينية في طريقها لتصبح فكس العام الجديد، خصوصا أنها تعدت ان تكون علاجاً كما هي الحال مع الفكس ودخلت إلى مناطق عمليات التجميل. قرأت مؤخراً اعلاناً لمؤسسة علاجية تعلن عن خفض الوزن بالابر الصينية وطبعاً نحن نعرف أن الابر الصينية تزيل كل الآلام وتزيل كل الأوجاع وتعالج الشلل وأمراض الجهاز العصبي.. الخ ولكنها الآن أصبحت تساعد على الراحة وعلى الهضم وعلى تنشيط الدورة الدموية وتقوي الإبصار والباءة وتشد العضلات وتعزز الحيوية وأخيراً تزيل السمنة. فهي إذًا تتفوق على الفكس بالمسائل المتعلقة بالجراحة التجميلة إلا أنها تتخلف عنه في شيء واحد هام وخطير. فالفكس يمكن أن أعده طبيباً مقيماً، بل ساكنا بين ظهرانينا. وإذا أردنا الدقة فهو أم حنون في داخل المنزل بينما الابر الصينية يجب أن تذهب إليها ويجب أن تأخذها من أيدٍ خبيرة. وهذه واحدة من أهم العيوب التي يعاني منها هذا العلاج العجيب. ولا أعرف كيف سنحل هذه المعضلة الكبرى. لا يمكن أن تذهب من أجل كل حالة مرضية إلى مكان متخصص. ولكن إذا كان الفكس أخذ دور الأم الحنون بامتياز فأظن أن الابر الصينية ربما تكون في مستوى الخالة. قريب من حنان الأم ولكنه يسكن في منزل آخر تستوجب الحاجة الذهاب إليه. ولكن من يعرف فربما جاء ذلك اليوم الذي نبدأ فيه ننغز أنفسنا بأنفسنا عندها لا نعرف الغلبة لمن؟ للفكس العريق أم للإبر الصينية الشابة. سننتظر ونرى.
|
|
|
|
|