أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 2nd July,2001 العدد:10504الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

هل الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل..؟!
د. زيد بن محمد الرماني
لقدعُني الاسلام بالزواج عناية خاصة تفوق عنايتة بأية علاقة انسانية أخرى، ويبدو ذلك في كل ما عرض له الاسلام من مسائل الأسرة، ابتداء بالخطبة وانتهاء بالطلاق عند الضرورة.
ولما كان الزواج أساس بناء الأسرة، ولا يمكن ان تقوم أسرة بدون زواج شرعي، وجب ان يقوم الزواج على الرغبة والاختيار والرضا المشترك.
ومن ثم، فلا عجب ان أجمع علماء الاجتماع على أن الأسرة عماد المجتمع، وأنها إذا قامت على أسس ودعائم قوية استقرت أحوال المجتمع وتوطدت أركانه، فإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقق لها أسباب القوة على اختلاف اشكالها، اضطربت حياة المجتمع واختل توازنه.
لقد تحفظ الاقتصاديون حوالي قرنين من الزمن عن الكلام عن الأسرة أوفي شؤونها وتركوا تلك المهمة لعلماء الاجتماع والمحللين النفسيين.
أما اليوم، فقد أثبت غير واحد من الاقتصاديين المعاصرين ان الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل، فكل من الزوجين يتخصص في مجال معين. وطبقا للعادات والتقاليد الاجتماعية، فإن الزوج هو الذي يعمل في الخارج وتبقى الزوجة في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية وممارسة الأمومة. حيث يحقق التخصص أفضل تنظيم لمولود الأزواج وأقصى قدر من الرفاهية.
وبعد، فإن أهم ما ينبغي توجيهه للزوجين من نصائح اقتصادية، وهما في مقتبل حياتهما الزوجية، ما يلي:
أولاً: الاقتصاد الاقتصاد: ان على الزوجة الواعية ان تكون أول من يحافظ على ميزانية الأسرة وتحاول الاقتصاد في المصروفات، والاعتدال في النفقات.
فقد جاءت مناه شرعية وتحذيرات إلاهية من الاسراف والتبذير، يقول سبحانه:(ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين). ويقول تعالى:(ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).
ومن المعروف شرعا وعرفا وعقلا وواقعا أن الوقاية خير من العلاج.
ثم إن مبدأ الرشادة الاقتصادية يستلزم الاعتدال في الأكل والشرب واللباس والسكن والنقل والأثاث وتكاليف الزواج والمهور.
ثانياً: تيسير المهور وتكاليف الزواج: ذلك لأن المبالغة في المهور المتمثلة في الشروط الثقيلة، جعلت من العروس سلعة تجارية وميدانا للتفاخر والمزايدات.
كما ينبغي الحذر من المبالغة في بطاقات الزواج وكروت الأعراس، خاصة إذا علمنا أن تكلفة الواحدة منها قد تصل الى عشرة ريالات في المتوسط.
إن المبالغة في المهور مصيبة أكثرت من العوانس والعزاب فهي حجر عثرة في طريق الزواج وجمع الرؤوس في الحلال.
كما تجر المبالغة في المهور الأقساط والديون على الزوج وأهله وتوقعه في مزيد من الاستدانة لشهور طويلة.. رغم أن الهدي النبوي أكد أن خير النساء والزوجات وأعظمهن بركة أيسرهن مؤنة وتكلفة ومهراً.
وإذا كانت المغالاة في المهور قبل الزواج سبباً لاعراض كثير من الرجال والشباب عن الزواج، فانها بعد الزواج ربما تكون سببا للمشاكل والشقاق والخلافات الزوجية وربما جرت الى الطلاق ومشاكل الانفصال.
ثالثاً: تجنب الاسراف في حفلات الزفاف: بإقامة الأفراح في البيوت أو صالات الأفراح المناسبة، دون اللجوء الى الفنادق والصالات غالية الثمن، فقد أصبحت للأسف صالات الأفراح والفنادق ميداناً للسرف والبطر والمباهاة.
كما ينبغي الحذر من المبالغة في لباس العروس، فلا تنفق الأموال الطائلة في أمور كمالية ترفيهية غير ضرورية.
كذا ينبغي الحذر من المبالغة في تنويع الأطعمة في مناسبات الزفاف، ذلك لأن مآل كثير منها القمامة للأسف، فهناك تلال من هذه القمامة تتزايد يوما بعد يوم وعرسا بعد آخر.. وما ذلك إلا لتلبية دواعي الاستعراض الاجتماعي وحب التقليد والمحاكاة والظهور الاجتماعي.
وما زلنا نجد عند بعض الأسر، حتى ذات الدخل المحدود تصرفات لا مبرر لها سوى العادات والهوى والتقليد.. احتفالات مكلفة وملابس غالية الأثمان وبنود استهلاكية تثقل كاهل الزوجين والأسرة المستقبلية.
ونسينا أو تناسينا ان الاسلام لم يشرع في نفقات عقد الزواج سوى المهر المعقول للمرأة والوليمة المناسبة للعرس وإكرام الضيوف بما يناسب الحال فلا حاجة بنا الى موائد مفتوحة وصواني دوّارة.
رابعاً: الحذر من حمى الشراء والتسوق: إن أخطر ما يمر على الزوجين ما يعرف بحمى الشراء والتسوق والاستجابة للاستهلاك المظهري والمبالغة في الأزياء والموضات والانسياق وراء الدعايات والاعلانات الخادعة، دون تحكيم دقيق للعقل وتقدير للعواقب والنتائج.
لذا، ينبغي تجنب الشراء العاطفي، من خلال وضع خطة للأشياء المطلوبة قبل القيام بعملية التسوق.
فكثيرا ما يكون لدى أحد الزوجين العديد من الأعمال التي تحتاج الى انجاز في وقت محدد، أو يحتاج الى القيام بعمل لم يسبق له القيام به فيما مضى.
في هذه الحالات وغيرها يكون التخطيط هو الحل إذ تحدد الخطوات الواجب اتباعها للوصول الى هدف معين ويحدد الوقت المطلوب لانجاز هذه الخطوات، وعن طريقه يمكن تصور العقبات التي قد تصادف الزوجين والهدف الذي يريدان الوصول إليه.
خامساً: ميزانية رشيدة للأسرة: إن الزوجة الرشيدة هي التي تلعب دوراً فريداً في إسعاد زوجها وذلك بادارتها الحكيمة لشؤون المنزل وتدبير مصروفاته وصحة أفراده. فالمنزل هو المكان الذي يسعد فيه جميع أفراد الأسرة.
ومن العوامل المساعدة على توفير السعادة في الأسرة الناحية المادية، من حيث تقدير دخل الأسرة وتنظيم ميزانيتها بحيث توفر جميع حاجات ومتطلبات الأسرة للمحافظة على صحة الأفراد وتأمين الملبس والمسكن المريح.
وياليت لو اهتم الزوجان بتخصيص مبالغ مالية للتوفير والادخار لوقت الحاجة والطوارىء المفاجئة.
إذ ان الزوجة الواعية هي تلك التي توزع ميزانية الأسرة على الأبواب اللازمة للانفاق.
إن هذا يستدعي ضرورة وضع ميزانية محكمة رشيدة للأسرة، تضبط النفقات وتحدد الايرادات وأوجه الصرف مع المراقبة الدقيقة لهذه الميزانية.
سادساً: الوعي بأهمية اقتصاديات الأسرة: إن دراية الزوجين باقتصاديات الأسرة ومواردها البشرية والمالية والتخطيط السليم للانفاق يؤثر بدوره على الاقتصاد الوطني ذلك لأن الاقتصاد المنزلي ضروري لمواجهة أعباء الحياة، نتيجة زيادة أسعار السلع المختلفة والخدمات الأمر الذي يتطلب الانتفاع بالموارد المتاحة.
ومما لاشك فيه ان الأسرة التي تهتم بتخطيط أسلوب حياتها، سوف تحقق أهدافها.
لذا، ينبغي مراعاة امكانات الأسرة واتباع نظام الانفاق السليم من حيث عدم زيادة مقدار المنفق على الدخل وتوزيع الدخل قدر الامكان على أبواب الانفاق.
يقول تعالى:(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما..) الآية.
*عضو هيئة التدريس بجامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved