| مقـالات
كثيراً ما يراودني هذا السؤال : لماذا نحن العرب نبالغ في تمجيد البطولة والشهامة والكرم.. ونزدري الحب ولا نعترف بوجوده إلاَّ في الأشعار والأغاني والتمثيليات؟
كان ابن حزم الأندلسي واحداً من فلاسفة الحب العالميين في زمانه.. أتصوره لو بعث هذه الأيام وطلع على الناس بفلسفة الحب من جديد لرجموه.. سيقولون: يا ابن حزم.. ألم تجد في أمور الدنيا ما يغريك بالتفلسف سوى شؤون القلب والانشغال به؟! ألا ترى ما يجري في فلسطين وحول الأقصى؟. الدماء تسيل والمسجد يمتهن.. والشباب يقتلون والرجال والنساء والأطفال يشردون ويجوعون.. وكثر الأيتام والأرامل والمعاقون.. كل هذه المآسي وأنت منشغل عن ذلك بهيام القلوب ومناجاة المحبوب!! فبماذا كان ابن حزم سيرد على هؤلاء اللوامين - هذا إن تركوه يرد أو يصد - سيقول لهم بكل اطمئنان في مقدمة كتابه «طوق الحمامة».. «أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد».. ثم يواصل حديثه عن جلال الحب فيقول: «دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف.. فلا تدرك حقيقتها إلاّ بالمعاناة.. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة.. إذ القلوب بيد الله عز وجل».. ورغم أن الفلاسفة اتفقوا على أن الحب قيمة جمالية في حياة البشر.. إلاّ أنهم اختلفوا في تعريفه.. لكن ابن حزم الذي كان متأثراً بأفلاطون ذهب إلى أن الحب اتصال بين أجزاء النفوس المعشوقة يتولد عنه تأملات عذبة وخيالات جميلة.. ولعمري أن هذا هو التعريف الأصدق والأعمق.. ورغم أن الحب طبيعة شديدة الخصوصية إلاّ إن الأدباء والشعراء يطرقون بابه ويتغنون به على مشهد من الجميع ومنهم من يعلنه على رؤوس الأشهاد.
|
|
|
|
|