| وَرّاق الجزيرة
مراكز البحوث الجامعية في مراكز دراسة الطالبات ليست مهيأة بطريقة كافية للباحثات للقيام بإجراء أبحاثهن.
من هنا تظل اهم العقبات أمام الباحثات تتمثل في عدم الوصول الى المكتبات في أي وقت وكذلك تتمثل في عدم تهيئة مراكز البحوث للباحثات بصورة مكتملة.
من خلال خوضك في الكتابة العملية والكتابة الصحفية ايهما الذي وجد صداه لدى القراء وكان اقرب للوصول الى نتائج ترضينها؟
يبدو لي غريبا هذا السؤال الى حد كبير فليس ثمة مجال للمقارنة بين الكتابة العلمية والكتابة الصحفية؟ إن الذين يكتبون كتابة علمية يكون معيار النجاح فيما يكتبون هو أن يقدموا اضافة جادة الى الحقل العلمي الذي يبحثون فيه وليس المعيار هو المعيار هو صدى القراء والنتائج التي يرتضيها الباحث الجاد هي معرفته انه اسهم ولو بصورة صغيرة في نماء الحقل العلمي الذي يبحث فيه أما الكتابة الصحفية فمجالها مختلف جدا وهي بطبيعتها تتفاوت بين الكتابة في صفحات متخصصة في مجال معين وبين الكتابة في موضوعات عامة تتصل بحياة الناس ومشاكلهم. والكتابة التي أقوم بها هي من النمط الأول المتصل بالصفحات المتخصصة فأنا أكتب في الصفحة الثقافية في الوطن عمودا صغيراً كل خميس وأجد في هذه الكتابة مجالات للتعبير عن أشياء وبطبيعة الحال ليس من المقبول ان يحكم الانسان على ما يقدمه من كتابات.
أما الباحثة مريم العتيبي فقد كان لها رأي آخر تميز بالصراحة وتحميل الباحث الرجل جزءاً من التقصير تجاه المرأة الباحثة فقد قالت في هذا الصدد:
لن أكرر ما يتردد دائما ان المرأة هي نصف المجتمع مكملة الرجل، في وجودها استمرارية الجنس البشري بل ووجوده لاننا انتهينا من هذه الجدلية ومهما حاولنا إغفالها فهي حقيقة لا مناص منها ولابد لاي رجل يتمتع بكامل قواه العقلية ان يعترف بحضور المرأة وحاجته الماسة اليها فهي الام والاخت ومن ثم الزوجة والابنة ومن يغفل هذه الحاجة وهذا الحضور فلا حاجة لمناقشته والخوض في غمار الحديث معه لان القلم مرفوع عنه والمرأة السعودية لا يمكن بأي حال من الاحوال مقارنتها بالمرأة في المجتمعات الاخرى لان لها كينونتها المستقلة التي لا تشابه امرأة على وجه هذه الارض وقد استمدت هذه الخصوصية من طبيعة المجتمع السعودي وخصوصيته وما تحكمه من عادات وتقاليد قلما تشابه المجتمعات الأخرى ورغم القيود العدة التي جعلها الرجل السعودي حول معصم المرأة السعودية إلا أنها استطاعت وبمهارة فائقة أن تزاوج بين ما تريده وبين ما هو كائن فاندمجت في مجالات عدة لم تكن متاحة لها في بدايات نشأة هذا الكيان في دوره الثالث فشاركت الرجل ضروريات الحياة ومستلزمات العيش المرفه بل وجعلت السعودية تحقق اكتفاء ذاتيا في معظم الوظائف النسائية وتم شغلها بكوادر سعودية علاوة على تعدد هذه المجالات ما بين الطب والتمريض والتدريس. بل ان كماً هائلاً من السعوديات واصلن دراستهن العليا وقطفن اعظم الشهادات العلمية وتشهد سجلات الجامعات السعودية باعداد الخريجات والذي أصبح ان لم يضاهِ حقيقة الرجل بل وقد يزيد عليه.
وما يقال من ان المرأة في العالم قد وصلت الى الفضاء بخلاف المرأة السعودية فلا حاجة لها أن تصل الى الفضاء لانها تعيش في فضاء. أي فضاء ذلك الذي تعيشه المرأة السعودية. بل وما هو مفهومنا عن الفضاء الذي وصلت لها المرأة الاوروبية. أية فلسفة من الممكن القبول بها، أيصل الى الفضاء من يملؤه فضاء. وهل يعيش في فضاء من هو مملوء حتى الثمالة بعقيدة لا يمكن ان يعيش صاحبها في فضاء ولنقارن بين سجلات الخريجات السعوديات من الجامعات السعودية وبين اعداد النساء الاوروبيات المنتحرات من صواحب المؤهلات العلمية واللاتي اعتدن صعود الفضاء ان الشهادة العلمية تعد ورقة فقط عليها أختام وتواقيع اثبات لفلان تجاوز مرحلة ما، ما قيمة هذه الشهادة وهي بيد لا تقدر لماذا خلقت وما هي عمارة الارض وما هو حق الله وحق العباد. ان كان هناك من يحطم المرأة السعودية ويحاول اعاقتها عن العطاء فهو الرجل السعودي وليس غيره وينطبق عليه بيت الشعر القائل.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند |
وتناسى الرجل السعودي ان تلك المرأة الاوروبية التي وصلت الى الفضاء لم تكن لوحدها بل كان يساندها ويقف خلفها رجل اوروبي ويرى في نجاحها نجاحاً له دون ان ينقص ذلك النجاح من رجولته وحضوره شيئا، اقتسما كعكة النجاح سويا . اما الرجل السعودي وللاسف يحاول جاهدا ان يأكل الكعكة لوحده حتى وان كانت هي التي صنعتها ولا نستطيع الحديث دون توثيق حول انتاج المرأة العلمي لانه واضح للعيان فهناك الكثير من الملامح النسائية السعودية والتي يتسنمن مناصب عليا في الدولة لهن نتاج علمي منشور تشهد عليه مكتباتنا التجارية ومن ابرز السيدات السعوديات التي شغلت منصبا حساسا على الصعيد الدولي الدكتورة ثريا عبيد ولولا استحقاقها لتلك المكانة لما وصلت اليها ولتم شغل ذلك المكان الشاغر بملامح أخرى غير سعودية كذلك البروفيسورة هند بنت ماجد الخثيلة والتي تعد اول سعودية تصل الى هذا المستوى وسبق وان تولت عمادة الاقسام الادبية بجامعة الملك سعود أيضا الدكتورة مي العيسى والتي مازالت عميدة الاقسام الادبية في جامعة الملك سعود والذي يدلف الى مركز الملك عبد العزيز التاريخي يجد مؤلفها عن الحياة العلمية في نجد يستقبله هناك أيضا والمرء لا يذكر الا من هو قريب من قلبه وعينه وبحكم عملي في كلية التربية للبنات بالخرج فقد تشرفت بالعمل والتعامل مع الدكتورة شريفة الحوشاني عميدة كلية التربية للبنات بالخرج وقد لايوفيها الكلام حقا وعلى حسب معلوماتي فقد تدرجت في مراحل عدة حتى حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة الامام محمد بن سعود وما زالت تتولى وبكل ثقة عمادة كلية التربية بالخرج والذي يتعامل معها عن قرب يعترف بجدارة المرأة السعودية واستحقاقها للمستوى العلمي الذي وصلت اليه سواء في طريقة ادارتها ومعالجتها للأمور التي تستجد والقرارات التي تتخذها بل وقد أراهن انه لا توجد كلية من كليات التربية بالمملكة الا وتم شغلها بما يعادل 80% من السعوديات من حملة الماجستير والدكتوراه وعلاوة على ما تم شغله في الجامعات السعودية.
وهناك الكثير والكثير من الزميلات اللاتي لا انقص لهن قدرا والاشارة الى جهودهن العلمية تستلزم وقتا ومساحة اكبر مما يتوقع كذلك هناك العديد من الملامح السعودية النسائية لهن نتاج أدبي لا يمكن اغفاله على الصعيد المحلي والدولي والاسماء عديدة كشريفة الشملان، فاطمة العتيبي، رقية الشبيب، غادة الخضير وملامح عدة تتسابق على باب الذاكرة. أسأل الله جلت قدرته ان يجعل جهدنا نساء ورجالا لطاعته - جل وعلا - وان يكتب لمن كتبه ومن قرأه الفردوس..
نموذج من الدراسات الجادة
د. هدى فهد الزويد وهي تعمل حاليا استاذاً مساعداً في قسم التاريخ - كلية الآداب قدمت رسالة الدكتوراه في «التطور التاريخي للاسرة في الحجاز في القرنين الاول والثاني الهجري» باشراف أ.د عبدالعزيز بن صالح الهلابي تحدثت لنا عن مضمون رسالتها قائلة:«اتجهت الدراسات التاريخية مؤخرا للعناية بدراسة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الاسلامية في الفترات التاريخية المختلفة بالرغم مما يلاقيه الدارسون من شح في المعلومات او عدم توازن في كمها الا انه من الملاحظ ان الاسرة نواة المجتمع لم تحظ باهتمام خاص من قبل الدارسين وكانت اية معالجة لتاريخ الاسرة تأتي ضمن دراسة المجتمع ككل ومن هنا اتجه اهتمام الباحثة لدراسة «التطور التاريخي للاسرة في الحجاز في القرنين الاول والثاني الهجري» لان الحجاز مهد الرسالة التي كانت ايذانا ببداية عهد جديد في النظام الاجتماعي. اما الاطار الزمني للرسالة فقد حرصت الباحثة على اطالته ليشمل القرنين الاول والثاني الهجري لان الاوضاع الاجتماعية عادة تتطلب مساحة زمنية واسعة حتى يتمكن الباحث من رصد الاستمرارية والتغير فيها وتكمن صعوبة هذاالموضوع في تناثر مادته فهو مثل اي دراسة اجتماعية لا يمكن ان نصل اليها من خلال اطلاعنا على شكل واحد من مصادر التراث بل تتطلب دراسة البحث في مصادر متنوعة وكثيرة حتى نصل الى مادة تخدم هذه الدراسة ومن الصعوبات التي واجهت الدراسة ايضا تناقص المعلومات تدريجيا فهي غزيرة في فترات الرسول عليه الصلاة والسلام والخلافة الراشدة ثم تبدأ بالتناقص تدريجيا حتى تندر في القرن الثاني الهجري ولا شك ان ذلك عائد الى خروج الخلافة من الحجاز وبالتالي ضعف دورها السياسي وانتقال الاهتمام الى مركز الخلافة الجديدة في الشام والعراق وبالاضافة الى ما سبق فإن الدراسة لم تشمل كل مناطق الإطار الجغرافي نتيجة لتركز المعلومات على مناطق محددة مثل المدينة ومكة المكرمة والطائف وبعض البوادي اما المناطق الاخرى فاما ندرت الاشارة اليها او اهملت الا ان يمكن تغطية هذا النقص بالقول انه ما يمكن ان نجده في احدى تلك المناطق قد ينطبق على غيره مما لم تشر اليه المصادر لكونهم ينتمون الى اقليم جغرافي واحد يتأثر بمؤثرات واحدة.
حرصت الباحثة في هذه الدراسة على تقصي كل جوانب الحياة الاسرية ومحاولة مقارنتها بما كان سائداً في العصر الجاهلي. ملاحظة ما صاحبها من تطور خلال القرنين الاول والثاني ،ومن الجدير بالذكر هنا ان الباحثة درست هذا الموضوع بنظرة المؤرخ ولم تتطرق الى النواحي الفقهية الخاصة بالاسرة الا بشكل محدود جدا كما حاولت ابراز التطور ما امكن ذلك من خلال طرح امثلة تصور فترات زمنية مختلفة تنقسم الدراسة الى خمسة فصول يسبقها تمهيد يتعلق بتوضيح امرين الاول: مدلول الاسرة في فترات الدراسة، والامر الثاني: يرتبط بتوضيح اثر ظهور الاسلام على الاسرة وتأثير الهجرة على الترابط الاسري وفي خلف اسر اسلامية جديدة.
اما الفصل الاول فيبحث في الزواج لان الاسرة لا تتشكل الا من زوج وزوجه ومن ثم يعد بحث موضوع الزواج في الفصل الاول البداية الصحيحة لدراسة الاسرة وفي الفصل الثاني تتطرق الى نتاج هذا الزواج وهم الصبيان وقد اكثر تسميتهم بهذا الاسم لانه الشائع في فترات الدراسة كما ان المصادر اللغوية ترى ان هذا المصطلح يقصد به البنين والبنات. اما الفصل الثالث فيختص بدراسة الحياة المعيشية للاسرة وهو تقريبا لب هذه الدراسة وبحثت في الفصل الرابع المشكلات الاسرية وصنفتها إلى صنفين: مشكلات اجتماعية ومشكلات اقتصادية. اما الفصل الخامس والاخير فقد افردته الباحثة للحديث عن المكان الذي تشكل فيه الحياة الاسرية وهو المسكن فتطرقت الى مسمياته واشكاله وتقسيماته سواء كان في الحاضرة او البادية ثم انهت هذه الدراسة بخاتمة شملت اهم النتائج التي تم التوصل اليها.
الرسائل العلمية خير شاهد
واصلنا الحديث مع د. مي العيسى عميدة جامعة الملك سعود للاقسام الادبية حول مدى ما قدمته المرأة في البحث فأجابت:
يمكن الاستدلال على ذلك من خلال احصاءات الرسائل العلمية المقدمة في الجامعات السعوية والاجنبية والتي تصدر عن وزارة التعليم العالي.
إذاً هل وجدت ثقة في الباحثة السعودية من منظور المجتمع وهل اخذت ابحاثها بعين الاعتبار؟
الحمد لله ان الثقة متوفرة في الباحثة السعودية وذلك من منظور الجهات العلمية والتعليمية التي تمثل وجهة النظر الاجتماعية بصفة عامة.
وهل الباحثة التي تندرج من اسر علمية ساعدها هذا الموروث الاسري في خدمة تاريخ بلدها؟
ليس هناك دراسة لعدد الباحثات في التاريخ اللاتي يندرجن من اسر علمية ليمكن قياس مدى التأثر بالموروث الاسري، اما فيما يتعلق بي فاتجاهي للتاريخ جاء بناء على ظروف التعليم آنذاك.
د. سعاد بنت عبدالعزيز المانع استاذ النقد الادبي في قسم اللغة العربية/ كلية الآداب جامعة الملك سعود، لها عدد من الكتب المطبوعة مثل: سيفيات المتنبي، دراسة نقدية للاستخدام اللغوي، سكينة بنت الحسين، المرأة والنقد الادبي في بدايات النقد الادبي.
هل وجدت الباحثة السعودية تعاوناً في جمع مادتها من المراكز ودور العلم؟ وماهي العقبات التي لم تستطع التغلب عليها؟
- لا أحسب ان المراكز ودور العلم هي موضع شك في كونها قد تحجم عن ان تقدم للباحثة التسهيلات الممكنة في الحصول على الخدمات المتصلة بالبحث العلمي سواء اكان يتصل بجمع المعلومات ام كان يتصل باجراء التحليل والاحصاء أم كان يتصل باستعمال المختبرات في حالة البحوث التطبيقية ولكن يمكن القول ان المكتبات الجامعية والمكتبات العامة لا تتاح فيها للباحثات فترة زمنية مساوية او مقاربة للفترة التي تتاح للباحثين ومن الآراء المتميزة في هذا المجال ما طرحته الاستاذة فوزية الجلال من مكتبة الملك عبدالعزيز العامة القسم النسائي فقد تحدثت عن الباحثة وموقعها في العقود الاخيرة فقالت:
لا شك ان اهتمام المرأة بالبحث سواء في الدراسات الانسانية او العلمية التطبيقية، قد تنامى كثيرا في المجتمع الاكاديمي خلال ثلاثة العقود الاخيرة، تؤكد ذلك احصائيات المنتسبات لبرامج الدراسات العليا في الجامعات والكليات، عاما بعد الآخر، هذا خلاف النشاط البحثي للاستاذة الجامعية، رغم ما تفصح عنه الباحثة في العديد من صور التعبير ووسائله، عن كم كبير من المعوقات التي تعترض سبيل عملها البحثي، من ذلك ما اشارت اليه الدكتورة/ سعاد المانع الاستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، في دراسة لها عن المرأة والبحث والمعوقات عن ان الباحثة الاكاديمية تعاني من معوقات مصدرها بعض انظمة وقوانين الجامعات، والتي وضعت ملائمة لظروف الرجل ولم تحسب حسابا للمرأة..هذا خلاف المعوقات الفردية والمنهجية والمجتمعية التي تحد فعلا من نشاط الباحثة وطموحها العلمي.
اما من يقرأ لمن؟ فهذا شأن آخر لا يخلو من شجن، فمازالت الثقة في المرأة الكاتبة بشكل عام مهمشة، وعليه تتضاءل الشريحة القارئة لانتاجها مقارنة بالرجل الوفير الانتاج نسبيا، في ظل ظروف ليس موضوعها هذه العجالة بلاشك ، ومع تسليمنا بأننا مجتمع ذكوري فيبدو ان لا خلاف على هذه النتيجة وهذا لا يمنع الاشارة الى المنجزات البحثية، لعدد من الباحثات السعوديات اللواتي حققن سبقا عالميا واضافة نوعية في مجالات بحثية متميزة.
* جامعة الملك سعود - كلية الآداب
|
|
|
|
|