| محليــات
** هناك البعض من الناس.. همه وهاجسه أموره الشخصية.. والشخصية فقط.. فمهما عمل.. ومهما تحرك.. فإن همه الأوحد هو مصالحه الشخصية ليس إلا..
** ويقال كمثال في هذا المجال.. إن أهالي إحدى المدن الصغيرة سمعوا أن الرئاسة العامة لتعليم البنات تتجه لفتح كلية عندهم.. بعد أن أدركت الرئاسة حجم حاجتهم للكلية.. وأدركت حجم معاناة هذه المدينة وما حولها من عدم وجود الكلية.
** وأدركت حجم العناء الذي تلاقيه كل طالبة ينقلها الأتوبيس يومياً من منزلها قبل الفجر إلى أقرب مدينة يوجد بها كلية.
** غير أن الرئاسة تفاجأت بطلب مقدم من أهالي المدينة يقولون إنه لا داعي لهذه الكلية.. وإن أهل المدينة الصغيرة «ما يبون كلية» وإن الرغبة في فتح الكلية غير قائمة.. وإن الكلية في المدينة المجاورة تقوم بالواجب ولم تقصر.
** الطلب هذا موقع من أهالي هذه المدينة.. وهو طلب يثير الاستغراب حقيقة.. ولكن يزول هذا الاستغراب متى أدركت ان السادة الموقعين على هذا الطلب و«الممثلين» للمدينة.. والمطالبين بحقوقها.. والحريصين على مصالحها.. هم سائقو «الباصات» التي تنقل الطالبات حيث أدركوا أن مصالحهم مهددة.. وأنهم قد يفقدون هذه «المصيلحة» في أي وقت.. لهذا.. فإن مصلحتهم الشخصية فوق مصلحة المدينة.. وفوق التعليم.. وفوق كل شيء.
** لقد تحول سائقو الباصات إلى «كْبارِيِّة» ووجهاء.. والذي حولهم إلى ذلك.. هي مصالحهم فقط.
** ونتيجة هذا الاعتراض بالطبع.. أن الرئاسة اقتنعت بهؤلاء المراجعين الذين يشكلون مجموعة ويدعون أنهم الأهالي.. ونزلت عند رغبتهم ونقلت الكلية إلى بلدة أخرى مجاورة.. وحُرمت بلدتهم من الكلية.. نتيجة «كبارية الجماعة.. سائقي باصات نقل الطالبات؟!!».
** ونحن بالطبع.. لا نلوم الرئاسة.. كما لا نلوم أي جهة أخرى.. لأن أمامها مجموعة من الناس يحملون بطاقات أحوال.. ويلبسون بشوتاً.. ويتحدثون بصوت عالٍ ويقولون.. بلدتنا لا تحتاج الآن إلى كلية.. والكلية التي في البلدة القريبة تفي بالغرض.. وابحثوا لنا عن مشروع آخر.. حتى لو كان «مواقف تكاسي».
** لقد نجح هؤلاء «الكبارية» في اعتراضهم.. مثلما نجح غيرهم في «زحلقة» مشاريع أخرى.. و«شِيْلَةْ» المدير الفلاني.. من أجل أن يقال في القرية أو المدينة الصغيرة.. إن فلاناً أو «أبو فلان» أوقف المشروع الفلاني.. و«شال» المسؤول الفلاني.. وله صوت مسموع.. أو كما يقول العوام «مهوب سهل.. ياصلْ؟!».
** إن على الإنسان أي إنسان أن يترفع عن الأنانية المفرطة.. ويدرك أنه جزء من مجتمع.. وعليه أن يكون عنصراً فاعلاً فيه.
** كما يجب أن يعي.. أن عضويته في هذا المجتمع.. تحتم عليه العطاء والعطاء والعطاء وليس الأخذ فقط.. فالمجتمع أخذ وعطاء..
** والإنسان الأناني.. لا تقتصر أنانيته على مجتمعه فقط.. بل قد تتعدى إلى ما هو أخطر وأخطر.. فقد يكون أنانياً ضد إخوته الأشقاء أو ضد والديه وهذا أخطر.
والتجرد من الأنانية قد يبدو سهلاً عند الكثير.. وقد يبدو صعباً عند البعض.. وربما بدا مستحيلاً عند البعض الآخر.. فهذا إنسان خيِّر معطاء.. وهذا إنسان «كاف خيره وشره» وهذا إنسان كله أخذ وأخذ فقط.
** حتى الطلبة في المدارس.. يقولون عن زميلهم هذا أو ذاك «إنه أناني» «إنه رزيل».
فالإنسان يُوصف بالأنانية منذ صغره.. وتظل هذه الصفة الذميمة تلاحقه طوال حياته.. ما لم يحاول التخلص منها قدر الإمكان.
** ليس هناك أسوأ من الأنانية و«كل ديرة.. فيها حقها من المقاريد».
|
|
|
|
|