| عزيزتـي الجزيرة
اطلعت على لقاء الفنان المقتدر محمد العلي الذي نشر في الصفحة الفنية بجريدة الجزيرة الغراء يوم الأحد 3 من ربيع الآخر 1422ه ، 24 يونيه 2001م العدد 10496.
وبعد قراءة ما نشر مرات عدة أود أن أدلي بدلوي بخصوصه، والذي لا يخامرني الشك بأن الجزيرة الغراء التي تحمل قلب الوطن الغالي تفتح قلبها للجميع متخذة سياسة الرأي للجميع، وأنا هنا لست بصدد كيل المديح للجريدة العريقة. بيد أن الشيء بالشيء يذكر. أقول: إن اللقاء مع الفنان المقتدر بتوفيق الله محمد العلي كان لقاء ناجحاً وموفقاً، وصريحاً فنحن بحاجة إلى مثل هذه اللقاءات البعيدة عن التقليدية المملة، فآمل أن يتسع صدر كل من الاستاذ الأخ عبدالرحمن اليوسف، والفنان الأخ محمد العلي رغم توتر اللقاء بين أسئلةالأخ عبدالرحمن اليوسف وإجابات الفنان الأخ محمد العلي.
ومن وجهة نظري أن ما جعل اللقاء منفعلاً هو من خلال طرح السؤال الأول وما نصه:
< أنت مازلت تواصل تقديم المسلسل «خلك معي»، هل ترى أن هذا المسلسل يليق بفنان بحجم محمد العلي؟
فالمسلسل «خلك معي»، عبر حلقاته عرض لعديد من المشكلات الاجتماعية والحكايات الشعبية والأساطير الشعبية ايضا والمواقف الاجتماعية الإنسانية التي ينبغي الإشادة بها لتكون قدوة للأجيال على مر العصور حيث يفيض مجتمعنا العربي السعودي الأبي معيناً لا ينضب بالإنسانية التي يدعمها تمسك هذه البلاد بشريعة الله قيادة وشعباً.
وعالج المسلسل هذه الأمور وجسدها درامياً. مع فوارق اساليب التشخيص بين الكوميديا «الملهاة»، وبين التراجيديا «المأساة»، وكان أسلوب المعالجة هذه متأرجحاً بين التفوق والتوسط وهذا أمر طبيعي من وجهة نظري الشخصية. كما في الحياة والممارسات اليومية. فقد ننجح أو قد نخفق عندما نريد توصيل فكرة معينة لقريب أو صديق، وهذا يعني أن نستمر. لا أن نتوقف! ومحمد العلي قد استطاع أن يجسد ما يسمى الكوميديا السوداء وكمثال في حلقة «عفوا نحن الطيبون . من خلك معي»، عندما شخص الرجل الكريم البسيط المتسامح.
ومجتمعنا ولله الحمد مليء بأمثال هذا الرجل، ومن هنا استطيع أن أقول أن الدراما كما هو في العرف الفني انها محاكاة الواقع وليست الواقع نفسه فتخضع القصة أو الأسطورة أو الحكاية. إلى من يقوم بصياغتها درامياً . ودليل هذا ما يتوارثه المجتمع من موروث ثقافي واجتماعي خاصة فيما يتعلق بالأساطير الشعبية. تختلف في الأسلوب من منطقة إلى أخرى بيد اننا نجد الهدف واحداً وهذا يندرج على المعالجة الدرامية وفق رؤية شخصية للكاتب . وليست بالضرورة أن تمثل وجهات نظر الآخرين . أو المتلقين بل إن ما ينشغل به المتلقي هي الحبكة الفنية التي تحاكي الواقع خلال السيناريو والحوار ، وتدفق العقد ليأتي بعدها الانفراج أو الحل وهنا أثق تماماً أن صدر الفنان الأخ محمد العلي يتسع لما هو أبعد من النقد.. فأنا كمشاهد ما أراه في رمضان من مسلسلات. هي مجرد تواجد فقط! من أجل التنافس المحموم وأصبحت عبارة عن سلق بيض بل هي أسرع؛ لذا تأتي القيمة الفنية متأخرة وخاوية في كثير من أعمالنا الدرامية للمناسبات. لذا يكون أثر مثل تلك الأعمال سريع الزوال ولا يترك أثراً نفسيا لدى المشاهد على العكس من ذلك عندما يحمل الفنان هم جمهوره وانه واحد منهم. ويبذل ما يستطيع للوصول إليهم ولو بأبعد الطرق شريطة أن تكون طريقاً آمنة له ولهم وهو الرقي بعقولهم والسمو الفني بالكلمة والتعبير وعدم المبالغة المملة أو التهويل المزمن. أعود وأقول: فإذا حشدنا جهودنا فقط في مسلسلات رمضانية فإننا لن نتقدم خطوة واحدة وسنظل نراوح ونكرر انفسنا فعلى امتداد عالمنا العربي عمالقة في التمثيل، نادراً ما نراهم في رمضان، ومع هذا يتربعون على قمة الدراما.
فوزارة الإعلام لم تقصر وهي تدعم الأعمال الدرامية ولكن يبقى دورنا نحن في البحث عن ماذا نقول ومتى نقول وكيف نقول؟ فبلادنا تشهد قفزات تطويرية ولسنا بحاجة لشهادة أحد. بل لدينا قناعات داخلية تجعلنا نفخر بها. فيجب أن تواكب الدراما هذا التطور وتظهره بأساليب فنية بعيدة عن المباشرة أو الاحصاء وتقديم الجوانب الإيجابية وهذا لا يمنع من تشخيص الجوانب السلبية أو الممارسات الخاطئة في المجتمع مع الاهتمام بمآثر المجتمع الخيرة التي تدعو للفضيلة والحب والولاء وهنا أدعو الفنان المقتدر محمد العلي إلى الانطلاق إلى آفاق التجديد والتحديث فهو جدير ويملك من الأحاسيس الفنية ما تجعله يؤدي رسالته بثبات فأنا أعرفه فناناً لديه نرجسية وقدم عدداً من الوجوه الشابة التي تعد بمستقبل مشرق للدراما في وطننا الغالي وهنا أضع كافة إمكاناتي دون مقابل من خلال الأفكار في كل ما يخدم محمد العلي الفنان المخلص لشغله الفني.
فهد الفريدي
مؤلف ومخرج مسرحي حائل
|
|
|
|
|